الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، و بعد
فإن حفظ النفس والنسل من مقاصد الشريعة الإسلامية. وقد بين الله سبحانه وتعالى أن التفريط في حماية الأبناء من الأمور التي حرمها مصداقاً لقوله تعالى: " قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ، قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ " (آية 140 من سورة الأنعام).
وأن "من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"(آية 32 من سورة المائدة)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء). رواه البخاري.
إن أعضاء الفريق التشاوري الإسلامي العالمي لاستئصال شلل الأطفال، قد اجتمعوا في جدة، بالمملكة العربية السعودية يومي 26-27 ربيع الثاني الموافق 26-27 شباط/فبراير 2014 م برعاية مشتركة من كل من مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والأزهر الشريف، ومنظمة التعاون الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية ؛
وقد أخذ الفريق في الاعتبار؛
أ) القرارات المتعلقة بصحة الطفل واستئصال شلل الأطفال التي اعتمدتها مؤتمرات القمة الإسلامية، والمؤتمرات المختصة لمنظمة التعاون الإسلامي بما فيها مؤتمرات مجلس وزراء خارجية الدول الإسلامية، ومؤتمرات وزراء صحة الدول الإسلامية؛
ب) إعلان الأزهر الشريف حول التضامن مع أطفال الأمة الإسلامية، والذي صدر في السادس من آذار/مارس 2013 ؛
ج) الفتاوى والبيانات الصادرة عن مجامع الفقه الإسلامي وهيئات الإفتاء وكبار العلماء في العالم الإسلامي والمستندة على أحكام الفقه الإسلامي حول سلامة وأهمية تطعيم الأطفال ضد مرض شلل الأطفال؛
د) الدعم المالي الكبير الذي تقدمه الدول الإسلامية والهيئات المالية الإسلامية بما فيها البنك الإسلامي للتنمية لتنفيذ أنشطة التطعيم الجماعي ضد شلل الأطفال في الدول الموطونة وغيرها من البلدان المتضررة من شلل الأطفال؛
ه) القرارات التي اعتمدتها جميع الدول - بما في ذلك الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي - في جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2012 لإعلان استئصال شلل الأطفال حالةَ طوارئ عالمية في مجال الصحة العمومية؛
وإذ أخذ في الاعتبار الالتزام والجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومات في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لاستئصال شلل الأطفال؛
وإذ أُحيط علماً بأن من بين حالات شلل الأطفال المبلغ عنها في ثماني دول في عام 2013م، وعددها 403 حالة، كان حوالي 95 في المئة من الأطفال المصابين بالشلل يعيشون في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وكان عددٌ كبير منهم من باكستان والصومال ونيجيريا وسورية وأفغانستان؛
وإذ قدِّر مدى التقدم المُحرَز في أفغانستان ونيجيريا في عام 2013م ، وما أدى إليه من إنقاص عدد حالات شلل الأطفال بمقدار يزيد على 60 في المئة عن ما كان عليه في 2012 ، وإذ أدرك التحديات التي يواجهها برنامج استئصال شلل الأطفال في باكستان والصومال والتي أدت إلى زيادة عدد الأطفال الذين أصيبوا بالشلل بسبب العدوى بفيروس شلل الأطفال في هذه البلدان؛
وإذ أقِرّ بمدى إلحاح مطلب الإيقاف العاجل لانتشار فيروس شلل الأطفال في البلدان المتضررة من هذا المرض، وإذ أدرك ضرورة العمل على الإيقاف العاجل لانتشار فيروس شلل الأطفال في البلدان المتضررة منعا لإمكانية زيادة تفشيه
وإذ لاحظ ما يتعرض له العاملون في المجال الصحي في بعض البلدان المتضررة من شلل الأطفال، من مضايقات تعيقهم عن أداء مهامهم وتهدد حياتهم ، ولما لذلك من تأثير سلبي على برامج التطعيم وأداء الفرق الصحية وعلى إقبال أولياء الأمور مما يعوق الوصول إلى الأطفال المستهدفين؛
وإذ أدرك بأنه لا تزال هناك أوهام حول هدف حملات التطعيم، وأن لتلك الأوهام تأثيراً بالغاً على تقبُّل بعض المجتمعات للتطعيم ضد شلل الأطفال والوصول إلى الأطفال في تلك المجتمعات ؛
فإن، أعضاء الفريق التشاوري الإسلامي العالمي لاستئصال شلل الأطفال- وبعد مراجعة ما يتعلق باستئصال شلل الأطفال، من مختلف الجوانب؛ الشرعية، والثقافية، والاجتماعية، والصحية، واستعراض الشكوك والشبهات التي أثيرت، واستناداً إلى معرفتهم، والمعلومات التي قدمها الخبراء الموثوقون في المجال الصحي- يعلنون ما يلي:
1. إعادة التأكيد وبقوة على أهمية التضامن الإسلامي في التصدي لوباء شلل الأطفال، وعلى دعم الجهود العالمية لاستئصاله، ويقرون بأن ذلك يتوافق مع المبادئ الإسلامية والأحكام الشرعية؛
2. الإشادة بنجاح 54 دولة من بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي البالغ عددها 57 دولة، في إيقاف انتشار فيروس شلل الأطفال معتمدة في ذلك لقاحات شلل الأطفال الفموية نظراً لسلامتها و فعاليتها، وأيضا لاستخدام نفس هذه اللقاحات من طرف حكومة المملكة العربية السعودية لتطعيم جميع القادمين إليها لأداء فريضة الحج أو العمرة من الدول التي توجد فيها حالات شلل الأطفال؛
3. الإعراب عن القلق الشديد من أن الغالبية العظمى من الأطفال الذين أصيبوا بالشلل بسبب العدوى بفيروس شلل الأطفال في عام 2013م كانوا من العالم الإسلامي، ويتألم الفريق من معاناة هؤلاء الأطفال الأبرياء الآن من العجز الذي سيرافقهم طيلة حياتهم رغم أنه كان بالإمكان تفاديه؛
4. مناشدة جميع المجتمعات، والحكومات، والمجتمع المدني، والمؤسسات الدينية في الدول الإسلامية إعطاء الأولوية القصوى لصحة الأطفال وعافيتهم وضمان إتاحة إيصال الخدمات الصحية المطلوبة لجميع الأطفال بما في ذلك اللقاحات ، ذلك أن الأطفال هم مستقبل الأمة، وهم عاجزون عن حماية أنفسهم، مما يفرض على جميع الآباء والأمهات والمجتمعات المحلية حماية أطفالهم من جميع الأمراض - وخاصة شلل الأطفال والإعاقة التي قد تنجم عنه وتستمر مدى الحياة- وأن تلتزم الحكومات بتوفير الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية المطلوبة للسكان؛
5. إدانة استخدام أنشطة الصحة العامة لأغراض أخرى غير تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض، ودعوة جميع المنظمات والأطراف للالتزام بالحياد الصارم عند تخطيط وتنفيذ جميع أنشطة الصحة العامة، بما في ذلك حملات التطعيم ضد شلل الأطفال؛
6. إدانة الهجمات التي تشن على العاملين في المجال الصحي لأنها تتعارض مع التعاليم الإسلامية والقيم الإنسانية، ويطلبون أن تقدم الحكومات، والمجتمعات المحلية، والمجتمع المدني والهيئات الدينية كل المساعدات اللازمة لضمان سلامة وأمن جميع العاملين في المجال الصحي الذين يؤدون واجباتهم لحماية أطفالنا من الأمراض الفتاكة، ويدعون الحكومات، والمنظمات الخيرية والأهلية والمنظمات الدولية للنظر بعين التقدير إلى الخدمات التي قدمها الذين قتلوا منهم أثناء تأدية الواجب، وإلى تقديم الدعم لأسرهم التي تعاني من جراء ذلك عن طريق إنشاء صناديق مخصصة لهذا الغرض.
.7التقدم بالشكر لحكومات الدول المعنية على الجهود المبذولة لحماية العاملين في المجال الصحي والطلب باتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان حماية حملات التطعيم بشكلٍ كامل في كل المناطق التي يصعب حالياً الوصول إليها
.8مناشدة القيادات السياسية والدينية في العالم الإسلامي العمل بشكل سريع لدعم الجهود التي ترمي إلى وقف حملات العنف ورفع كل أنواع الحظر على نشاطات التطعيم في الدول المعنية
9. دعوة وسائل الإعلام إلى إتاحة الفرص الكاملة للمختصين في المجال الصحي والديني للحديث عن القضايا التي تثير القلق لدى المجتمع فيما يخص أنشطة التطعيم ضد شلل الأطفال وإعداد ونشر التقارير الوافية عن الموضوع بما في ذلك برامج التوعية الرامية إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة وخاصةً في المناطق المحرومة من الخدمات الصحية. ومناشدة وسائل الإعلام والمنظمات المجتمعية عدم نشر المعلومات الخاطئة والشائعات التي يمكن أن تسبب الارتباك بين الآباء والأمهات، و تعرِّض حياة الملايين من الأطفال للخطروالسعي للحصول على المعلومات الصحيحة،
10. الاستفادة من المؤسسات الأكاديمية الإسلامية بما في ذلك جامعة الأزهر، والجامعة الإسلامية العالمية في باكستان، والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، في إعداد طلبة هذه الجامعات من المناطق المعنية ضمن الدول الموطونة بشلل الأطفال للمشاركة في توعية مجتمعاتهم حول أهمية التطعيم ضد شلل الأطفال ودعم تلك النشاطات
11التقدم لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، و الأزهر الشريف، ومنظمة التعاون الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية بخالص الشكر على ما تلقاه الفريق من دعم كبيرمنها في سعيه لحماية الأطفال من الأمراض، بما في ذلك شلل الأطفال.
.12 الإعراب عن جزيل الشكر و الامتنان لحكومة المملكة العربية السعودية لاستضافتها هذا الاجتماع المهم وتثمين مواقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ودعمه المتواصل من خلال الإعلان عن مبادرة مهمة لاستئصال هذا المرض من باكستان
13. الإعراب عن جزيل الامتنان للمؤسسات المالية الإسلامية والحكومات وللمساهمين من أهل الخير من المسلمين لتقديمهم التمويل لأنشطة استئصال شلل الأطفال في الدول الإسلامية، ويحثهم على الاستمرار في تقديم هذا الدعم.
.14تشكيل لجنة خاصة لدعم جهود اللجنة التنفيذية لتفعيل توصيات البيان الختامي