تُعرب منظمة الصحة العالمية عن قلقها الشديد لتدهور الأوضاع الأمنية في الجمهورية العربية السورية وما أدَّى إليه ذلك من تداعيات على تقديم الرعاية الصحية للسكان المتضررين.
فلايزال العاملون الصحيون يعانون من التحديات التي تواجههم وتمنعهم من الوصول إلى أماكن عملهم، وفي بعض المناطق، يتعذَّر على ما يزيد على 70% من العاملين الصحيين الوصول إلى أماكن عملهم في غالب الأحيان بسبب عدم انتظام وسائل النقل، وانقطاع الطُرُق، أو تعرضهم إلى المخاطر، وازدياد أعداد نقاط التفتيش المسلحة، والقنَّاصين، واندلاع القتال في الشوارع دون إنذار سابق.
ورغم الإدانة الشديدة من قِبَل منظمة الصحة العالمية ومن قِبَل المجتمع الدولي، فإن الهجمات على العاملين الصحيين وعلى المستشفيات وعلى البنيَة الصحية التحتية، تتواصَل في العديد من أرجاء سورية.
إن العقبات الرئيسية التي تعيق تقديم الخدمات الصحية كثيرة، ومنها صعوبة الوصول إلى المناطق المتضرِّرة، وفَقْد الفضاءات المخصصة لأعمال الإغاثة الإنسانية، ونقص العاملين الصحيين، والأدوية، والإمدادات، في الكثير من المستشفيات والمرافق الصحية في جميع أرجاء سورية. ومن بين التحديات الإضافية التي تُواجه تقديم الرعاية الصحية استمرار أعمال العنف، والتحركات السكانية الضخمة، سواءاً داخل سورية أو منها باتجاه البلدان المجاورة.
ورغم هذه العوائق، فإن منظمة الصحة العالمية تلتزم التزاماً كاملاً بتلبية الاحتياجات الصحية للسوريين المتضررين من الأزمة، وذلك بما يتوافق مع مبادئ أعمال الإغاثة الإنسانية من الحيادية وعدم الانحياز إلى طرفٍ دون آخر.
وقد سَعَت منظمة الصحة العالمية إلى التعرُّف على المجالات التي تكون فيها الخدمات والإمدادات الصحية أكثر إلحاحاً من غيرها، فساهمَت في البعثات المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة إلى المستشفيات وإلى المرافق الصحية في المناطق الصحية في جميع أرجاء سورية. كما جال شركاء منظمة الصحة العالمية مع الصليب الأحمر العربي السوري وأكثر من 22 منظمة غير حكومية محلية في أرجاء سورية للتعرُّف على الاحتياجات وتقديم الأدوية والإمدادات الطبية ذات الأهمية الحاسمة.
وحتى هذا التاريخ، فإن منظمة الصحة العالمية قد قدَّمَت الأدوية والإمدادات الطبية لـ 1.3 مليون نَسَمَة من السوريين المتضررين من الأزمة، ومنهم من يتلقّى العلاج لإصابته بأمراض مزمنة مثل السكّري والسرطان، والذين لم يعودوا قادرين على مواصلة المعالجة بسبب نقص الأدوية المنقذة للأرواح. وفي آذار/مارس 2013، أعدَّت منظمة الصحة العالمية قائمة محدَّثة من الأدوية التي تَمَسُّ الحاجة إليها لإنقاذ الأرواح، وأدوية السرطان، والأدوات الطبية المستهلَكة؛ إلا أنه نظراً لعدم توافر المزيد من الدعم من قِبل مجتمع المانحين الدوليين بما يكفي لشراء تلك الأدوية والإمدادات، فإن الحاجات الملحَّة لاتزال تنتظر من يلبِّيها.
أما في البلدان المجاورة لسورية، فإن أعداداً متزايدة من اللاجئين تزيد من الأعباء على كاهل النُظُم الصحية الوطنية التي كانت تنوء أصلاً بقدرٍ ثقيل منها؛ وتعمل منظمة الصحة العالمية مع السلطات الوطنية ومع الشركاء من أجل إتاحة خدمات صحية عالية الجودة للسوريين في المستويات الأولية والثانوية والثالثية، مع العمل على إنقاص التأثيرات السلبية التي تقع على النُظُم الصحية الوطنية إلى أقل قدرٍ ممكن. وإلى وقتنا هذا، فإن الحكومات المستضيفة قدَّمَت الخدمات الصحية للسوريين المسجّلين لديها مجاناً، إلا أنه بدون تلقّي دعم إضافي من المجتمع الدولي، فإن قدراتها على مواصلة ذلك محدودة.
وتعمل منظمة الصحة العالمية على تنسيق استجابتها التقنية والميدانية للأزمة السورية فأسست فريق دعم الطوارئ في عمَّان، وستزيد من حضورها على الأرض من خلال تأسيس مكتب ميداني في جنوب تركيا ليقدِّم الدعم التقني للشركاء في الصحة الذين يعملون في تلك المنطقة.
ومع تدهور الوضع في سورية أكثر فأكثر، يصبح من الضروري حماية العاملين الصحيين وتسهيل وصولهم لأماكن عملهم لتقديم الخدمات الصحية دون التعرُّض للمخاطر.
إن منظمة الصحة تكرِّر إدانتها للهجمات على العاملين في الرعاية الصحية والمرافق الصحية، وتدعو جميع الأطراف لضمان وصولهم إلى أماكن عملهم لتقديم الخدمات الصحية التي تمسّ الحاجة إليها لجميع السوريين المتضررين من الأزمة.