القاهرة، مصر، 1 آب/أغسطس 2019 - عُدت لتوي من باكستان التي زرتها ثلاث مرات بصفتي مدير منظمة الصحة العالمية الإقليمي لشرق المتوسط، وكانت هذه الزيارة الثالثة هي الأبرز والأكثر نجاحاً. وكانت الأيام الأربعة التي قضيتها في باكستان هذا الأسبوع فعالة ومثمرة حقاً.
وتسنَّى لي زيارة مناطق مختلفة من البلاد منها مدينة لاركانا التي أدت الفاشية الحالية لفيروس نقص المناعة البشرية بها إلى زيادة تأثر المرافق الصحية المثقلة بالأعباء في المنطقة الفقيرة.
وعقدتُ مباحثات مستفيضة مع المسؤولين الصحيين والسياسيين والعاملين في المجال الطبي والجهات المانحة والشركاء والأكاديميين للتعرف أكثر على احتياجاتهم وتعزيز الشراكات والدعوة معاً إلى حشد مزيد من الموارد. ولمست الالتزام السياسي القوي بمكافحة الأمراض، والأولوية العليا التي تحظى بها القضايا الصحية.
واجتمعتُ بالعاملين في المنظمة في المكتب الرئيسي والمكاتب الفرعية، ورأيت مدى التزامهم بإنقاذ الأرواح، وكنت فخوراً جداً بإنجازاتهم وجهودهم الجماعية لخدمة الشعب الباكستاني.
وفي مدينة لاركانا زرتُ مستشفى الشيخ زايد ومستشفى الأطفال اللذين استقبلا مئات الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة على نحو فاق قدرة هذين المستشفيين على التحمل.
وفي مستشفى الأطفال، رأيت منصور الذي يبلغ من العمر 8 أشهر ويعاني من سوء التغذية. وكانت أمه، التي لا حيلة لها، ضعيفة جداً على أن ترعى طفلها الذي بدا واضحاً أنه يتألم. وبدا جلياً أن الناس في هذه المنطقة، مثل أم منصور، يعانون من ضائقة مالية شديدة تجعل من الصعب عليهم إدخال أطفالهم إلى المستشفى في الوقت المناسب.
ومع ذلك وفي مواجهة هذه التحديات الجسيمة، لمستُ من العاملين الصحيين التزاماً لا يتزعزع بمواصلة خدمة الناس والتغلب على جميع الصعوبات.
كما التقيت بالكثير من الأبطال المجهولين في مجال الصحة الذي يعملون دون كلل أو ملل خلف الكواليس لإنقاذ الأرواح في باكستان. وأُعجبت بتفاني الدكتورة رافية بلوش في خدمة الآخرين. فعلى الرغم من تقاعدها، لا تزال الدكتورة رافية تزور مستشفى الشيخ زايد كثيراً لتقديم المساعدة، مُسخِّرة خبرتها الطويلة والمشهود بها في مجال أمراض النساء لخدمة النساء المحتاجات.
وقابلت الدكتور عبد الحكيم الذي يعمل تقني مختبرات منذ أكثر من 35 سنة في مستشفي الأطفال بمدينة لاركانا. ويُستفاد من خبرته حالياً في الاستجابة لفاشية فيروس نقص المناعة البشرية التي تشهدها المدينة في الوقت الراهن.
وتعطيني هذه النماذج الإيجابية أملاً صادقاً بأن النظام الصحي في باكستان سيتجاوز التحديات القائمة بل وسيتحسن. وزاد الأمل في نفسي بعد الاجتماعات مع معالي الدكتور ظفار ميرزا، المساعد الخاص لرئيس الوزراء لشؤون الصحة، ومعالي الدكتورة عذرا فضل بشوشو، وزيرة الصحة في ولاية السند، التي ناقشنا فيها الخطط الاستراتيجية لتعزيز النظام الصحي وتوسيع نطاق التدخلات التي تقدمها المنظمة والجهات الشريكة.
وأهيب بكل المنظمات والجهات المانحة وأصحاب المصلحة أن يقفوا إلى جانب الشعب الباكستاني. فباكستان تستحق حياة أفضل. وزادتني المعاناة التي رأيتها في عيون الأطفال والنساء تصميماً وعزماً على تقديم أقصى دعم نستطيع تقديمه. ليس أمامنا خيار آخر سوى العمل بسرعة والنجاح.