21 أيار/مايو 2023 - في أيار/مايو 2014، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أن الانتشار الدولي لفيروس شلل الأطفال يُمثّل طارئة صحية عامة تسبب قلقًا دوليًا وفقًا للّوائح الصحية الدولية (2005)، وهو تصنيف يسمح بتسريع الاستجابة، وصرف التمويل في حالات الطوارئ، وتدابير الحد من انتشار الفيروس، مثل تطعيم المسافرين الدوليين للحد من خطر انتشار فيروس شلل الأطفال. وبعد مرور تسع سنوات وإجراء عدة استعراضات بقيادة الخبراء، لا يزال شلل الأطفال محتفظًا بوضعه كطارئة صحية عامة تثير قلقًا دوليًا. وقد انضم كلٌ من فيروس كوفيد-19 وفيروس إمبوكس (جدري القِرَدة) إلى قائمة الأمراض بهذا التصنيف، وغادراها مؤخرًا، ولكن لا يزال فيروس شلل الأطفال يُشكّل خطرَ انتشار دولي. وكما لوحظ من خلال الكشف عن متحورات فيروس شلل الأطفال في جميع أنحاء العالم في العديد من البلدان التي كانت خالية من شلل الأطفال في السابق، بما في ذلك كندا وإسرائيل والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية، فإن فيروس شلل الأطفال في أي مكان يهدد الأطفال في كل مكان.
وعلى الرغم من احتفاظ برنامج استئصال شلل الأطفال بوضع الطارئة الصحية العامة التي تثير قلقًا دوليًا، فقد حقق البرنامج خطوات هائلة في العقود الثلاثة والنصف الماضية. وقد نقلت هذه الجهود العالمَ إلى أفضل وضع حتى الآن فيما يتعلق بتحقيق هدفنا المتمثل في استئصال شلل الأطفال.
ففي إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، موطن الأزمات الإنسانية التي تتفاقم باستمرار وآخر بلدين يتوطن فيهما فيروس شلل الأطفال البري - وهما أفغانستان وباكستان - حُصِرَ انتقال العدوى في أصغر موقع جغرافي على الإطلاق. وفي عام 2023، أُبلغ حتى الآن عن حالتي إصابة بفيروس شلل الأطفال البري في أفغانستان وحالة واحدة في باكستان - وكل الحالات محصورة في المنطقة الموبوءة من الإقليم الشرقي لأفغانستان والمناطق الجنوبية من خيبر باختونخوا، باكستان. كما خفض كلا البلدين التنوع الجيني للفيروس منذ عام 2020 - من 8 إلى واحد في أفغانستان ومن 11 إلى واحد في باكستان.
وقد قادتنا سنوات من الجهود غير العادية التي بذلها العاملون في الخطوط الأمامية، والسلطات الوطنية والمحلية، والشركاء في المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، والجهات المانحة في جميع أنحاء العالم، إلى أفضل ما لدينا حتى الآن من فرصة لاستئصال هذا الفيروس مرة واحدة وإلى الأبد.
كما انخفض أثر سريان فيروس شلل الأطفال المتحور في الإقليم انخفاضًا كبيرًا في السنوات الأخيرة. وينتشر في الإقليم اليوم عدد من الفاشيات أقل مما كان عليه قبل عام. وفي العام الماضي، أغلق السودان فاشية فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النمط 2 التي اندلعت في عام 2020، وأغلقت جمهورية إيران الإسلامية حدثًا لفيروس شلل الأطفال، في حين لم تعد جيبوتي ومصر تكتشفان أي فيروس لشلل الأطفال في عينات بيئية، ويستعد كل بلد منهما لإنهاء فاشيته رسميًا في غضون أسابيع قليلة.
ولم تكن أنظمة ترصُّد شلل الأطفال أكثر حساسية من أي وقت مضى. وأنشأ 18 بلدًا من بلدان الإقليم البالغ عددها 22 بلدًا أنظمة ترصُّد بيئي لإكمال عمل شبكات العاملين في مجال الترصُّد ومقدمي الرعاية الصحية الذين يبحثون بنشاط عن الشلل الرخو الحاد في الأطفال. وإضافةً إلى البلدان المعرضة بشدة لخطر شلل الأطفال، تتضمن القائمة أيضًا بلداناً خالية من شلل الأطفال منذ فترة طويلة، مثل البحرين والمملكة العربية السعودية، مما يؤكد أهمية الترصُّد في جميع البلدان مع سعي الإقليم نحو الإشهاد.
وقد أظهرت الاستثمارات في مجال مكافحة شلل الأطفال قيمتها بالنسبة للرعاية الصحية الأوسع نطاقاً، كما حدث خلال جائحة كوفيد-19 عندما دعمت أصول مكافحة شلل الأطفال الاختبارات والتطعيم والإبلاغ عن المخاطر. ويحرز الإقليم تقدمًا في المرحلة الانتقالية الخاصة بشلل الأطفال لضمان الحفاظ على الوظائف الأساسية التي تشتد الحاجة إليها في البلدان، حتى مع انتقال التمويل من تمويل المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال إلى الموارد المحلية الوطنية أو الميزانية الأساسية للمنظمة. وستعزز هذه الجهود تَرَصُّد الأمراض والتمنيع الروتيني للأطفال وقدرات التأهب للفاشيات والاستجابة لها.
ويشارك برنامج شلل الأطفال بانتظام مع الدول الأعضاء من خلال الأجهزة الرئاسية مثل اللجنة الفرعية الإقليمية المعنية باستئصال شلل الأطفال والتصدي لفاشياته، ويستفيد من مشورة الخبراء التي تقدمها أفرِقَة الخبراء الاستشارية التقنية لاستعراض التقدم المُحرَز في الإقليم ودعم البلدان لوقف سراية المرض والحفاظ على برامج قوية للترصُّد والتمنيع. ولا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعين الاضطلاع به من أجل الوفاء بوعد إيجاد عالم خالٍ من شلل الأطفال للأجيال القادمة. ونحن في سباق مع الزمن في جميع أنحاء الإقليم لتكثيف الترصُّد، وتعزيز جودة حملات التمنيع، وتعزيز التأهُّب لفاشيات شلل الأطفال والاستجابة لها، مع ضمان تخفيف أية عوائق مرتبطة بالنوع الاجتماعي في جميع مستويات البرنامج.
وبينما تجتمع الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية في جنيف في الدورة السنوية السادسة والسبعين لجمعية الصحة العالمية، فقد حان الوقت الآن لبذل ما في وسعنا، والاستفادة من قوتنا بوصفنا شراكة وقوة الجهات المانحة والحكومات المضيفة، وتحقيق الهدف الذي أعلناه قبل أكثر من 3 عقود.
ويمكن الاطلاع هنا على بعض الإجراءات العاجلة التي يمكن للبلدان اتخاذها في إطار اللوائح الصحية الدولية لعام 2005: بيان لجنة