20 آذار/ مارس 2023 - قبل انعقاد مؤتمر المانحين في بروكسل اليوم لجمع الأموال وتنسيق أعمال الإغاثة في المناطق المتضررة من الزلازل في تركيا وسوريا، تدعو منظمة الصحة العالمية المجتمع الدولي إلى دعم أنشطة الاستجابة الصحية المنقذة للحياة لصالح 4.9 ملايين شخص هم الأكثر تضررًا والأشد تأثرًا من بين 8.8 ملايين شخص تضرروا في جميع مناطق سوريا التي ضربها الزلزال.
ويقدر النداء العاجل لمنظمة الصحة العالمية أن التصدي الفوري للزلزال في سوريا برمتها يتطلب 33.7 مليون دولار أمريكي في الشهور الثلاثة الأولى بعد وقوع الزلزال. واستجابةً لهذا النداء، قدَّم الصندوق الاحتياطي للطوارئ التابع لمنظمة الصحة العالمية قرضًا بقيمة 11.3 مليون دولار أمريكي، في حين أن الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ التابع للأمم المتحدة ومكتب المساعدة الإنسانية في الولايات المتحدة قدَّما معًا 6.5 ملايين دولار أمريكي. وتعهدت حكومة دولة الكويت، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ومؤسسة "نوفو نورديسك" بتوفير تمويل إضافي يصل في مجموعه إلى 14 مليون دولار أمريكي.
وحثَّ الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي، المجتمعَ العالمي على التكاتف انطلاقًا من رؤية المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط "الصحة للجميع وبالجميع"، وشدَّد على أن "السوريين قد تحمَّلوا، مرارًا وتَكرارًا، أزمات وكوارث متعاقبة. والزلزال الذي ضرب البلاد الشهر الماضي كان اختبارًا لا نظير له لصمودهم الأسطوري؛ وهم بحاجة إلى مساعدة عاجلة للخروج من هذه الكارثة الأخيرة والتعافي منها".
وحتى قبل الزلزال، كانت الأزمة الإنسانية في سوريا ماضية من سيئ لأسوأ منذ عام 2011، إذ قُدِّر أن 15.3 مليون شخص بحاجة لمساعدة إنسانية هذا العام ( وهذا قرابة 70% من إجمالي السكان). لذا لم تكن سوريا مستعدة على الإطلاق لمواجهة كارثة طبيعية بمستوى زلزال 6 شباط/ فبراير 2023 وتبعاته بعد أن أنهكها أكثر من عقد من الصراع المستمر الذي تسبب في تدهور اجتماعي واقتصادي كبير، ونزوح أعداد كبيرة من السكان، وتآكل النظام الصحي الذي سبق أن كان متماسكًا صلبًا، وجائحة كوفيد-19، وانتشار الأمراض المعدية مثل الكوليرا والحصبة.
وخلال ذلك كله، كانت منظمة الصحة العالمية تقدم الدعم في مجال الرعاية الصحية على أرض الواقع، وتقدم رعاية الإصابات الشديدة للضحايا، وتدعم الوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها، وتعالج المرضى الذين يعانون أمراضًا مزمنة، وتوفر التمنيع الروتيني ورعاية الأمهات والأطفال حديثي الولادة وخدمات الصحة النفسية، بالإضافة إلى أوجه أخرى من الدعم المنقذ للحياة. فعلى الفور، وفي أول أربع وعشرين ساعة تالية للزلزال، قدمت منظمة الصحة العالمية اللوازم والمعدات المنقذة للحياة، وظلت تقدم دعمًا تقنيًا ولوجستيًا متزايدًا منذ ذلك الحين.
لقد شرد الزلزال أكثر من نصف مليون شخص (أكثر من 97000 عائلة)، ويعيش كثير منهم في ملاجئ جماعية مكتظة وغير صحية ومستوطنات عشوائية تفتقر إلى الخدمات الكافية وهم معرضون لخطر متزايد للإصابة بالأمراض.
وتشمل الاحتياجات الصحية العاجلة، على سبيل المثال لا الحصر، تعزيز ترصد الأمراض والتصدي لها في المناطق المتضررة من الزلزال؛ والتوفير السريع العاجل للأدوية والإمدادات والمعدات الطبية؛ ودعم التدبير العلاجي للأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والفشل الكلوي؛ ومواصلة رعاية المصابين والتوسيع السريع لنطاق خدمات التأهيل البدني؛ والارتقاء بالصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، لا سيما لكبار السن والأطفال والنساء والعاملين في الخطوط الأمامية.
لقد أظهر الشعب السوري مرونةً وصمودًا مدهشَين طوال فترة الصراع الممتد. وهذا الشعب يستحق تضامن المجتمع الدولي معه. وهذه الأزمة اختبار حقيقي كاشف للسخاء والتضامن والدبلوماسية على الصعيد العالمي.