12 أيار/مايو 2013 - يُجمع العالم على أن ظهور الفيروس التاجي (كورونا فيروس) الجديد يمثل تحدّياً هام وكبير أمام جميع البلدان سواءً منها مَن تأثّر بالفيروس بالفعل ومن لم يتأثر به بعد. ومع ظهور حالات إصابة بهذا المرض في المملكة العربية السعودية دعت وزارة الصحة بالمملكة منظمة الصحة العالمية للتعاون معاً على تقييم الوضع وتقديم المشورة والتوصيات. ويُسعد منظمة الصحة العالمية أن تعمل مع المملكة العربية السعودية في هذا المجال.
وفي الوقت الراهن، أصبح لدينا فهم أفضل لهذا المرض الجديد، إلا أنني أَوَدُّ تذكير الجميع بأن هذا المرض هو عدوى جديدة، وأن هناك الكثير من الثغرات في المعلومات المتاحة لدينا، والتي نحتاج وقتاً لملئها.
لقد بات معروفاً أن سبب المرض هو فيروس من مجموعة تسمى الفيروسات التاجية (كورونا فيروس)، وأن أحد أفراد هذه الفصيلة كان الفيروس المسبب للعدوى التنفسية الحادة أو الوخيمة (سارس)، إلا أن هذا الفيروس ليس هو فيروس السارس، وهناك اختلافات بين الفيروسين، وإن كانا في الحقيقة قريبان من بعضهما، الأمر الذي يثير القلق في العالم. ونحن نعرف أن الفيروس التاجي (كورونا فيروس) أصاب الناس بالعدوى منذ عام 2012، إلا أننا لا نعرف أين يعيش هذا الفيروس.
ومن المعروف أيضاً أنه عندما يصاب الناس بالعدوى، فإن الكثير منهم يعانون من التهاب رئوي حاد أو وخيم، إلا أننا لا نعرف كم من المصابين بالعدوى لن يتطور لديهم إلا مرضُ طفيف فقط. ونحن نعرف أن معظم الذين التقطوا العدوى حتى الآن هم من المسنّين، وأن من الغالب أن يكون لديهم مشكلات صحية أخرى، إلا أننا لسنا متأكدين من سبب رؤيتنا لهذا النمط، وفي ما إذا كان سيتغير مع مرور الوقت.
هنالك الكثير من الأمور الأخرى التي لا نفهمها، ومنها على سبيل المثال، كيف يصاب الناس بالعدوى؟ هل تنتقل العدوى إليهم من الحيوانات؟ أم من الأسطح الملوثة؟ أم من أناس آخرين؟ وأخيراً، فنحن لم نفهم بَعْد كيف سينتشر هذا الفيروس، سواءً في هذا الإقليم أم في البلدان الأخرى.
إلا أن القلق الأكبر على الصعيد العالمي ناتج عن مدى قدرة هذا الفيروس الجديد على الانتشار، ومصدر هذا القلق يعود جزئياً إلى أن هذا الفيروس قد سبَّب بالفعل مرضاً شديداً أو وخيماً في العديد من البلدان، ورغم أن أعداد المرضى قليلة، إلا أنه واصل وجوده في الإقليم منذ 2012. ولعل أكثر ما يثير القلق حقيقةً هو أن ظهور المرض في مجموعات عنقودية مختلفة في بلدان متعددة تدعم النظرية التي تقول بأن المخالطة اللصيقة قد تسبِّب انتقال الفيروس التاجي (كورونا فيروس) من شخص لآخر. إن نمط الانتقال من شخص لآخر لايزال محدوداً حتى الآن في مجموعات عنقودية صغيرة، ولا توجد بيِّنات على أن لهذا الفيروس القدرة على مواصلة الانتقال المتعمم في المجتمعات.
وفي هذه النقطة، ينبغي القيام بإجراءات متعددة وملحَّة؛ ولعل أهمها هو أن على البلدان، داخل الإقليم وخارجه، أن تزيد من مستويات الوعي بين الناس ولاسيَّما بين العاملين في النُظُم الصحية، وأن عليها أن تزيد من مستويات الترصُّد لهذه العدوى الجديدة. وقد لاحظنا، في المملكة العربية السعودية أهمية الترصُّد عندما يجرى على أكمل وجه، فعند اكتشاف حالة جديدة، يكون من المحتَّم الإبلاغ عنها وعن المعلومات ذات الصلة بها على وجه السرعة إلى منظمة الصحة العالمية، وذلك تلبيةً لأحكام اللوائح الصحية الدولية (2005)، لأن ذلك هو الأساس في إصدار التنبيهات، والإنذارات، والتأهُّب، والاستجابة الفعَّالة على الصعيد الدولي. كما ينبغي على البلدان تقييم ما لديها من مستويات التأهُّب والجاهزية للتصدِّي لاحتمال انتشار الفيروس؛ وعليها أيضاً تكثيف الجهود في تقوية القدرات الأساسية التي حددتها اللوائح الصحية الدولية (2005) إذا لم تكن تلك القدرات كافية.
إن منظمة الصحة العالمية على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة للبلدان في الإقليم وخارجه لإنجاز هذه المهام.
وهناك أيضاً بعض الأسئلة التي ينبغي الإجابة عليها بسرعة، ومنها كيف يصاب الناس بالعدوى؟ وما هي عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بالعدوى أو للتفاقم إلى مرض شديد أو وخيم؟ ولعل في الإجابات على هذه الأسئلة مفاتيح الوقاية من العدوى.
وفي الختام؛ نَوَدُّ أن ننوِّه بأن حكومة المملكة العربية السعودية أخذت الوضع المتعلق بالفيروس التاجي (كورونا فيروس) الجديد بجدية تامة. وقد شَرَعَت وزارة الصحة بالفعل في إجراءات صارمة في الصحة العمومية، ومنها تكثيف الترصُّد، والبدء بالتقصّيات وبالبحوث الهامة، وفرض تنفيذ تدابير المكافحة.
ولعل أحد أسباب كشف المزيد من الحالات في المملكة العربية السعودية يعود إلى أنها حققت تقدُّماً ملحوظاً في تقوية نظام الترصُّد، وفي قدرات المختبرات، وفي إنشاء الشبكات.
وأخيراً إن الخطوات القوية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية لحماية شعبها، وإن ما لدى المملكة من خبرات ومن معارف اكتسبتها من كونها أول من تصدي لهذه العدوى الجديدة، يمكن أن تفيد بقية العالم.