القاهرة، 20 آب/أغسطس 2013 - أعرَبَت منظمة الصحة العالمية عن مشاعر الدهشة البالغة والقلق العميق إزاء انزلاق معظم الأعمال الدرامية التي عُرضَتْ على شاشات القنوات التليفزيونية في إقليم شرق المتوسط خلال شهر رمضان إلى درجة غير مسبوقة من الترويج لمنتجات التبغ بكافة أشكالها، من السجائر والشيشة (النرجيلة)، رغم ما هو معلوم عن الأخطار الصحية الجسيمة لتعاطي التبغ، ورغم انتهاك مشاهد الترويج تلك لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ.
ولاحظَت المنظمة بكثير من الأسف شدّة الإسراف في تقديم مشاهد المدخنين دون أي مبررٍ، والأخطر أن ذلك يتم دون ظهور تحذير على الشاشة من أضرار التدخين. وكان من المفاجئ في دراما رمضان لهذا العام أنه بعض الممثلين ممن عرف عنهم عدم التدخين لم تفارق السيجارة مشاهدهم، ولو دون إشعالها، أو باستخدام سجائر إلكترونية وكأنها إعلان مقصود عن السجائر. وتثير هذه الممارسات التساؤل حول العلاقة بين شركات التبغ وشركات الصناعة الدرامية حيث إن الزج بمشاهد تعاطي التبغ بهذا الشكل المكثف في شهر رمضان الذي ترتفع خلاله نسبة المشاهدة للأعمال الدرامية هدفه الترويج لاستخدام التبغ بين الفئات العمرية المختلفة. ولا شك أن للقنوات التلفزيونية مسؤولية مباشرة في السماح لأعمال من هذا النوع بالظهور خلال رمضان.
وعلى الرغم من تخصيص اليوم العالمي لمكافحة التبغ لعام 2013 لحثّ الحكومات ومختلف الشركاء على المنع الكامل لكل أشكال وصور الدعاية والترويج والرعاية للتبغ، تنفيذاً لنصوص الاتفاقية الإطارية، إلا إنه من المخيب للآمال أن جاءت الدراما التلفزيونية خلال شهر رمضان - أي بعد أسابيع قليلة من اليوم العالمي للامتناع عن التبغ - لتضرب عرض الحائط بكل التحذيرات التي أطلقتها المنظمة مراراً وتكراراً عن خطورة الترويج للتبغ في الدراما، لما له من أثر في رفع معدلات استهلاك التبغ في الإقليم.
لقد أصبح اتخاذ إجراءات حاسمة في جهود مكافحة التبغ وحظر الترويج له قائلاً التزاماً قانونياً للدول، سواءً من خلال الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، أو من خلال الإعلان الأممي لمكافحة الأمراض غير السارية الذي وضع مكافحة التبغ للمرة الثانية على قمّة جدول أعمال الصحة الدولية.
وقد أكد الدكتور علاء الدين العلوان المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية "أن محاولات صناعة التبغ في الإقليم استهداف الشباب من خلال الترويج للتبغ والتشجيع على تعاطيه تنذر بخطر داهم". وأضاف المدير الإقليمي أنه إزاء هذا الوضع، "تعكف منظمة الصحة العالمية حالياً على دراسة عدد من الأعمال الدرامية فيما يتعلق بالترويج للتبغ وأنماط السلوك الأخرى التي تهدد الصحة العامة، والتي حفلت بها الدراما هذا العام، بهدف رصد هذه الممارسات رصداً علمياً دقيقاً. وسنطلق نتائج التقرير أثناء اجتماعات الدورة الستين للّجنة الاقليمية لشرق المتوسط، وهي الاجتماع السنوي لوزراء الصحة بالإقليم والمزمَع عقدَها في سلطنة عُمان خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل".
وقد ثبتت يقيناً العلاقة المطردة بين زيادة مشاهد استخدام التبغ في الدراما بأنواعها المختلفة وبين زيادة استهلاك التبغ، خاصة بين الشباب. ويعاني إقليم شرق المتوسط أصلاً من معدلات استهلاك عالية جداً للتبغ بين الشباب من الجنسين، وبين البالغين أيضاً، حيث بلغت مستويات الاستهلاك بين الرجال المدخنين معدلات شديدة الارتفاع، تتراوح بين 52%(تونس) و38% (باكستان)، وبلغت معدلات الاستهلاك بين النساء المدخنات11% (اليمن) و6% (الأردن) بينما تتراوح هذه المعدلات بين الشباب في الفئة العمرية من 13-15 سنة 40% (لبنان وقطر) و20% في معظم بلدان الإقليم. وبالمثل بلغت هذه المعدلات بين الفتيات من الفئة العمرية ذاتها 30% (لبنان)، وتراوحت بين 10-20% في أغلب بلدان الإقليم.
وتَنُص المادة 13 من الاتفاقية الإطارية صراحةً على التزام كل طرف من أطراف الاتفاقية بالحظر الشامل على "الإعلان عن التبغ والترويج له" و"رعايته"، والتأكيد على أن هاتين العبارتين لا تقتصران على الأعمال التي هدفها الترويج فحَسْب، ولكنهما تشملان كذلك الأعمال التي لها، أو يحتمل أن يكون لها، تأثير على الترويج ولا يقتصر ذلك على الترويج المباشر بل يشمل أيضاً الترويج غير المباشر. وعلى هذا فإن ممارسات الدراما التلفزيونية تعتبر خرقاً صريحاً للاتفاقية الإطارية ومن ثمَّ فإنه لا شك في أن جميع أطراف الاتفاقية الإطارية مطالبون بالالتزام بالتطبيق الجاد لهذه النصوص.
وتدعو المنظمة صناع الدراما والمشاركين فيها للتصرف المسؤول حيال هذا الوضع، وأفضل السبل الامتناع الكامل عن إدراج مشاهد استعمال التبغ في الأعمال الدرامية ويليها تطبيق حلول مبتكرة في أعمالهم لحماية الناس وخاصة اليافعين من الآثار السلبية لمشاهد استخدام التبغ، مثل وضع تحذيرات صحية تظهر كشريط إخباري أثناء عرض مشاهد التبغ، وإلي تطبيق نُظُم التصنيف العمري للمشاهدين إذا ما تضمَّن العمل الدرامي مشاهد لاستهلاك التبغ.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية إن التصدي لأنشطة الترويج للتبغ قضية محورية في تحسين الأوضاع الصحية لسكان اقليم شرق المتوسط وتدعو المنظمة كل الاطراف من حكومات وراسمي السياسات ووزارات الإعلام إلى الأجهزة الرقابية ومؤسسات المجتمع المدني وصناع للدراما إلى تحمل مسؤولياتهم للقضاء التام علي الترويج والدعاية والإعلان والرعاية للتبغ في إقليم شرق المتوسط، والذي قد يتطلب حلولا تشريعية حاسمة.