القاهرة، 3 آذار/مارس 2016 - يستمر تدهور الوضع الصحي في سوريا ليس يوماً بعد يوم، وإنما ساعة تلو الأخرى. وكما هو الحال في أوقات الصراعات، فالمدنيون الأبرياء هم من يدفع الثمن غالياً، إذْ لا يحصل نحو ثلثي السوريين على مياه آمنة، مما يدفع بهم في وجه خطر الإصابة بأمراض مثل التيفويد والكوليرا. وهناك نحو 300 ألف امرأة حامل في شتى أنحاء البلاد لا يحصلن على الرعاية التي يحتاجونها من أجل التمتع بحمل آمن وصحي. وهناك، كل شهر، ما يزيد على 30 ألف شخص يحتاجون إلى المعالجة من الإصابات. أما المصابون بالأمراض المزمنة فيلقون حتفهم جراء مضاعفات من السهل السيطرة عليها في ظل أوضاع طبيعية، ذلك في وقت لا تصل فيه اللقاحات المنقذة للحياة إلى نصف الأطفال. وهناك طفل من بين كل أربعة أطفال يواجه مخاطر الإصابة باضطراب صحي نفسي له آثار طويلة الأمد.
وبرغم تلك الاحتياجات الـمُلحَّة، فإن أكثر من نصف مرافق الرعاية الصحية في البلاد إما مغلقة أو لا تعمل بكامل طاقتها، وتواجه نقصاً في الأدوية المنقذة للحياة والأدوية الأساسية. وقد فرَّ أكثر من نصف المهنيِّين الصحيِّين من البلاد، بينما يواجه من تبقَّى منهم خطر التعرُّض للهجوم بين الحين والآخر. ومع تواصل الصراع، يتزايد عدد من يفقدون أرواحهم كل يوم، ليس بسبب العنف فحسب، وإنما يصبح الناس هناك ضحايا لنظام صحي واهن ومهترئ لم يعد قادراً على تزويدهم باحتياجاتهم من الخدمات الصحية كي يبقوا على قيد الحياة. وخلاصة ذلك أن ملايين الأرواح أضحت في دائرة الخطر.
وفي وقت سابق من هذا العام، اجتمعت الجهات المانحة الدولية في لندن، معلنةً التزامها تجاه مساعدة السوريين داخل الأراضي السورية وفي دول الجوار المتأثرة بالصراع الدائر هناك. ومع ذلك، وبعد مضي شهر تقريباً، لم تزل منظمة الصحة العالمية وشركاء الصحة في انتظار وصول تمويل طالما اشتدت الحاجة إليه. ونقص التمويل لن يؤدِّي سوى إلى زيادة أعداد الوفيات التي يمكن تجنُّبها: ففي مقابل كل مليون دولار لا يحصل عليه القطاع الصحي، يُترك ما يزيد على 230 ألف شخص بلا رعاية صحية. وهذه الإصابات بالأمراض والخسائر في الأرواح التي نحن في غنى عن حدوثها لا ينبغي لنا السماح باستمرارها.
ولذا، فإني أحثّ الجهات المانحة الدولية على الوفاء بالتزاماتها والعمل على سدّ الثغرات التمويلية التي يعانيها القطاع الصحي، حيث تشتد الحاجة حالياً إلى 437.21 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الصحية المتنامية. فمن دون دعم، سوف يُترك ملايين الناس المتأثرين بالأزمة عاجزين عن الحصول على احتياجاتهم من الخدمات الصحية، مما يفاقم من حجم هذه المأساة الإنسانية المدمرة.
الدكتور علاء الدين العلوان
مدير منظمة الصحة العالمية
لإقليم شرق المتوسط