7 شباط/ فبراير 2023 - عاش ما يزيد على 450 من أُسر اللاجئين في السودان أمسية مروعة في 17 كانون الثاني/ يناير 2023، عندما اجتاحت النيران مخيم التكامل الذي يعيشون فيه، وهو ما أدى إلى وفاة شخص وإصابة آخرين بحروق وكسور وتدمير أمتعتهم، إلى جانب أضرار جسيمة أخرى. وما يقرب من نصف الأفراد الذين يعيشون في المخيم، وعددهم 2000، من الأطفال، في حين يمثل كبار السن 32%. وقد أوفدت على وجه السرعة وزارة الصحة بولاية الخرطوم ومكتب منظمة الصحة العالمية في السودان فريقًا مشتركًا لإجراء تحليل سريع للوضع وتقديم المساعدة اللازمة، وكانت المنظمة أولى وكالات الأمم المتحدة التي استجابت للحادثة ودعمت الخدمات الصحية.
استجابة عاجلة
وكانت عيادة خالد بن الوليد، وهي أقرب مركز للصحة العامة يبعد كيلو مترًا واحدًا عن مخيم اللاجئين، قد بدأت عملياتها بعد اندلاع الحريق فقط، ويرجع الفضل في ذلك إلى منظمة المنار التطوعية التي وفرت الموارد الأساسية اللازمة لعمل العيادة جزئيًّا. واجتهد الطبيب الوحيد الموجود في العيادة لتقديم الحد الأدنى من الخدمات القياسية في ظل ما توافر له من موارد محدودة.
واستجابة لحادثة الحريق، قدم برنامج الطوارئ الصحية بالمنظمة الدعم إلى وزارة الصحة بولاية الخرطوم، وزوَّدها بإمدادات كبيرة للطوارئ شملت أدوية ولوازم جراحية وأدوات لمعالجة الرضوح. وستتولى المنظمة أيضًا توفير الموظفين المطلوبين للعمل بالعيادة، وهم طبيبان، وممرضان، ومساعدان طبيان، وتقنيا مختبرات، وصيدليان، وموظفان معنيان بتعزيز الصحة، ومسؤول معني بالرصد والتقييم، واختصاصي تغذية، وسائق سيارة إسعاف، وسائق آخر لأغراض التحميل والتفريغ.
ووفَّرت وزارة الصحة بولاية الخرطوم الأدوية والمعدات اللازمة، وتعهدت بتوفير سيارة إسعاف احتياطية لإحالة الحالات الحرجة، بالإضافة إلى استمرارها في توفير كل من الأدوية والمواد الاستهلاكية الأخرى لشهر واحد.
موقف صعب
أُنشئَ مخيم التكامل للاجئين منذ 12 عامًا عقب الإعلان عن استقلال جنوب السودان، وهو أحد المخيمات الكثيرة المنتشرة في جميع مناطق ولاية الخرطوم. والجيران لا يرحبون بالمخيم الموجود منذ مدة طويلة، وهو ما يؤثر على توافر الموارد الأساسية، في حين يواجه سكان المخيم مخاوف أمنية كبيرة.
ومن بين التحديات الكبرى التي يواجهها المخيم المياه، إذ يعارض الجيران دائمًا المحاولات المتكررة التي يبذلها صندوق السودان الإنساني لتركيب صهاريج مياه كبيرة في المخيم. وهو ما يدفع سكان المخيم إلى شراء المياه من الباعة المحليين من صهاريج متنقلة، الأمر الذي يمثل تهديدًا مستمرًّا بحدوث فاشيات للأمراض المنقولة عن طريق المياه بسبب عدم رصد جودة المياه. وتؤثر أكوام القمامة في الأماكن المفتوحة سلبًا على النظافة العامة، وهو ما يسهم أيضًا في تدهور خدمات الصرف الصحي وسوء الظروف المعيشية للاجئين.
وهناك خلافات مستمرة بين اللاجئين في المخيم تعقِّد العمل الإنساني أكثر، فلجان المقاومة وقوات المعارضة تزيد صعوبةَ تقديم الدعم من المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة إلى الفئات السكانية الضعيفة داخل المخيم.
لكن تظل الاحتياجات المستدامة قائمة
ومع ذلك، فإن النتائج التي توصل إليها فريق التقييم السريع الذي أُرسل بعد الحريق أكدت الحاجة الأمنية الماسة إلى حماية العاملين في مجال الرعاية الصحية وتخزين الأدوية على حد سواء. ومن الأمور التي لها الأهمية نفسها احتياطاتُ السلامة التي تتطلب تركيب طفايات حريق في جميع أنحاء المخيم. وفيما يتعلق بالشواغل المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، من الضروري أيضًا توفر مراحيض إضافية واستمرار الإمداد بمياه الشرب على النحو الذي يساعد في رصد جودة المياه.
ومع غياب خدمات الصحة العامة في مخيم التكامل للاجئين، لا بد من تقديم الدعم المستدام لعيادة خالد بن الوليد القريبة من المخيم وتزويدها بمعدات المختبرات الأساسية، وحوامل أجهزة الحقن الوريدي، والرذاذات (أجهزة التنفس بالبخار)، وأجهزة توليد الأكسجين، ومعدات الرضوح. وبالمثل، يلزم الشروع في أنشطة لتعزيز الصحة بهدف التقليل إلى أدنى حد من انتشار الأمراض وزيادة الوعي العام بأهمية التماس الرعاية الطبية المناسبة. ويجب الاهتمام باحتياجات الصحة النفسية عند وقوع حادث مأساوي كهذا الحريق، الذي دمر المكان الوحيد الذي لم يعرف هؤلاء اللاجئون الألفانِ مأوًى غيره طيلة 12 عامًا.
وبينما قدمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين الدعم إلى اللاجئين في المخيم في مناسبات عدة، فإن الأنشطة الرئيسية الجارية تضطلع بها منظمة المنار التطوعية الوطنية والهلال الأحمر السوداني والمتطوعون. ووفقًا للبعثة المشتركة من منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة بولاية الخرطوم، هناك حاجة إلى إجراء تقييم مشترك بين الوكالات أكثر تفصيلًا يشمل جميع القطاعات لهذا المخيم الموجود منذ مدة طويلة.
ويستضيف السودان واحدة من أكبر مجموعات اللاجئين في أفريقيا، أتى أكثرهم (80%) من جنوب السودان. وفرَّت أعداد أخرى منهم من العنف والاضطهاد في البلدان المجاورة، مثل إريتريا وجمهورية أفريقيا الوسطى وإثيوبيا وتشاد، إلى جانب الأزمات في سوريا واليمن، وهو ما دفع الناس إلى البحث عن الأمان في السودان.