سوء التغذية بجميع أشكاله
وتُعدُّ الأمراض غير السارية مسؤولة حاليًا عن ثلثي الوفيات (62%) في الإقليم، كما يُعدُّ اتباع نظم غذائية غير صحية والخمول البدني من العوامل الرئيسية التي تسهم في هذا العبء.
وفي الوقت الحاضر، تعاني العديد من بلداننا من عبء مزدوج لسوء التغذية يتمثل في نقص التغذية وزيادة الوزن والسمنة في وقت واحد، بالإضافة إلى الأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي. وعلى الرغم من إحراز بعض التقدُّم على هذا الصعيد، فإن سوء تغذية الأمهات والرُّضع وصغار الأطفال والمراهقين يظل مشكلة تهددُ صحة النساء وتنمية قدراتهن وصحة المراهقين والأطفال ونماءهم في الإقليم. ونحن نعمل مع البلدان على تحسين الوضع التغذوي لهذه الفئات للحد من الأمراض، والوقاية من الوفاة المبكرة، وتعظيم الإمكانات الإنمائية للأطفال والمجتمعات التي يعيشون فيها.
وتُعدُّ مكافحة سوء التغذية بكافة أشكالها تحديًا من أكبر التحديات الصحية العالمية. ويتيح العبء المزدوج لسوء التغذية فرصةً فريدةً ومهمةً لاتخاذ إجراءات متكاملة بشأن سوء التغذية بجميع أشكاله. ولا غنى عن التصدِّي لهذا العبء المزدوج لسوء التغذية من أجل بلوغ أهداف التنمية المستدامة، ولاسيَّما الهدف 2 (القضاء على الجوع، وتحقيق الأمن الغذائي، وتحسين التغذية، وتعزيز الزراعة المستدامة) والغاية 3.4 (خفض الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية وتعزيز الصحة النفسية)، والتزامات إعلان روما بشأن التغذية، في إطار عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية.
تعريف سوء التغذية
ويضم مصطلح سوء التغذية 3 مجموعات واسعة من الحالات:
نقص التغذية
ﻳﺸﻤﻞ نقص التغذية اﻟﻬﺰال (اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻮزن ﻣﻘﺎﺑﻞ الطول)، واﻟﺘﻘﺰُّم (اﻧﺨﻔﺎض الطول ﻣﻘﺎﺑﻞ السن)، وﻧﻘﺺ اﻟﻮزن (اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻮزن ﻣﻘﺎﺑﻞ السن)، ونقص الفيتامينات والمعادن.
ويجعل نقص التغذية الأطفال أكثرَ عُرضة للمرض والوفاة.
ويشير الهزال (انخفاض الوزن مقابل الطول) عادةً إلى فقدان الوزن الشديد المستجد، لأن الشخص لم يتناول ما يكفي من الطعام أو كان مصابًا بمرضٍ مُعدٍ، مثل الإسهال، الذي تسبب في فقدان الوزن، أو كلا الأمرين. ويتزايد خطر الوفاة لدى الأطفال الصغار الذين يعانون من الهزال المعتدل أو الشديد، ولكن العلاج ممكن.
وينتج التقزّم (انخفاض الطول مقابل السن) عن نقص التغذية المزمن أو المتكرر، وعادةً ما يرتبط بسوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية، أو سوء صحة الأم والتغذية، أو المرض المتكرر، أو التغذية والرعاية غير المناسبتين للرضّع وصغار الأطفال في مراحل الحياة المبكرة، أو جميع ما سبق. ويمنع التقزم الأطفال من بلوغ إمكاناتهم البدنية والمعرفية.
وقد يعاني الأطفال ناقصو الوزن (نقص الوزن مقابل السن) من التقزم أو الهزال أو كلاهما.
سوء التغذية المرتبط بالمغذيات الزهيدة المقدار
يشمل سوء التغذية المرتبط بالمغذيات الزهيدة المقدار نقص المغذيات الزهيدة المقدار (نقص الفيتامينات والمعادن المهمة) أو زيادة المغذيات الزهيدة المقدار.
وتساعد المغذيات الزهيدة المقدار الجسم على إنتاج الإنزيمات والهرمونات وغيرها من المواد الضرورية للنمو والتطور السليمين.
ويُعدُّ اليود، وفيتامين (أ)، والحديد المغذيات الأكثر أهمية من منظور الصحة العامة. ويمثل نقص هذه المغذيات تهديدًا كبيرًا لصحة السكان ونمائهم في جميع أنحاء العالم، لا سيّما الأطفال والحوامل في البلدان المنخفضة الدخل.
زيادة الوزن والسمنة والأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي
(مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري وبعض أنواع السرطان).
زيادة الوزن والسمنة عندما يكون وزن الشخص ثقيلًا جدًا بالنسبة لطوله.
ويمكن أن يؤدي تراكم الدهون بشكل غير طبيعي أو مفرط إلى الإضرار بالصحة.
ويُعرف مَنْسَب كتلة الجسم (BMI) بأنه مؤشر الوزن مقابل الطول، ويُستخدَم عادةً لتصنيف زيادة الوزن والسمنة. ويعرف منسب كتلة الجسم بأنه وزن الشخص بالكيلوغرام مقسومًا على مربع طوله بالأمتار (كغم/م²). وتحدث زيادة الوزن لدى البالغين عند بلوغ منسب كتلة الجسم 25 أو أكثر، في حين تحدث السمنة عند بلوغ منسب كتلة الجسم 30 أو أكثر.
وتنتج زيادة الوزن والسمنة عن اختلال التوازن بين الطاقة المُستهلَكة (أكثر من اللازم) والطاقة المبذولة (أقل من اللازم).
فالناس في كل مكان يتناولون أطعمة ومشروبات عالية الطاقة (غنية بالسكريات والدهون)، ويمارسون أنشطة بدنية منخفضة.
وتشمل الأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي أمراض القلب والأوعية الدموية (مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية، وغالبًا ما تكون مرتبطة بارتفاع ضغط الدم)، وبعض أنواع السرطان، والسكري.
وتُعَدُّ النُظُم الغذائية غير الصحية وسوء التغذية من أهم عوامل خطر الإصابة بهذه الأمراض في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط.
العبء المزدوج لسوء التغذية
يتسم العبء المزدوج لسوء التغذية بوجود نقص التغذية وزيادة الوزن والسمنة، أو الأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي في آنٍ واحد لدى الأفراد وفي الأُسَر والسكان، وفي جميع مراحل العمر. ويمكن أن يوجد هذا العبء المزدوج لسوء التغذية على النحو التالي:
المستوى الفردي، مثل السمنة مع نقص فيتامين أو معدن واحد أو أكثر من الفيتامينات والمعادن، أو زيادة الوزن لدى شخص بالغ أُصيب بالتقزّم خلال مرحلة الطفولة؛
على مستوى الأُسَرة، عندما تكون الأم تعاني من زيادة الوزن أو فقر الدم ويكون الطفل أو الجد يعاني من نقص الوزن؛
وعلى مستوى السكان، حيث ينتشر كل من نقص التغذية وزيادة الوزن في نفس المجتمع أو البلد أو الإقليم.
وعلاوة على ذلك، فإن العلاقة بين نقص التغذية وزيادة الوزن والسمنة أكثر من مجرد وجود مشترك. وقد يؤدي نقص التغذية في وقتٍ مبكرٍ من العُمر - وحتى في الرحم - إلى زيادة الوزن والأمراض غير السارية مثل السكري وأمراض القلب في وقت لاحق من العُمر. وترتبط زيادة الوزن لدى الأمهات أيضًا بزيادة الوزن والسمنة لدى أبنائهن. كما أن زيادة الوزن السريعة في وقت مبكرٍ من الحياة قد تُهيئ الشخص لزيادة الوزن على المدى الطويل. وما هذه سوى بعض الأمثلة على الآليات البيولوجية التي باتت تُعرَف على نحوٍ متزايدٍ، إلى جانب التأثيرات البيئية والاجتماعية، بأنها مسبّبات مهمة في العبء العالمي لسوء التغذية في جميع مراحل العمر.
ويتيح هذا العبء المزدوج لسوء التغذية فرصةً فريدةً ومهمةً لاتخاذ إجراءات متكاملة بشأن سوء التغذية بجميع أشكاله. ولا غنى عن التصدِّي للعبء المزدوج لسوء التغذية من أجل بلوغ أهداف التنمية المستدامة، ولاسيَّما الهدف 2 (القضاء على الجوع، وتحقيق الأمن الغذائي، وتحسين التغذية، وتعزيز الزراعة المستدامة) والغاية 3.4 (خفض الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية وتعزيز الصحة النفسية)، والتزامات إعلان روما بشأن التغذية، في إطار عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية.
بيانات من الإقليم
نقص التغذية
كان نقص التغذية سببًا رئيسيًا في وفاة 45% من الأطفال دون سن الخامسة في عام 2015، كما يعاني رضيعٌ واحدٌ من كل خمسة رُّضَّع تقريبًا (19.3%) ممن وُلدوا في الإقليم من انخفاض الوزن عند الولادة.
ولا تزال هناك أعداد كبيرة من الأطفال شديدي القِصَر بالنسبة لفئتهم العُمرية (يعانون من التقزم) لأنهم يعانون من نقص مزمن في التغذية أو من النحافة الشديدة (الهزال) بسبب نقص التغذية الحاد.
وقد انخفض معدل انتشار التقزُّم منذ عام 2010، لكنه لا يزال مرتفعًا في الإقليم. وفي عام 2018، توقف نمو 20.2 مليون طفل، أي ما يقرب من طفل واحد من كل أربعة أطفال (24.7٪).
وكان 6.4 مليون طفل (7.8%) في جميع أنحاء الإقليم يعانون من هزال شديد (هزال متوسط أو شديد)، منهم 2.7 مليون طفل يعانون من هزال شديد.
سوء التغذية المرتبط بالمغذيات الزهيدة المقدار
ولا يزال أطفال كُثُر يواجهون أيضًا "الجوع المستتر"، المتمثل في عدم كفاية ما يحصلون عليه من فيتامينات أو معادن.
وبين 7.4% و88% من الأطفال دون سن الخامسة وبين 7.4% و40.9% من الأطفال في سن المدرسة مصابون بفقر الدم.
وتشير التقديرات إلى أن انتشار نقص فيتامين (أ) بين الأطفال دون سن الخامسة يؤثر على 22% من الأطفال في الإقليم، وتتراوح نسبته بين 0.5% و72.9%.
ولا يزال سوء التغذية بالمغذيات الدقيقة لدى البالغين يشكل تحديًا هو أيضًا، ولا سيَّما بين النساء في سن الإنجاب، إذ إنه أحد أسباب الحصائل الصحية السيئة للمرأة، وأحد عوامل دورة سوء التغذية الممتدة على مر أجيال.
ويُسهم كلٌ من قِصَر القامة لدى الأمهات وفقر الدم الناجم عن نقص الحديد في 20% من وفيات الأمهات.
وتراوحت نسبة فقر الدم بين النساء في سن الإنجاب (15-49 سنة) من 20.0% إلى 50.4% في بلدان الإقليم.
زيادة الوزن والسمنة والأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي
يعاني ما يقرب من 49% من البالغين من زيادة الوزن أو السمنة، وترتفع هذه المعدلات بين النساء (53%) مقارنة بالرجال (أكثر من 45%).
ويعاني 8% من الأطفال أو المراهقين في سن الدراسة من زيادة الوزن أو السمنة - مما يترك آثارًا خطيرة على صحتهم وعافيتهم في جميع مراحل العمر.
ويرتفع معدل انتشار زيادة وزن الأطفال في بلدان الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط في الإقليم بمقدار الضِعف عما هو عليه في البلدان الأخرى من الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط في العالم.
وترتبط زيادة الوزن والسمنة ارتباطًا وثيقًا بالخمول البدني واتباع نظام غذائي غير صحي، حيث سَجَّلَ الإقليم معدلًا مرتفعًا لانتشار الخمول البدني في أوساط البالغين (35%) في عام 2016، وهو ثاني أعلى معدل انتشار في الإقليم في العالم.
وتُعدُّ الأمراض غير السارية مسؤولة عن ثلثي الوفيات (62%) في الإقليم، كما يُعدُّ اتباع نظم غذائية غير صحية والخمول البدني من العوامل الرئيسية التي تسهم في هذا العبء.
وقد شهد الإقليم الزيادة الأكبر في معدل انتشار السكري، كما أن به أعلى معدل انتشار للسكري على مستوى العالم إذ يصاب به 14% من السكان.
ويُعزى أكثر من اثنتين من كل خمس وفيات (45%) إلى أمراض القلب والأوعية الدموية، وتأتي هذه المعدّلات أيضًا من بين أعلى المعدّلات في العالم.
مكافحة سوء التغذية بجميع أشكاله
يتأثر كل بلدٍ في إقليمنا بشكلٍ أو أكثرَ من أشكال سوء التغذية. وتتعرض النساء والرُّضَّع والأطفال والمراهقون بوجه خاص لخطر سوء التغذية.
ويزيد الفقر من خطر معاناة سوء التغذية، علاوة عن المخاطر الناجمة عنه. ويكون الفقراء أكثر عُرضة للتأثر بأشكالٍ مختلفةٍ من سوء التغذية. كما أن سوء التغذية يفاقم تكاليف الرعاية الصحية، ويقلل الإنتاجية، ويبطئ النمو الاقتصادي، والذي يمكن أن يطيل أمد دورة الفقر والاعتلال الصحي.
عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية
تُعدُّ مكافحة سوء التغذية بكافة أشكالها تحديًا من أكبر التحديات الصحية العالمية. وفي 1 نيسان/ أبريل 2016، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الفترة 2016-2025 عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية. ويُمثّل هذا العقد فرصةً غير مسبوقة لمعالجة جميع أشكال سوء التغذية. ويحدد عقد التغذية جدولًا زمنيًا ملموسًا لتنفيذ الالتزامات التي قُطعت في المؤتمر الدولي الثاني بشأن التغذية وذلك للوفاء بمجموعة من الغايات العالمية المتعلقة بالتغذية والغايات المتعلقة بالأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي بحلول عام 2025، فضلًا عن الغايات ذات الصلة في خطة التنمية المستدامة بحلول عام 2030؛ لا سيّما الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة (القضاء على الجوع، وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية، وتعزيز الزراعة المستدامة) والهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة (ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيشٍ صحية وبالعافية في جميع الأعمار).
ويدعو عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية، الذي تقوده منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إلى اتخاذ إجراءات في مجال السياسات في 6 مجالات رئيسية هي:
إنشاء نُظُم غذائية مستدامة وقادرة على الصمود من أجل أنماط غذائية صحية؛
توفير الحماية الاجتماعية والتثقيف المتعلق بالتغذية للجميع؛
مواءمة النُظُم الصحية مع الاحتياجات التغذوية، وتوفير التغطية الشاملة بتدخلات التغذية الأساسية؛
ضمان تحسين سياسات التجارة والاستثمار للتغذية؛
بناء بيئات مأمونة وداعمة للتغذية في جميع الأعمار؛
تعزيز الحَوْكَمة والمساءلة في مجال التغذية وتدعيمهما في كل مكان.
استراتيجية التغذية لإقليم شرق المتوسط 2020-2030
نحن نقدم للبلدان الدعم التقني لوضع الاستراتيجيات ودعم تنفيذ السياسات الرامية إلى تحسين التغذية في الإقليم وتحقيق الأمن الغذائي والقضاء على سوء التغذية بجميع أشكاله. ولا تزال هناك حاجة إلى إحراز المزيد من التقدم لبلوغ الغايات المتفق عليها عالميًا. ومن الواضح أن النُظُم الغذائية الحالية قد أخفقت في توفير التغذية للجميع، وأن التحول الجذري في النظم الغذائية أصبح ضروريًا لتحسين الوصول إلى نظم غذائية صحية ومستدامة.
ويُعدُّ اتخاذ إجراءات شاملة ومتعددة القطاعات عاملًا ضروريًا لمعالجة سوء التغذية بجميع أشكاله في جميع أنحاء الإقليم. وقد أعددنا هذه الاستراتيجية الإقليمية الشاملة للتغذية للفترة 2020-2030 لوضعِ إطارٍ للجهود الرامية إلى بلوغ الأهداف المتفق عليها بشأن التغذية والأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي والتنمية المستدامة، فضلًا عن التوجيه لتنفيذ ما تبقى من عقد الأمم المتحدة للعمل المتعلق بالتغذية في الإقليم. وفيما يلي بيان لرؤية استراتيجية التغذية وهدفها العام.
روابط ذات صلة
استراتيجية التغذية لإقليم شرق المتوسط 2020-2030
الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة: القضاء على الجوع
الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة: ضمان تمتُّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار