مسؤولو الترصُّد البيئي يجمعون عينات من مياه الصرف الصحي خلال نشاط الترصُّد البيئي في مقديشو بالصومال.
يُعدُّ الترصُّد العالي الجودة عاملًا أساسيًا لمبادرة استئصال شلل الأطفال. ويكشف الترصُّد عن وجود فيروس شلل الأطفال ويُسترشَد به في إجراءات البرنامج، وعادةً ما يُسترشد به في اتخاذ قرار إطلاق حملة تطعيم استجابةً للكشف عن المرض، فإذا اتُخذ ذلك القرار فيُسترشَد به في تحديد نوع الحملة أيضًا. ومع اقتراب العالم من استئصال شلل الأطفال، يصبح الترصُّد أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى؛ وسوف يعتمد القرار النهائي بالإشهاد على خلو إقليم شرق المتوسط من فيروس شلل الأطفال البري على بيانات الترصُّد. وبناءً على ما تقدَّم، يوجّه البرنامج في هذا الإقليم، وهو آخر إقليمٍ في العالم يشهد سراية لفيروس شلل الأطفال البري، قدرًا كبيرًا من التمويل والخبرات لإنشاء شبكات لترصُّد شلل الأطفال وصيانتها وتحسينها.
طريقة عمل ترصُّد شلل الأطفال
ترصد شلل الأطفال هو ممارسة البحث الشامل عن فيروس شلل الأطفال في مستودعه الوحيد المعروف، ألا وهو البشر. ويحدث ذلك بطريقتين: من خلال ترصُّد الشلل الرخو الحاد، وهو العَرَض الرئيسي لعدوى شلل الأطفال، ومن خلال ترصُّد مياه الصرف الصحي، للبحث عن الفيروس الموجود في براز المصابين بالعدوى. ويُعرَف ترصُّد الشلل الرخو الحاد بأنه المقياس الدقيق لترصُّد شلل الأطفال، غير أن للترصُّد البيئي دورًا متزايد الأهمية في الإقليم. وفي كلتا الممارستين، هناك مجموعة من مؤشرات الترصُّد الواضحة التي يجب الوفاء بها.
ترصُّد حالات الشلل الرخو الحاد
يعتمد برنامج شلل الأطفال على شبكة واسعة من العاملين في مجال الرعاية الصحية، والمعالجين التقليديين، والصيادلة، وقادة المجتمع في جميع أنحاء الإقليم للبحث عن أي حالة من حالات الشلل الرخو الحاد في مجتمعهم والإبلاغ عنها. والشلل الرخو الحاد هو العلامة الرئيسية أو العَرَض الرئيسي للإصابة بشلل الأطفال، وهو المرض الناجم عن فيروس شلل الأطفال. ويظهر ذلك بشكل رئيسي في الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عامًا. وبناءً على ذلك، فإن الهدف من ترصُّد الشلل الرخو الحاد هو اكتشاف جميع حالات الشلل الرخو الحاد والإبلاغ عنها واستقصائها حتى يمكن استبعاد شلل الأطفال بوصفه سببًا للشلل.
وعندما يُبلغ عن شخص مصاب بالشلل الرخو الحاد، يسافر أحد مسؤولي ترصد شلل الأطفال إلى منزله أو أقرب عيادة صحية لجمع عينات البراز. وتُنقَل هذه العينات إلى أحد مختبرات شلل الأطفال المعتمدة من منظمة الصحة العالمية لاختبارها وتحليلها لمعرفة ما إذا كان فيروس شلل الأطفال موجودًا بها أم لا. وقد تستغرق الرحلة إلى المختبر وقتًا طويلًا، ويتمثل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه مسؤولي ترصد شلل الأطفال في الحفاظ على العينات في درجة حرارة منخفضة ثابتة أثناء تنقلهم في سيارات، سيرًا على الأقدام، أو على ظهر حمار، أو على دراجة نارية، أو قارب، أو طائرة. ويُعرَف ذلك بسلسلة التبريد العكسي، ويُعدّ الحفاظ عليها حتى تصل العينة إلى المختبر في حالة قابلة للاختبار مؤشرًا بالغ الأهمية على أداء ترصد الشلل الرخو الحاد.
هذه هي الخطوات الأربع لترصُّد الشلل الرخو الحاد
- العثور على الأطفال المصابين بالشلل الرخو الحاد والإبلاغ عنهم
- نقل عينات البراز لتحليلها
- عزل فيروس شلل الأطفال
- رسم خريطة الفيروس
الترصُّد البيئي
ينطوي الترصُّد البيئي على اختبار جريان مياه الصرف الصحي للكشف عن وجود فيروس شلل الأطفال. ولأن معظم حالات شلل الأطفال عديمة الأعراض، ولكن جميع المصابين يلقون الفيروس في برازهم، فالترصُّد البيئي يتيح لنا اكتشاف وجود شلل الأطفال في منطقة ما قبل ظهور أي حالة شلل.
وفي الأماكن الخالية من شلل الأطفال، يتيح لنا الترصُّد البيئي المنتظم الكشف عن أي ظهور أي من فيروسات شلل الأطفال أو أي انتشار عالمي جديد لها، وتُشكّل تلك الفيروسات خطرًا داهمًا إلى أن يُستأصَل شلل الأطفال. ويتيح الترصُّد البيئي أيضًا للبرنامج تقييم جودة الاستجابة للفاشية، حيث يمكنه الكشف عن الفيروس الموجود في اللقاح المستخدم في أنشطة التمنيع. ويمكن أيضًا أن يُبيِّن تحليل البيانات الجينية لفيروسات شلل الأطفال المكتشفة من جريان مياه الصرف الصحي كيفية ارتباط الفيروسات ببعضها، ويساعد ذلك جهات الاستئصال على تحديد مسارات انتقال الفيروسات، وتحديد نطاق الاستجابة للتطعيم، إذا كان ذلك مناسبًا.
وبين عامَي 2020 و2021، وسَّع برنامج شلل الأطفال نطاق شبكته للترصُّد البيئي في الإقليم، وخصوصًا في أفغانستان ومصر والصومال والسودان. وبدأ العمل أيضًا في جيبوتي والعراق والمملكة العربية السعودية واليمن لإرساء قدرات مختبرية للترصُّد البيئي.
الشبكة الإقليمية لمختبرات شلل الأطفال في شرق المتوسط
أنشأت منظمة الصحة العالمية والحكومات الوطنية الشبكة الإقليمية لمختبرات شلل الأطفال في شرق المتوسط في عام 1991. ويتمثَّل دورها الرئيسي في توفير المعلومات الفيروسية التي يمكن استخدامها لاستهداف المصادر عند استئصال شلل الأطفال، وفي احتواء انتشار فيروسات شلل الأطفال البرية في حالة الوفادة.
وتتألف الشبكة من 12 مختبرًا في هيكلٍ يتألف من 3 مستويات، ألا وهي المختبرات الوطنية، ومختبرات الترصُّد البيئي، ومختبرات تمييز الأنماط الفرعية داخل النمط الواحد.
وفي 12 مختبرًا وطنيًا في مصر وجمهورية إيران الإسلامية والعراق والأردن والكويت والمغرب وعُمان وباكستان والمملكة العربية السعودية والسودان وسوريا وتونس، يجري اختبار فيروسات شلل الأطفال المعزولة من عينات البراز المأخوذة من حالات الشلل الرخو الحاد باستخدام إجراءات وكواشف موحدة. أما البلدان التي ليس لديها مختبرات وطنية، فتخدمها الدول الأخرى الموجودة ضمن هذه الشبكة: فتُقَدِّم باكستان هذه الخدمات إلى أفغانستان، وتقدمها عُمان إلى البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة واليمن، وتقدمها سوريا إلى لبنان، وتقدمها تونس إلى ليبيا. ويخدم مختبر معهد البحوث الطبية في كينيا، وهو ليس جزءًا من شبكة إقليم شرق المتوسط، كلًا من جيبوتي والصومال واليمن.
وتوجد في الإقليم سبعة مختبرات للترصُّد البيئي، في مصر والأردن وجمهورية إيران الإسلامية والكويت وباكستان والسودان وسوريا. وتدعم هذه المختبرات أنشطة الترصد البيئي في بلدانها، على الرغم من أن مختبر سوريا يفحص أيضًا عينات من لبنان. ويتولى معهد البحوث الطبية في كينيا تقديم هذه الخدمات إلى جيبوتي والصومال واليمن.
ويوجد في إقليم شرق المتوسط 10 مختبرات لتمييز الأنماط الفرعية داخل النمط الواحد من الفيروس في مصر وجمهورية إيران الإسلامية والأردن والكويت والمغرب وعُمان وباكستان والمملكة العربية السعودية وسوريا وتونس، وهي مختبرات تتولى تمييز الأنماط الفرعية داخل النمط الواحد من المستفردات للتأكد مما إذا كانت فيروسات شلل الأطفال البرية أو فيروسات شلل الأطفال المشتقة من اللقاحات أو فيروسات اللقاحات.
وتُجري جميع الشبكات تفاعل البوليميراز المتسلسل الآني بالتنسخ العكسي للمختبرات المعنية بتمييز الأنماط الفرعية داخل النمط الواحد وفحص فيروسات شلل الأطفال المشتقة من اللقاح. ويوجد ذلك في 5 بلدان في الإقليم (باكستان وتونس ومصر وعُمان وجمهورية إيران الإسلامية). وتخضع جميع الفيروسات البرية لتسلسل النيوكليوتيدات لرصد نمط انتقال الفيروس وعلاقاته.
وتخضع الشبكة الإقليمية لمختبرات شلل الأطفال في شرق المتوسط لزيارات اعتماد منتظمة تُجرى بشكلٍ منفصل؛ ويجتمع كبار المشرفين على الشبكة سنويًا لوضع توصيات لتحسين الأداء واعتماد تكنولوجيات وأساليب جديدة.
روابط ذات صلة
تقارير الاجتماعات البلدانية لمديري مختبرات فيروسات شلل الأطفال في الإقليم
أثر جائحة كوفيد-19 على ترصُّد فيروس شلل الأطفال
على الرغم من تأثر نُظُم الترصُّد في جميع أنحاء الإقليم بجائحة كوفيد-19، استمر الترصُّد الإقليمي في أداء وظائفه طوال الجائحة، وهو ما يتماشى مع المبادئ التوجيهية الخاصة التي وضعتها المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال لضمان سلامة العاملين. وعلاوة على ذلك، دعمت شبكة ترصد شلل الأطفال، في الميدان والمختبرات على حد سواء، الاستجابة للجائحة في إنشاء ترصُّد للإبلاغ عن حالات كوفيد-19 والكشف عنها، وتتبع المخالطين، والفحص المختبري، وإدارة البيانات.
وحتى إلى جانب هذه الزيادة في عبء العمل والتعقيدات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، استوفت معظم بلدان الإقليم المعايير العالمية لمؤشرات الترصد، ولا تزال تستوفيها.