14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، القاهرة، مصر - يحتفل العالَمُ اليومَ في كل مكان باليوم العالمي للسكري. وإلى جانب زيادة الوعي بالسكري بوصفه إحدى قضايا الصحة العامة العالمية، يهدف هذا الحدث إلى تسليط الضوء على ما يجب فِعله، على المستويين الجماعي والفردي، لتمكين المرضى من الحصول على خدمات أفضل للوقاية من هذا المرض وتشخيصه وعلاجه.
ويُركِّز اليوم العالمي للسكري هذا العام على إتاحة الرعاية لمرضى السكري، ولا سيما الوقاية من النمط الثاني من مرض السكري والمضاعفات المرتبطة بالسكري. وتحقيقًا لهذه الغاية، تُشدِّد منظمة الصحة العالمية على ضرورة الإتاحة المنصفة للرعاية والأدوية والتكنولوجيات الأساسية، ويشمل ذلك زيادة الوعي بالطرق التي يمكن أن يتبعها المصابون بالسكري ليقللوا إلى أدنى حد من خطر حدوث مضاعفات. وليس هذا حقًّا أساسيًّا من حقوق الإنسان فحسب، بل هو أيضًا أحد المُحدِّدات الحاسمة لعافية المتعايشين مع السكري وجودة حياتهم.
والسكري مشكلةٌ رئيسيةٌ من مشكلات الصحة العامة التي تؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. ويسبب السكري مجموعة من الاعتلالات الصحية الخطيرة، منها العمى والفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتة الدماغية وبتر الأطراف السفلية. ومن عام 2000 إلى عام 2019، حدثت زيادة بنسبة 3% في معدلات الوفيات الموحَّدة حسب السن الناجمة عن السكري. وفي البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، ارتفع معدل الوفيات الناجمة عن السكري بنسبة 13%. وفي عام 2019، انضم السكري إلى قائمة أكثر 10 أسباب للوفاة على مستوى العالم.
ولا يُستثنى إقليم شرق المتوسط من ذلك الاتجاه العالمي. فالسكري أحد الشواغل الكبرى في مجال الصحة العامة في الإقليم، إذ يوجد 73 مليون بالغ مصاب بالسكري، أيْ 1 من كل 6 بالغين. وهذا هو أعلى معدل انتشار للسكري على مستوى جميع أقاليم المنظمة. وفي الوقت نفسه، وصلت عوامل الخطر ذات الصلة، مثل النظام الغذائي غير الصحي والخمول البدني والسمنة، إلى مستويات تُنذر بالخطر في الإقليم.
ويوجد قصور في إحراز تقدُّم في إقليم شرق المتوسط في التصدِّي للسكري بوصفه إحدى مشكلات الصحة العامة. كما أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية المتنامية لهذا المرض على المجتمعات المحلية والنظم الصحية والتنمية تُهدِّد قدرة البلدان على تحقيق الغاية 3-4 من غايات أهداف التنمية المستدامة، ألا وهي خفض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية بمقدار الثلث بحلول عام 2030.
ومع ذلك، يمكن في الغالب الوقاية من النمط الثاني من السكري، إذ يمكن أن يؤدي النظام الغذائي الصحي والنشاط البدني والحفاظ على وزن صحي للجسم وتجنب تعاطي التبغ إلى الحد من خطر الإصابة بالسكري، ومن ثَم الوقاية من الإصابة بالنمط الثاني من السكري أو تأخير ظهوره. وأكثر من 95% من مرضى السكري مصابون بالنمط الثاني من السكري، الذي كان يُعرف سابقًا باسم السكري غير المعتمد على الأنسولين أو سكري البالغين. وحتى وقت قريب، كان هذا النوع من السكري لا يظهر إلا لدى البالغين، ولكنه الآن أصبح يظهر بشكل متزايد لدى الأطفال أيضًا.
وقال الدكتور أحمد بن سالم المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط: «إن تشخيص السكري والتدبير العلاجي له على مستوى الرعاية الصحية الأولية أمرٌ بالغ الأهمية من أجل التدخل المبكر والتدبير العلاجي الفعَّال، لضمان تحقيق حصائل صحية أفضل، وللحد من عبء المضاعفات على المدى البعيد. والرعاية الخاصة بالسكري تمدُّ المرضى بدعم شامل، فتُحسِّن التدبير العلاجي للسكري والعافية بوجه عام».
والتشخيص المبكر للسكري من خلال اختبارات بسيطة يسمح بالتدبير العلاجي لآثاره والوقاية منها في الوقت المناسب، ويُمكِّن الأفراد من التحكم في صحتهم. ويتطلب التدبير العلاجي للسكري الحصول على رعاية متعددة التخصصات. فلا يحتاج المرضى إلى ممارسين عامِّين فحسب، بل يحتاجون أيضًا إلى ممرضين وأخصائيين وخبراء تغذية ومُثقِّفين صحيين، فضلًا عن الدعم الصحي النفسي.
وأكدت الدكتورة رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج، أن «المصابين بالسكري أكثر عُرضة للنوبات القلبية والسكتات الدماغية بمقدار يتراوح من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف. ويزيد معدل انتشار الفشل الكلوي المتأخر الناجم عن السكري بمقدار يصل إلى 10 أضعاف لدى المصابين بالسكري مقارنةً بغير المصابين به. ويُعد اعتلال الشبكية الناجم عن السكري أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالعمى، إذ يتسبب في 2.6% من حالات العمى على مستوى العالم، ويؤدي الاعتلال العصبي إلى زيادة خطر الإصابة بقرحة القدم، والعدوى، واحتمالية الاضطرار إلى بتر الأطراف».
وتسعى المنظمة إلى تعزيز ودعم اعتماد تدابير فعالة تهدف إلى ترصُّد السكري ومضاعفاته والوقاية منهما ومكافحتهما، لا سيما في البُلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وأضافت الدكتورة رنا الحجة أن «المتعايشين مع السكري يحتاجون إلى رعاية طويلة الأمد تراعي احتياجاتهم الخاصة، وتكون استباقية ومستدامة. وحين نعطي الأولوية للتدخل المبكر، نستطيع التخفيف من أثر السكري على الأفراد وتعزيز أثر الصحة العامة بوجه عام».
وللرعاية الصحية الأولية دور حاسم في تنظيم وتقديم خدمات الرعاية الصحية اللازمة لاكتشاف السكري ومضاعفاته وعلاجهما في مراحل مبكرة.
وشدَّد الدكتور أحمد المنظري على أن «الرعاية الجيدة لمرضى السكري حقٌّ، لا امتياز. فجميع المصابين بالسكري يستحقون الحصول على ما يحتاجون إليه من خدمات وأدوية بتكلفة ميسورة. وحصول مريض السكري على الرعاية يؤدي إلى تمتُّعه بحياة أطول وصحة أوفر. ومن خلال تقديم الرعاية المناسبة، يمكن أن يتحول السكري إلى حالة قابلة للعلاج، بدلًا من أن يؤدي إلى الإصابة بالعمى، وبتر الأطراف، والفشل الكلوي وغيرها من المضاعفات الخطيرة. وضمان إتاحة الرعاية لمرضى السكري أمر بالغ الأهمية لتحقيق رؤيتنا الإقليمية: الصحة للجميع وبالجميع».
ومن أجل مساعدة البُلدان على التصدي للسكري، يُركِّز المكتب الإقليمي على دعمها لتنفيذ الحزمة التقنية لمبادرة هارتس. وقد وضعت المنظمة هذه الحزمة الشاملة لتعزيز الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري ومكافحتها من خلال العلاج المُسنَد بالبيِّنات، وإدارة المخاطر، وتعزيز النُّظُم الصحية. وتعكف حاليًّا عدة بلدان في الإقليم على تنفيذ هذه الحزمة التقنية.
ملاحظة إلى المحررين:
احتفاءً باليوم العالمي للسكري لعام 2023، بادر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط إلى تنظيم ندوة إلكترونية إعلامية باعثة على التفكير مدتها 3 ساعات بعنوان "إتاحة الأدوية والرعاية لمرضى السكري: استخدام حُزم منظمة الصحة العالمية كعوامل تمكينية".
وستُعقد الندوة عبر الإنترنت يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، من الساعة 12:00 إلى الساعة 15:00 (بتوقيت القاهرة).
ويهدف هذا اللقاء إلى توفير منصة لتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء، والمقر الرئيسي للمنظمة، والمكتب الإقليمي والمكاتب القُطرية، والخبراء. ويهدف كذلك إلى تقديم أفضل الممارسات لدعم تنفيذ إطار العمل الإقليمي بشأن الوقاية من السكري ومكافحته.
وتهدف الندوة الإلكترونية إلى:
إطلاع الحاضرين على آخر المستجدات بشأن الوضع الحالي للسكري، وإلقاء الضوء على النُّهُج الناجحة لتقديم الرعاية لمرضى السكري في إقليم شرق المتوسط؛
واستعراض استخدام الحزمة التقنية لمبادرة هارتس التي وضعتها المنظمة للحد من الإصابة بالسكري في الإقليم؛
والاستفادة من تجارب البُلدان في دمج الأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية.
وإلى جانب الاحتفال باليوم العالمي للسكري، فإن منظمة الصحة العالمية:
تُقدِّم مبادئ توجيهية علمية للوقاية من الأمراض غير السارية الرئيسية، ومنها السكري؛
وتضع حُزمًا تقنية، مثل مبادرة هارتس وحزمة التدخلات الأساسية في مجال الأمراض غير السارية، لدمج التدبير العلاجي للأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية لضمان توفير رعاية ميسورة التكلفة، ومتاحة، ومستمرة؛
وتضع القواعد والمعايير الخاصة بتشخيص السكري ورعاية مرضاه؛
وتزيد الوعي بوباء السكري العالمي؛
• وتترصَّد السكري وعوامل الخطر المرتبطة به.
وأطلقت المنظمة أيضًا الميثاق العالمي بشأن داء السكري في عام 2021. وتهدف هذه المبادرة العالمية إلى دعم التحسينات المستدامة لخدمات الوقاية من السكري ورعاية مرضاه، مع إيلاء تركيز خاص على دعم البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وفي أيار/ مايو 2021، وافقت جمعية الصحة العالمية على قرار بشأن تعزيز الوقاية من السكري ومكافحته. وفي أيار/ مايو 2022، أقرت جمعية الصحة العالمية خمس غايات عالمية متعلقة بتغطية السكري وعلاجه من المقرر تحقيقها بحلول عام 2030.