20 أيار/ مايو 2021 - أُرحِّب بكم ترحيبًا حارًّا من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في القاهرة، وأشكُركم على الانضمام إلينا اليوم.
لقد أسفر تصاعُد العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة على مدى الأيام العشرة الماضية عن عددٍ كبير من الوفيات والإصابات، فضلًا عن إلحاق أضرار كبيرة بالعديد من المرافق الصحية.
وتُعرب المنظمة عن بالغ قلقها إزاء إزهاق الكثير من الأرواح؛ فقد تُوفي 245 شخصًا، من بينهم 67 طفلًا، وأُصيب 6700 شخص في الأرض الفلسطينية المحتلة حتى 19 أيار/ مايو. وتَسبَّب العنف كذلك في إلحاق أضرار كبيرة بالعديد من المرافق الصحية في قطاع غزة. كما حدث مع عيادة هالة الشوا للرعاية الأولية التي دُمِّرت تقريبًا، وما لحق من أضرار جسيمة بالمختبر المركزي المُخصَّص لإجراء اختبارات كوفيد-19 في عيادة الرمال في مدينة غزة. وأسفر الحادث الأخير عن إصابة أحد الأطباء الذين كانوا في الخدمة في ذلك الوقت إصابةً بالغة، وهو الآن في وحدة الرعاية المركَّزة.
وفي قطاع غزة، أثقلت وخامة الإصابات كاهل النظام الصحي المُنهَك بالفعل، الذي يواجه نقصًا حادًّا في الأدوية والمستلزمات الأساسية، ويكافح أيضًا من أجل التصدي لجائحة كوفيد-19. ويؤدي إغلاق نقاط دخول وخروج المرضى وأفرقة العمل الصحي الإنساني، وفرض قيود صارمة على دخول الإمدادات الطبية، إلى تفاقم أزمة الصحة العامة في القطاع.
وقد شهدت الضفة الغربية عرقلةَ وصول الأفرقة الطبية إلى المصابين، وضرْبَ العاملين في مجال الرعاية الصحية وإصابتهم، وإلحاقَ أضرارٍ بسيارات الإسعاف واحتجازها ومصادرتها، واقتحامَ المرافق الصحية.
ولا ينبغي للعاملين في مجال الرعاية الصحية، الذين يعملون في ظل ظروف صعبة بالفعل وبموارد محدودة، أن يمارسوا عملهم تحت مظلة الخوف من هذه الهجمات. وتلك الفئات السكانية التي يخدمها هؤلاء العاملون لا طاقة لها على تحمُّل الحرمان من الخدمات الصحية الأساسية التي تشتد الحاجة إليها في هذا الوقت.
وينبغي أن تكون مرافق الرعاية الصحية والعاملون فيها خطًّا أحمر لأي نزاع؛ فلا تكون أهدافًا للهجمات، ولا تتأثَّر بما يُسمَّى "الأضرار الجانبية". وتدعو المنظمة إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، ووضعِ حدٍّ للهجمات التي تؤثِّر تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر على الرعاية الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وتدعو المنظمة أيضًا إلى تيسير وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة على وجه السرعة، والسماح بدخول الإمدادات الطبية الأساسية، وإحالة المرضى إلى مرافق خارج غزة، وعبور الأفرقة الطبية والعاملين في المجال الإنساني.
وتعمل المنظمة على دعم النظام الصحي الفلسطيني في استجابته لحالة الطوارئ الإنسانية، وندعو إلى دعم المجتمع الدولي لهذه الجهود. ويطيب لي أن أُرحِّب بزميلي الدكتور ريك بيبركورن، الذي يرأس مكتب المنظمة في الأرض الفلسطينية المحتلة(الضفة الغربية وقطاع غزة)، وسوف يُطلعنا اليوم على آخر المستجدات بشأن الوضع المتفاقم في الأرض الفلسطينية المحتلة، واستجابةِ المنظمة لهذا الوضع.
ولكن قبل أن أترك المجال للدكتور ريك، اسمحوا لي أن أُقدِّم عرضًا موجزًا لآخر مستجدات كوفيد-19 في إقليم شرق المتوسط.
فقد أبلغ الإقليم حتى 17 أيار/ مايو 2021 عن أكثر من 9.7 ملايين حالة إصابة، و195 ألف حالة وفاة. وبينما تُبلغ بعض البلدان عن انخفاض في حالات الإصابة والوفيات، لا يزال الفيروس يصيب ويقتل مزيدًا من الناس كل يوم في جميع أنحاء الإقليم. وسنصل قريبًا في غضون الأسابيع المقبلة إلى المرحلة المثيرة للقلق، المتمثِّلة في بلوغ 10 ملايين حالة إصابة منذ اندلاع الجائحة.
وتنتشر التحوُّرات الجديدة المثيرة للقلق أو التحوُّرات المثيرة للاهتمام في العديد من بلدان الإقليم. ومن الضروري تحسين القدرة على إجراء تسلسل الجينوم في جميع البلدان، حتى يمكننا تحديدُ هذه التحوُّرات، ورصدُ التغييرات التي تطرأ عليها بمرور الوقت.
وبالرغم من كل الجهود المبذولة، فما زلنا في حاجة إلى مزيد من التنسيق عبر مختلف القطاعات، ومزيد من المشاركة المجتمعية، فضلًا عن الالتزام الصارم بتدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية.
ويُعد التطعيم من أكثر الأدوات المتاحة فعاليةً في مكافحة هذه الجائحة. ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه. فكثير من بلدان الإقليم لم يتلقَّ بعدُ جرعاتٍ تكفي حتى لتطعيم الفئات الأكثر عُرضةً للخطر.
ولم يحصل سكان الإقليم إلا على 50 مليون جرعة فقط، مع وجود تفاوُت هائل بين البلدان. فقد أعطت بعض البلدان لقاحات لأكثر من 80% من سكانها، في حين لم توفِّر بلدان أخرى لقاحات إلا لأقل من 1% من سكانها. وهناك حاجة إلى ما لا يقل عن 300 مليون جرعة إجمالًا لتطعيم الفئات الأكثر ضعفًا والأكثر عُرضة للخطر، التي تمثِّل 20% من السكان.
ويظل التردد في أخذ اللقاحات مصدرًا للقلق، وكذلك المعلومات المغلوطة والمُضلِّلة التي توجِّه هذا التردد.
وتُرحِّب المنظمة بالأخبار التي وردت مؤخرًا من عدة بلدان ستتبرع باللقاحات لمرفق كوفاكس، وندعو إلى سرعة إيصال الجرعات الإضافية إلى بلدان الإقليم. ففي معركتنا لمكافحة هذه الجائحة، إما أن نفوز معًا، وإما أن نخسر جميعًا.
والحصول على اللقاح وسيلة مأمونة وفعَّالة لحماية أنفسنا وأحبَّائنا. ويعطينا ذلك أيضًا ميزة إضافية للتغلُّب على الفيروس. فإذا تعرَّضنا للعدوى، فسيكون خطر إصابتنا بالمرض والعواقب الوخيمة للعدوى أقل كثيرًا.
ومع ذلك، لم تنتهِ الجائحة العالمية بعدُ حتى في البلدان التي تلقَّى فيها أعداد كبيرة من السكان التطعيم. ونحُثُّ الجميع على أخذ اللقاح عند توفُّره، وعلينا أيضًا أن نتذكَّر أن الباب ما يزال مفتوحًا أمام الفيروس للانتشار بل للتحوُّر، ولن يُغلَق إلا بحصول معظم الناس على التطعيم، فحياة الكثيرين لا تزال على المحك.
وإلى أن نُحقِّق تقدُّمًا كبيرًا في التغطية بالتطعيم، علينا أن نواصل مراقبة الالتزام بتدابير الوقاية التي أثبتت فعاليتها في الحد من انتشار المرض، مثل ارتداء الكمامات، وغسل اليدين، والتباعد البدني، وتجنُّب التجمعات الاجتماعية والزحام. فالتطعيم لا يعني أن نتخلَّى عن توخِّي الحذر. وينبغي تخفيفُ تدخلات الصحة العامة بحذر، وإيلاءُ الذين لم يتلقوا التطعيم عنايةً واهتمامًا شديديْنِ.
شكرًا لكم.