سلاسل تنسيق استثنائية للكشف عن فيروس شلل الأطفال وسط النزاع في السودان

الدكتور عبد اللطيف عبد الوهاب، مسؤول الصحة العامة في ولاية النيل الأبيض (على اليسار)، وجمع عينات البراز من ولاية سنار في طريقه إلى ولاية الجزيرة. منظمة الصحة العالمية في السودان - 23 تموز/ يوليو 2023 - في أوائل علامات النزاع الدائر في السودان، في منتصف نيسان/ أبريل، انطلق الفريق القُطري لمنظمة الصحة العالمية إلى العمل. فمن المعروف في النهاية أن الصراعات والأمراض المُعدية رفقاء. الدكتور عبد اللطيف عبد الوهاب، مسؤول الصحة العامة في ولاية النيل الأبيض (على اليسار)، وجمع عينات البراز من ولاية سنار في طريقه إلى ولاية الجزيرة. منظمة الصحة العالمية في السودان - 23 تموز/ يوليو 2023 - في أوائل علامات النزاع الدائر في السودان، في منتصف نيسان/ أبريل، انطلق الفريق القُطري لمنظمة الصحة العالمية إلى العمل. فمن المعروف في النهاية أن الصراعات والأمراض المُعدية رفقاء.

الدكتور عمير إبراهيم، مسؤول الصحة العامة بمنظمة الصحة العالمية في ولاية الجزيرة (على اليمين)، ومسؤول سلسلة التبريد بوزارة الصحة، يتأكدان من تخزين عينات البراز في درجة الحرارة المُثلى. منظمة الصحة العالمية في السودان الدكتور عمير إبراهيم، مسؤول الصحة العامة بمنظمة الصحة العالمية في ولاية الجزيرة (على اليمين)، ومسؤول سلسلة التبريد بوزارة الصحة، يتأكدان من تخزين عينات البراز في درجة الحرارة المُثلى. منظمة الصحة العالمية في السودان كانت إحدى المهام الأولى التي اضطلعوا بها هي إيجاد سُبُل للكشف عن الانتشار المحتمل لفاشية فيروس شلل الأطفال المتحور التي تأكدت في كانون الأول/ ديسمبر 2022 بعد أن ثبت إصابة طفل مشلول يعيش بالقرب من الحدود مع تشاد بالفيروس. وبعد بداية النزاع مباشرة، عملوا على الحفاظ على الوظيفة الأساسية لترصُّد الشلل الرخو الحاد - وهو أكثر أعراض شلل الأطفال شيوعًا - لدى الأطفال.

إعطاء الأولوية للوظائف الأساسية لشلل الأطفال

الدكتور ثابت (أقصى اليمين) وحاتم بابكر (الثاني من اليسار) يُسلّمان عينات البراز إلى مسؤولي التنسيق من مصر عند معبر أرقين الحدودي منظمة الصحة العالمية في السودان - مثل سباق التتابع، السرعة والتنسيق عاملان رئيسيان في ترصُّد الشلل الرخو الحادالدكتور ثابت (أقصى اليمين) وحاتم بابكر (الثاني من اليسار) يُسلّمان عينات البراز إلى مسؤولي التنسيق من مصر عند معبر أرقين الحدودي منظمة الصحة العالمية في السودان - مثل سباق التتابع، السرعة والتنسيق عاملان رئيسيان في ترصُّد الشلل الرخو الحادوبمجرد أن تجد الأفرقة الصحية طفلًا مصابًا بالشلل الرخو الحاد، يبدأ السباق. ولكن حالات الطوارئ غالبًا ما تُشكّل عقبات إضافية. وفي إحدى محليات ولاية النيل الأبيض في السودان، كُلِّف أحمد مسعود، وهو عامل صحي، بجمع عينتي براز من طفل مصاب بالشلل الرخو الحاد. ومع ذلك، عندما أصبحت الطرق الخارجية غير آمنة خلال زيارة أحمد، انتهى به الأمر إلى التماس اللجوء مع الأسرة التي كان يزورها لمدة ليلتين. وفي أقرب وقت ممكن، هرع إلى الغرفة المبردة في الولاية ومعه حامل البراز لتسليم العينات لتخزينها حتى يتسنّى اختبارها. وتتضمن الجولة التالية من السباق نقل عينات البراز الخاصة بالأطفال إلى مختبر معتمد من منظمة الصحة العالمية لاختبارها. وبسبب النزاع، لا يعمل مختبر شلل الأطفال في السودان، مما يعني أن برنامج شلل الأطفال بحاجة ماسة إلى البحث عن مختبر آخر لاختبار عينات البراز لتحديد ما إذا كان الأطفال المصابون بالشلل الرخو الحاد قد أصيبوا بالفعل بفيروس شلل الأطفال.

وفي إطار شراكة مهمة، تعاوَنَ برنامج شلل الأطفال في السودان مع السلطات الصحية في مصر من أجل استخدام مختبر فاكسيرا في الجيزة لهذه المهمة الحاسمة. ولم يكتفِ كبار صناع القرار في وزارة الصحة المصرية بالموافقة على هذا التعاون، بل أعطوا تعليماتهم بالبدء فيه في أقرب وقت ممكن.

إيجاد حلول للتحديات الجديدة

أكمل برنامج شلل الأطفال في السودان في حزيران/يونيو بعثةً تجريبيةً لنقل عينات البراز إلى مختبر فاكسيرا لفحصها. ومع تأثير الصراع على الحركة والأمن على الطرق، كان الإبداع مطلوبًا للحصول على العينات من نقاط أخذ العينات التي جرى تحديدها، مثل الجزيرة إلى بورتسودان إلى دونغولا على طول الطريق إلى الحدود. واعتمد العاملون الصحيون طوال الوقت على معيارين لضمان المرور الآمن لأنفسهم ولحمولتهم: المعيار الأول هو حيادهم، والمعيار الثاني هو وضعهم في المجتمعات المحلية. فالعاملون الصحيون الذين نجحوا في تحقيق ذلك معروفون للمجتمعات المحلية التي يخدمونها ويثقون فيها، وهذه الثقة، التي بُنيت في كثير من الحالات على مدى عقود، قد يَسَّرَت سفرهم برًا.

ومرت أول شحنة من ناقلات البراز عبر خمس محطات في ولايات مختلفة باتباع مسار خضع للتقييم لاعتبارات أمنية. وفي ولاية البحر الأحمر، أمضى الدكتور ثابت محمد الصادق، مسؤول الصحة العامة بمنظمة الصحة العالمية، ثلاثة أيام في تجميع جميع الموارد التي يحتاج إليها السائقون، بدءًا من الرُخَص والتصاريح الأمنية إلى المبالغ النقدية والوقود والغذاء. وبما أن الوضع صُنِّف رسميًا على أنه حالة طوارئ من المستوى الثالث، فقد أدى ذلك إلى تطبيق إجراءات المنظمة للاستجابة للطوارئ، وهو ما مَكّن الموظفين تمكينًا فعالًا من الاستجابة وإعادة توظيف الموارد بسرعة. وفي بعض الحالات، استخدم الدكتور ثابت وآخرون مواردهم الخاصة لإنجاز المهام.

وفي كل محطة، كان العاملون الصحيون يتسلمون المزيد من عينات البراز من زملائهم. كما فحصوا أدوات ضبط درجة الحرارة في حامل العينات واستبدلوا عبوات الثلج القديمة بأخرى جديدة للحفاظ على درجة الحرارة وبروتوكولات المناولة في سلسلة التبريد العكسي.

ومع احتلال أحد الطرفين للمختبر الوطني للصحة العامة في الخرطوم، انتقل حاتم بابكر عثمان، المنسق الوطني لمختبر شلل الأطفال في السودان، إلى بورتسودان خلال الشهر الأول من النزاع، وبدأ في إعادة هيكلة وظائف مختبر شلل الأطفال. كما نَظَّم عينات في صناديق صغيرة، وخصص أرقامًا للمختبر، وأجرى اتصالات فعالة مع مسؤول التنسيق في مصر لتنسيق تسليم العينات. وسافر حاتم مع العينات من بورتسودان إلى عطبرة، ودونغولا، وأخيرًا إلى معبر أرقين الحدودي.

وفي الوقت نفسه، اتصل زملاء من المنظمة بوزارة الصحة المصرية ليؤكدوا أن العينات كانت في طريقها إلى الحدود، في النهاية. وعند بوابة أرقين، فحص موظو الحدود الصناديق ومحتوياتها. وأشار الدكتور ثابت إلى أنه في حال حدوث أي خطأ في هذه المرحلة، فإن جميع جهودهم - والأيام التي أمضوها في التخطيط والنقل البري - كانت ستضيع هباءً.

وقال الدكتور ثابت "كانت حاملات العينات بمثابة جذوع من الذهب بالنسبة لنا. وقال الدكتور ثابت في سياق الإشارة إلى قيمة العينات من ناحية أنها ستُنبئ عن أية تطورات وبائية تتعلق بفاشية فيروس شلل الأطفال المتحور المستمرة: "كنا نأمل أن يتعاملوا معها تعاملًا جيدًا، وقد كان ذلك بالفعل".

دعم نموذجي مشترك بين البلدان

بمجرد تلقي توجيه فوري من المنظمة، انطلق فريق من مديرية الشؤون الصحية بأسوان، مصر، في رحلة تستغرق ست ساعات للوصول إلى الحدود المشتركة. وهناك، أخذوا العينات وتوجهوا عائدين إلى المرفق الصحي في أسوان للحصول على المزيد من أكياس الثلج الجديدة قبل أن يتوجهوا إلى مختبر فاكسيرا في الجيزة الذي يبعد مسافة 14 ساعة بالسيارة. وتستغرق الرحلة بأكملها من مدينة مَدَني بالسودان إلى الجيزة بمصر ما يصل إلى 56 ساعة وتتطلب دقة مطلقة في التخطيط والتنفيذ.

Sudan route map

وتقديرًا للدعم السخي الذي قدمته مصر، قال الدكتور نعمة سعيد عابد، ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان: "لقد أثبت شركاؤنا في مصر مدى التعاون القوي بين البلدان الذي يمكن أن يساعد في القضاء على الأمراض. ولا نزال نشعر نحوهم بالعرفان للدعم الذي قدموه في الوقت المناسب، كما نشعر بالعرفان لكل حلقة في سلسلة التنسيق هذه. وهذا الدعم دليلٌ على "توحيد الأداء في منظمة الصحة العالمية".

WR quoteوفي 16 حزيران/ يونيو 2023، تلقت شركة فاكسيرا شحنةً من 56 عينة براز لاختبارها للكشف عن فيروس شلل الأطفال. وأَعطَى العاملون في المختبر الأولوية لعينات السودان لإجراء اختبار فوري، وبدأت عملية الاختبار في يوم الوصول. وجرت مشاركة النتائج النهائية بعد 11 يومًا - أي أقل من الأسابيع الثلاثة المعتادة بعشرة أيام كاملة. وجاءت النتائج أيضًا بخبرٍ سارٍ: لم تكن هناك عينة إيجابية لاختبار فيروس شلل الأطفال المتحور.

وقال الدكتور نعمة: "بقي العاملون الصحيون الأبطال لدينا لتنفيذ المهمة التي كُلفنا بها ولدعم المجتمعات الأكثر ضعفًا في مواجهة الصراع الدائر.

وهُم يتوصلون باستمرار إلى حلول استثنائية لمواصلة حماية الأطفال من شلل الأطفال وغيره من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات. وهذا درسٌ ينبغي أن يستفيد منه الفريق المتكامل لترصد الأمراض. فهذا الدرس يعزز ما نؤمن به: كل شيء ممكن، بالعزيمة والإرادة القوية."

لمزيد من المعلومات حول كيفية تأثير النزاع في السودان على برنامج شلل الأطفال والنُظُم الصحية في البلاد، يرجى مشاهدة مقطعي الفيديو التاليين:

https://youtu.be/GZ9XAchz1O0