خلال هذا الأسبوع العالمي للتمنيع، أصبح الهدف العالمي للقضاء على شلل الأطفال أقرب من أي وقت مضى، برغم الحاجة لمزيد من العمل لبلوغ عالم خالٍ من هذا المرض.
28 نيسان/أبريل 2016 – بدأ أسبوع التمنيع العالمي لمنظمة الصحة العالمية بهدف إذكاء الوعي الدولي بالأهمية القصوى للتمنيع الكامل من الطفولة حتى سن الرشد. وانصب التركيز الرئيسي للحملة على الفيروس المسبب للشلل؛ وهو غير قابل للشفاء، ولكن بالإمكان الوقاية منها عن طريق لقاح بسيط. ويعتبر الأسبوع العالمي للتمنيع فرصة للاحتفال بالتقدم الذي أحرز، والذي تميّز بانخفاض الحالات بمقدار 99.9% في العقود الثلاثة الماضية؛ ويدعو الأسبوع أيضا إلى زيادة الزخم من أجل التغلب على آخر الجيوب المتبقية للفيروس والقضاء على هذا المرض.
ويشعر الخبراء المعنيون بالأسبوع العالمي للتمنيع بتفاؤل حذر لأننا على وشك أن نرى نهاية قريبة جدًا للفيروس. ففي عام 2015، أُبلغ عن اكتشاف ما مجموعة 74 حالة لشلل الأطفال في أفغانستان وباكستان، وهما البلدان الوحيدان المتبقيان اللذان يتوطن فيهما شلل الأطفال، وقد انخفضت الحالات من 334 حالة مكتشفة في جميع أنحاء العالم في عام 2014.
"لقد قطعنا شوطا طويلاً منذ إنشاء المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال في عام 1988، فقد انخفض عدد البلدان التي يتوطن فيها شلل الأطفال من 125 بلدًا إلى بلدين اثنين فقط،" ذلك ما ذكره ماهر كريس، مدير الوحدة الإقليمية لاستئصال شلل الأطفال التابعة لمنظمة الصحة العالمية في عمان، الأردن. "لقد وصلنا إلى الحدود النهائية لاستئصال المرض. لا تزال هناك حاجة إلى الكثير من العمل، لكن إذا امكنا وقف انتقال العدوى بشلل الأطفال في أفغانستان وباكستان قبل نهاية عام 2016، فسيكون العالم كله في نهاية المطاف خاليًا من فيروس شلل الأطفال البري ".
وكلما تصاعد الزخم لتحقيق هذا الهدف التاريخي- وهو ثاني هدف من نوعه منذ القضاء على مرض الجدري منذ ثلاثة عقود تقريباً – تسطع الأضواء العالمية الساخنة في أفغانستان وباكستان حيث يعمل هذان البلدان على العبور بالعالم لخط النهاية في استئصال المرض.
نمو الطلب على لقاح شلل الأطفال على صعيد المجتمع
من أجل تحسين جودة حملات التلقيح وتقبل الجمهور لأهميتها، تعمل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال - اليونيسيف، ومنظمة الروتاري الدولية، ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، ومؤسسة بيل وميليندا غيتس – مع الحكومات الوطنية وزعماء المجتمعات المحلية من أجل زيادة الطلب على لقاح شلل الأطفال الفموي، ودحض الإشاعات الكاذبة المتعلقة باللقاح.
"لا تقتصر المشاركة في برنامج شلل الأطفال على المسؤولين والمهنيين الصحيين، ولكن البرنامج يحشد الدعم أيضًا من كبار علماء الدين المؤثرين على المجتمعات المحلية" ذلك ما أورده الدكتور ريتشارد بيبيركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في أفغانستان، وأضاف موضحًا "لقد عقد مؤتمر لعلماء الدين مؤخرًا في كابول ضم القيادات الدينية من جميع أنحاء أفغانستان، وأسفر عن إعلان عام لتشجيع مقدمي الرعاية على تلقيح الأطفال ضد شلل الأطفال وغيره من الأمراض التي يمكن توقيها باللقاحات. كما ستنظم مؤتمرات لعلماء الدين في خمس مناطق خلال الأشهر القادمة لزيادة تعزيز دور القادة الدينيين في الدعوة لمكافحة مرض شلل الأطفال".
وتدعم حاليًا منظمة الصحة العالمية، بجانب شركائها، تدريب 65 ألف عامل أفغاني في الخطوط الأمامية لمواجهة شلل الأطفال على منهج حديث ومنقح لتعزيز مهاراتهم في مجال التمنيع، وترصّد حالات الشلل الرخو الحاد، ومراقبة الحملات، وتعزيز الاتصالات بين الأفراد. والعاملون في الخطوط الأمامية هم أفراد من المجتمع موثوق فيهم ويرعون الأطفال في مجتمعاتهم، مما يعظم من قدرتهم على لعب دور حاسم في الدفعة الأخيرة لاستئصال شلل الأطفال.
في باكستان، تساعد الحملات الدعائية على تعزيز ثقة المجتمع في التلقيح وتوفر الحماية للقائمين بالتلقيح بغية تحسين التغطية في المناطق التي بها مجموعات من الرافضين للقاح. "برغم أن رفض اللقاح لا يمثل مشكلة واسعة النطاق في باكستان، لكن التغلب على هذه المشكلة حيث توجد يعتبر أمرًا ضروريًا لاسئصال المرض" هذا ما قاله الدكتور ميشيل ج.ج. ثيرين، ممثل منظمة الصحة العالمية في باكستان، وأضاف "إن منظمة الصحة العالمية تدعم حكومة باكستان وغيرها من الشركاء لإظهار أن القائمين بالتلقيح هم من قلب هذا المجتمع ولهم دور في صميم في الجهود المبذولة لاستئصال المرض. والقائمون بالتلقيح هم أفراد موثوق فيهم ويلقون القبول من مجتمعاتهم المحلية، وهذا يساعد برنامج مكافحة شلل الأطفال على تشجيع سلوك الآباء في السعي للحصول على اللقاح".
الخدمات اللوجستية هي العنصر الأساسي للوصول إلى مزيد من الأطفال
وبالإضافة إلى الدعوة والتوعية المجتمعية، تعمل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها باستمرار في كلا البلدين على تحسين أداء الخدمات اللوجستية من أجل الوصول إلى عدد أكبر من الأطفال خلال الحملات. وقد ساعدت التنقيحات على استراتيجية أفغانسان "لإعادة الزيارات " وإنشاء فرق ثابتة للتلقيح عند نقاط العبور الحدودية بين أفغانستان وباكستان على الوصول إلى الأطفال الذين يتنقلون بين البلدين.
"تعيد فرق التلقيح زيارة الأسر التي تغيّب أطفالها في نهاية كل يوم من أيام الحملة. وهناك أيضا يوم لإعادة الزيارات في يوم الجمعة في نهاية كل حملة للتلقيح للوصول إلى الأسر في النزهات والأسواق العامة والمساجد، وإعطاء قطرات لقاح شلل الأطفال الفموي للأطفال الذين لم يكونوا في المنزل عندما زارتهم الفرق أول مرة" هذا ما قال بيبيركورن، وأضاف "إن هذا النوع من النشاط الاجتثاثي كان فعّالًا جداً في الحد من عدد الأطفال المتغيبين عن التلقيح".
وقال تيرين "إن هذا القرب بين البلدين يجعل وفود فيروس شلل الأطفال تحديًا مستمرًا. فهناك عدد كبير من الأطفال دون سن 5 سنوات يسافرون عبر الحدود مما يؤدي إلى تبادل السراية المشتركة لفيروس شلل الأطفال البري في أروقة البلدين بين المناطق الحدودية للبلدين في ظاهرة تشبه لعبة تنس الطاولة. وأحد الاستراتيجيات الرامية إلى الحد من انتقال العدوى عبر الحدود بين السكان المتنقلين هو ضمان وجود فرق للتلقيح تتمركز في المناطق التي تحدث فيها حركة كبيرة للسكان".
وتنقّح أفغانستان أيضا خططها الصغرى للحصول على بيانات هامة عن حجم السكان المستهدفين وأماكنهم في مختلف المجالات. والخطط الصغرى المنقحة والدقيقة هي العمود الفقري لحملات التلقيح الناجحة ضد شلل الأطفال كما أنها تحدد كمية اللقاحات اللازمة وعدد العاملين الصحيين المطلوبين، والاحتياجات المتعلقة بالنقل، مما يضمن الوصول إلى كل طفل وحيد من قبل فرق التلقيح ضد شلل الأطفال.
الحفاظ على الزخم
وعلى الرغم من المكاسب التي تحققت، لا يزال هناك الكثير ينبغي عمله، ليس فقط في أفغانستان وباكستان ولكن أيضا في البلدان التي بها معدلات منخفضة للتمنيع. وطالما تستمر سراية شلل الأطفال يستمر تعرض الأطفال في أي مكان للخطر.
وقال ماهر "إننا لا تستطيع أن التوقف عن العمل الآن وستواصل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال دعم هذين البلدين من أجل إنجاز هذه المهمة. وألا نتردد عن الدعم الأوسع من المجتمع الدولي ".
وسوف تجري أفغانستان وباكستان حملات التلقيح الوطنية المقبلة في أيار/مايو. وفي هذا العام، اكتشفت 12 حالة فقط لشلل الأطفال، وقد انخفضت عن نفس الفترة من عام 2015 والتي بلغت 23 حالة.
يجري الأسبوع العالمي للتمنيع بين 24 و 30 نيسان/أبريل تحت عنوان "رأب الفجوة في التمنيع ".
المواقع ذات الصلة
المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال