50 عامًا من التأثير: كيف يُظهِر البرنامج الـمُوسَّع للتمنيع وجهود القضاء على شلل الأطفال ما يمكننا تحقيقه من خلال التعاون

بقلم الدكتور حامد جعفري، مدير برنامج استئصال شلل الأطفال، إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط

حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية، باكستانحقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية، باكستان

28 نيسان/ أبريل 2024 - يحتفل المجتمع العالمي في نهاية نيسان/ أبريل كل عام بأسبوع التمنيع العالمي، وهو حدثٌ بارزٌ يُذكِّرنا بما يمكن أن تحققه البشرية عندما نتكاتف ونعمل من أجل صحتنا الجماعية. وبالنظر إلى أنني بدأت حياتي المهنية بالعمل في برنامج تمنيع وطني، يُعرَف باسم «البرنامج الموسَّع (الأساسي) للتمنيع»، فإنني أشعر بالتشجيع إذ أرى العالم يحتفل هذا العام بحدثٍ بارزٍ آخر ذي صلة، ألا وهو الذكرى الخمسين للبرنامج الـمُوسَّع للتمنيع. وبناءً على نجاح الجهود العالمية لاستئصال الجدري، أُطلِق البرنامج الموسَّع للتمنيع من أجل توسيع نطاق خدمات التمنيع الروتيني الوطنية في جميع أنحاء العالم، والحد من الوفيات والإعاقات الناجمة عن أمراض شائعة يمكن الوقاية منها باللقاحات. وعلى مدى السنوات الخمسين الماضية، أنقذ البرنامج الموسع للتمنيع حياة 154 مليون إنسان، وخفض وفيات الرُّضَع بأكثر من 40 في المائة، وحَمَى الملايين من الإعاقة. وفي حين توصي منظمة الصحة العالمية الآن البرامج الوطنية التابعة للبرنامج الموسع للتمنيع بإعطاء 13 لقاحًا في جميع مراحل العمر، فقد صدرت توصيات بإعطاء ستة لقاحات في الأيام الأولى للبرنامج، وهي: عصيات كالميت غيران، والدفتيريا، والحصبة، والسعال الديكي، والتيتانوس، وشلل الأطفال.

لقد كان التطعيم ضد شلل الأطفال جزءًا من البرنامج الـمُوسَّع للتمنيع منذ البداية. ومن الأهمية بمكان أن تواصل البرامج المعنية باستئصال شلل الأطفال والبرامج التابعة للبرنامج الـمُوسَّع للتمنيع – داخل إقليم شرق المتوسط وعلى الصعيد العالمي – التعاون من أجل تحقيق هدف آخر لاستئصال هذا المرض، ألا وهو القضاء على شلل الأطفال نهائيًا.

ولا يزال هناك نمطٌ مَصليٌّ واحدٌ لفيروس شلل الأطفال البري من النمط 1. ويوجد هذا النمط في مناطق جغرافية محدودة داخل بلدين فقط في العالم، هما أفغانستان وباكستان. وفي حين ساهم في هذا التقدُّم العديد من العوامل الوطنية والإقليمية والعالمية، فإن التعاون بين برامج استئصال شلل الأطفال والبرامج الموسَّعة للتمنيع كان عنصرًا أساسيًا في ذلك.

وقد وضعت بلدانٌ في إقليم شرق المتوسط، مثل مصر وجمهورية إيران الإسلامية، برامج وطنية قوية في إطار البرنامج الموسَّع للتمنيع. وتحافظ هذه البرامج على مستويات عالية من التغطية الشاملة بالتمنيع الروتيني لدرء حدوث الفاشيات، والتعاون مع برنامج استئصال شلل الأطفال لوقف فاشيات شلل الأطفال بسرعة عند اكتشافها، والوقاية من سراية المرض.

وفي بلدان مثل أفغانستان والعراق وليبيا وباكستان والصومال والسودان وسوريا، تكون التغطية بالتمنيع أقل بسبب بيئات التنفيذ الأكثر تعقيدًا المرتبطة بالصراعات وانعدام الأمن وعدم إمكانية الوصول والنظم الصحية الهشة والفئات السكانية الشديدة التعرض للخطر. وقد استخلصت برامج استئصال شلل الأطفال في بلدان مثل هذه البرامج دروسًا مهمة واكتسبت خبرات قيِّمة من خلال الابتكارات المستمرة لتطعيم الأطفال، وقد استرشدت أعمال برامج البرنامج الموسَّع للتمنيع بهذه الخبرات.

وإضافةً إلى ذلك، تدمج البلدان أصولًا خاصة بشلل الأطفال وتنقلها إلى برامجها الموسَّعة للتمنيع. وهذا يُمكّن من تطبيق قدرات برنامج استئصال شلل الأطفال في عمليات الطوارئ وترصّد الأمراض على مكافحة الأمراض الأخرى. وقد ساعدت جهود اللجنة الفرعية الإقليمية المعنية باستئصال شلل الأطفال والتصدي لفاشياته على جعل انتقال الأصول الخاصة بشلل الأطفال حقيقةً واقعةً، وجمعت الدول الأعضاء معًا لمساعدة كلٍّ من البرنامج الـمُوسَّع للتمنيع وبرنامج استئصال شلل الأطفال في الوصول إلى مزيدٍ من الأطفال في جميع أنحاء الإقليم.

ففي أفغانستان وباكستان، وهما آخر بلدين يتوطن فيهما شلل الأطفال، عملت برامج استئصال شلل الأطفال مع البرنامج الـمُوسَّع للتمنيع لإنشاء مراكز صحية ومرافق للتطعيم لتقديم التمنيع الروتيني والفحوص الصحية ولقاحات شلل الأطفال في المناطق التي تفتقر إلى وجود المرافق. وعندما تكون المرافق الصحية ضعيفة أو غير موجودة، نلجأ إلى إنشاء المخيمات الصحية لتطعيم جميع الأطفال المحليين. كما تنفذ البرامج بشكل روتيني حملات متكاملة لمكافحة كلًا من شلل الأطفال والحصبة.

وقد كان تبادل العاملين بين برامج استئصال شلل الأطفال والبرنامج الـمُوسَّع للتمنيع من أهم عوامل النجاح في آخر بلدين لا يزال يتوطن فيهما شلل الأطفال، وكذلك في جميع بلدان إقليمنا وحول العالم. وقد بدأ الكثير من العاملين الصحيين، مثلي، حياتهم المهنية في أحد البرامج الوطنية التابعة للبرنامج الموسَّع للتمنيع، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى برنامج استئصال شلل الأطفال، أو العكس. وقد أدى هذا التبادل للموارد البشرية بين البرامج إلى تبادل المعارف والخبرات مما أسهم في الإنجازات التي شهدناها في كلا البرنامجين على مدى السنوات الخمسين الماضية.

وعلى الرغم من أن استئصال شلل الأطفال له غايات محددة ينبغي تحقيقها، فإن أهداف المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال وتلك المرتبطة بالبرنامج الموسَّع للتمنيع، مثل خطة التمنيع لعام 2030 تشترك في العديد من أوجه التشابه. وفي نهاية المطاف، يتوقف نجاح كلا الأمرين على إتاحة اللقاحات للأطفال الذين لم يحصلوا عليها بانتظام والحفاظ على استمرارها.

وفي الوقت الذي يقترب فيه شلل الأطفال من نهايته، فإنني على ثقة بأننا نستطيع على مدى السنوات الخمسين المقبلة مواصلة تعزيز البرامج التابعة للبرنامج الـمُوسَّع للتمنيع، وتحقيق أهداف خطة التمنيع وغير ذلك الكثير. وسنفعل ذلك من خلال الدعوة إلى مواصلة الاستثمارات اللازمة للقضاء على شلل الأطفال وتخفيف عبء الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، ومن خلال مواصلة التعاون وتبادل الخبرات، سواء في إقليم شرق المتوسط أو على الصعيد العالمي.