25 أيلول/ سبتمبر 2022 - إن إغلاق فاشية شلل الأطفال في أي بلد ليس مجرد عمل فردي. بل إن الأمر يتطلب أفرقة خبراء متعددة التخصصات تبحث في البيانات المستقاة من برامج استئصال شلل الأطفال على المستوى القُطري، لأكثر من مرة في كثير من الأحيان. فَهُم يفحصون الأدلة، ويبحثون في الأرقام لتحليل المعلومات، ويُجرون مقابلات مع العاملين الصحيين وفِرَق شلل الأطفال والسلطات الرفيعة المستوى، علاوة على أنشطةٍ أخرى، قبل التوصل إلى نتيجة.
فاشية فيروس شلل الأطفال التي ظهرت مؤخرًا في السودان
بدأت فاشية فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النمط 2 في السودان بوفادة الفيروس من تشاد المجاورة. وقد تأكدت الفاشية في آب/ أغسطس 2020، وأصابت 58 طفلًا بالشلل في 42 منطقة في 15 ولاية. وبالإضافة إلى ذلك، أثبتت الفحوص وجود فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النمط 2 في 14 عينة مأخوذة من مياه الصرف الصحي في الخرطوم، ويشير ذلك إلى سريان الفيروس هناك.
وفي إطار إطلاق استجابة قوية للفاشية، أجرى السودان حملتين عاليتي الجودة على الصعيد الوطني لإيصال لقاح شلل الأطفال الفموي أحادي التكافؤ من النمط 2 إلى الأطفال في جميع الولايات البالغ عددها 18 ولاية و184 منطقة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 وكانون الثاني/ يناير 2021. وتولَّت كل جولة، بدعم من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وشركاء آخرين، تطعيم أكثر من 8 ملايين طفل تقل أعمارهم عن 5 سنوات.
مَن يتخذ القرارات؟
في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، استهلّت بعثة افتراضية لإجراء تقييم تقني عملية تحليل غياب فيروسات شلل الأطفال في جميع أنحاء السودان. وعَرَضَ أعضاء فريق التقييم التوصيات على الفريق المعني باستئصال شلل الأطفال في السودان لمضاعفة جهودهم في جميع أنحاء البلاد.
وبعد ذلك في الفترة من 24 تموز/ يوليو إلى 1 آب/ أغسطس 2022، اضطلع فريق رسمي لتقييم الاستجابة للفاشية بالمرحلة الثانية من هذه المهمة التفصيلية، حيث زار هذا الفريق الخرطوم و6 ولايات من أصل 18 ولاية في السودان في إطار عمله.
وضم كلا فريقي المراجعة خبراء من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من ذوي المهارات والخبرات في مجال الصحة العامة العالمية، وعلم الأوبئة والإحصاءات الحيوية، والترصُّد، وإدارة اللقاحات والتواصل. وقد عمل الفريقان عن كثب مع وزارة الصحة الاتحادية في السودان، ومع موظفي الوزارة على مستوى الولايات، ومع العاملين الصحيين على المستوى الميداني.
ترصُّد شلل الأطفال في دائرة الضوء
إن إجراء مراجعة لنظام الترصّد له أهمية خاصة من أجل إنهاء أي فاشية للأمراض. وتماشيًا مع ذلك، حَلَّل فريق التقييم وظائف نظام ترصُّد شلل الأطفال ودقته في السودان لضمان عدم تفويت أي حالات إصابة بشلل الأطفال. ولاحظ أعضاء الفريق أن مؤشرات ترصُّد الشلل الرخو الحاد في السودان تفي بالمؤشرات الضرورية، وأن مواقع الترصُّد البيئي البالغ عددها 14 موقعًا في جميع أنحاء السودان تتولى جمع العينات وفحصها بانتظام بما يتماشى مع البروتوكولات الدولية.
ووفقًا للبروتوكولات الموحدة، يجمع الفريق في السودان عينات البراز من كلٍ من الأطفال الأصحاء والأطفال المصابين بالشلل الرخو الحاد. وأظهر استعراضٌ للبيانات أن جميع العينات التي جُمعت منذ 18 كانون الأول/ ديسمبر 2020 - وهو تاريخ بداية إصابة آخر طفل متضرر من الفاشية بالشلل - قد خضعت للفحص بدقة شديدة في المختبر في السودان، وأُبلِغ عنها أنها غير مصابة بفيروس شلل الأطفال، وسُجِّلَت.
وفي معرض حديثه عن دور الترصُّد في هذه العملية، قال الدكتور حامد جعفري، مدير برنامج استئصال شلل الأطفال في إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية: "يجب أن يتوخى البرنامجُ الحرص والتحفظ للغاية قبل أن يعلن انتهاء الفاشية. والعنصر الأكثر أهمية الذي يحرك هذا القرار هو جودة الترصُّد؛ وقدرة البلد على الكشف عن أي بقايا لفيروس شلل الأطفال الدائر".
نظرة عامة شاملة على جميع الأعمال التقنية
استعرضت البعثة التقنية أيضًا الوظائف الأساسية للمختبرات في السودان، وآليات إعداد البلد لأحداث أو فاشيات فيروس شلل الأطفال، والبيانات المتعلقة بمناعة السكان وتمنيع الأطفال، وبروتوكول إدارة اللقاحات.
وبعد هذا العمل المُكَثَّف، خلص الفريق المعني بالفاشية إلى أن انتشار فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النمط 2 قد توقف بالفعل، وأن الفاشية قد انتهت.
وقال الدكتور نعمة سعيد عابد، ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان: «الفضل يعود إلى مسؤولي الصحة العامة وموظفي التمنيع العاملين في الميدان. فقد أدت الاستجابة السريعة والمخطط لها جيدًا إلى تعزيز المناعة بين الأطفال واحتواء هذه الفاشية في الأشهر الأولى بعد الإعلان عنها. وعلى الرغم من انتهاء هذه الفاشية، فقد تلقينا توصيات كافية لمواصلة ترصُّد الشلل الرخو الحاد بدقة، وضمان التأهُّب والاستجابة، وتعزيز التغطية بالتمنيع الأساسي والتنسيق العابر للحدود".
وفي أثناء استخلاص المعلومات مع حكومة السودان والشركاء، أكدت البعثة مجددًا على أن السودان لا يزال مُعرّضًا بشدة لخطر انتشار فيروس شلل الأطفال، وأنه يجب الحفاظ على المستوى القوي الحالي للأداء الوظيفي والتأهّب من أجل الكشف الفوري عن أي ظهور لفيروس شلل الأطفال أو وفادة له في المستقبل والاستجابة لذلك.