إن فيروسات شلل الأطفال، مثلها مثل أية أمراضٍ مُعدية أو سارية أخرى، لا تعترف بالحدود الدولية. ومع ذلك، فإنها تتعرف على الأطفال الصغار ذوي المناعة المنخفضة وتنتشر بينهم بسهولة.
وقد استضافت وزارة الصحة الاتحادية في السودان في الفترة من 21 إلى 22 كانون الأول/ ديسمبر 2022 كلًا من تشاد وجنوب السودان المجاورين في اجتماع استمر يومين في عاصمة البلاد، الخرطوم، حرصًا على منع أي انتشار لفيروسات شلل الأطفال في منطقة هذه البلدان. ونَظَّمَ المكتب القُطري للمنظمة في السودان الاجتماع، بدعمٍ من مكتبي المنظمة في تشاد وجنوب السودان، وجمع خبراء في مجال شلل الأطفال والتمنيع من وزارات الصحة ومكاتب المنظمة في كل بلد من هذه البلدان.
وقد عُقد الاجتماع في أعقاب تأكيد فاشية جديدة لفيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النمط 2 في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2022 في السودان. ويأتي هذا الحدث بعد أن أغلقت البلاد فاشية لظهور مختلف لفيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النمط 2 في آب/ أغسطس 2022.
وقد بدأ السودان بالفعل في تنفيذ استجابة سريعة للفاشية الجديدة، بدعمٍ من منظمة الصحة العالمية والشركاء. إن وزارة الصحة الاتحادية في السودان، بجمعها للبلدان المجاورة التي تربطها علاقات ثقافية قوية بالسودان والتي تشهد تنقلات سكانية متكررة عبر الحدود المشتركة، تتخذ تدابير ملموسة لمنع حدوث مزيد من انتشار فيروسات شلل الأطفال.
خطة مشتركة مصممة لتيسير التعاون المنتظم
ناقش المشاركون في الاجتماع التقدُّم الـمُحرَز والتحدِّيات التي تواجه الخصائص الوبائية لشلل الأطفال، وإدارة البرامج، وحركة السكان عبر الحدود في بلدانهم. كما وضعوا خطة مشتركة لتوسيع نطاق ترصُّد الشلل الرخو الحاد وتعزيز المناعة عبر المناطق الحدودية لهذه البلدان. وستُحسِّن هذه الخطة استجابة البلدان المُنَسَّقة لفاشيات شلل الأطفال الحالية والمقبلة.
وقد أكدت تشاد حتى الآن في عام 2022 أكثر من 22 حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النمط 2، في حين أبلغت مصر عن عدة عينات بيئية إيجابية في البلد خلال العامين الماضيين، بما في ذلك اكتشافات مرتبطة جينيًا بتشاد والسودان. وأبلغت إثيوبيا عن حالة إصابة واحدة بفيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النمط 2 في عام 2022، وأبلغ جنوب السودان عن 9 حالات إصابة بفيروس شلل الأطفال من النمط 2 في عام 2021.
توصيات لتعزيز التمنيع
في نهاية الاجتماع، اتفقت 3 بلدان على الاشتراك في تعزيز تبادل المعلومات، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالتطعيم، على المستويات المحلية. واتفقت هذه البلدان أيضًا على مواصلة عقد اجتماعات منتظمة عبر الحدود كل 6 أشهر، وتحديد الثغرات القائمة وسدها، والتنسيق مع شركاء إضافيين مثل المنظمات التي تعمل في مواقع يصعب الوصول إليها، وقادة المجتمعات المحلية، والجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
وستدعم هذه الجهود التعاونية أفرقة استئصال شلل الأطفال في البلدان الثلاثة وخارجها لرصد تقدمها، وزيادة وعي المجتمعات المحلية بانتشار شلل الأطفال والوقاية منه، وتشجيع أنشطة التمنيع المتزامنة لتعزيز مناعة الأطفال، والاستفادة المثلى من الموارد حيثما أمكن.
كما اتفق الخبراء التقنيون على تقييم قدراتهم على الاستجابة لفاشيات شلل الأطفال وتطويرها على طول الحدود المشتركة داخل البلدان وفيما بينها.
وقال الدكتور نعمة سعيد عابد، مثل منظمة الصحة العالمية في السودان: "يشمل الأشخاص الذين يعبرون الحدود التي يسهل اختراقها في هذا الإقليم البدو والمهاجرين والأسر النازحة التي تفر من منازلها من أجل حياة أفضل. وهذه الفئات السكانية يصعب رصدها، وعادة ما تكون هذه الفئات من الأسر الضعيفة المحتاجة إلى الخدمات الصحية الأساسية مثل تمنيع الأطفال".
وأضاف: "على الرغم من أن هذا الاجتماع الدولي عبر الحدود سيضمن تحسين ترصُّد الشلل الرخو الحاد وتمكين الأطفال المعرضين للخطر من الحصول على لقاحات شلل الأطفال، يجب أن نضمن متابعة نقاط العمل من جانب جميع البلدان الأعضاء للتوصل إلى نتيجة أفضل للاجتماع".
أحدث اجتماع عبر الحدود
عُقد أحدث اجتماع من هذا النوع عبر الحدود في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 عندما صدَّقت تشاد ومصر وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان والسودان على إعلان الخرطوم بشأن السودان والبلدان المجاورة. ومن خلال هذا الإعلان، عملت البلدان الستة على تعزيز التأهُّب والاستجابة لأحداث الصحة العامة وتهديداتها، ومنها فاشيات شلل الأطفال.
وستدعم هذه الجهود الأفرقة المعنية باستئصال شلل الأطفال في البلدان الثلاثة وخارجها لتنسيق أنشطتها، وتعظيم كفاءتها، ورصد تقدمها في مجال انتشار شلل الأطفال والوقاية منه، والاستفادة المثلى من الموارد حيثما أمكن.
وتساعد هذه الجهود المُنَسَّقة البلدانَ على تنفيذ اللوائح الصحية الدولية (2005)، وتعزيز الأمن الصحي العالمي، والوقاية من انتشار الأمراض.