القاهرة، 17 آب/أغسطس 2022: إن انتشار فاشية جدري القردة فُرَادِيّ في إقليم شرق المتوسط حتى الآن، إذ لم يتجاوز 33 حالة مؤكَّدة مختبريًا، ولم يُبلَّغ عن وفيَّات ناجمة عنها في البلدان الستَّة. بل إن معظم تلك الحالات ليس لها تاريخ سفر إلى مناطق تنتشر فيها تلك الفاشية بكثافة. ومتوسط أعمارِ معظم الحالات المبلَّغ عنها 31 عامًا إذ تتراوح الأعمارُ بين 8 سنوات و59 سنة - مع الإشارة إلى أن حالة واحدة بعمر 8 سنوات لطفل في لبنان.
صرَّح الدكتور أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، "إن فاشية جدري القردة لا تقتصر على مجموعة بعينها من الناس، وأي شخص قد يُصاب بالمرض إذا ما تعرَّض لتلامسٍ جلدي مباشرٍ وثيقٍ مع شخصٍ مصابٍ تظهر عليه الأعراضُ، أو إذ لمس أغراضًا ملوَّثةً. لذا فإننا جميعًا عرضة للخطر. فحتى إذا كانت الحالات بالإقليم قليلة، فإنه علينا التعامل مع هذا الخطرِ تعاملاً جادًا، واتِّخاذ الخطوات اللازمة لوقف انتقال المرضِ وسريانه وحماية الناسِ، ولاسيَّما الفئات الضعيفة والعرضة للخطر".
إن التصدِّي لفاشية جدري القردة يستلزم اتِّباع نهج شامل يُشرك المجتمعات المتأثِّرة ويحميها، ويكثَّف الترصُّدَ وتدابير الصحة العامة، ويعزِّزُ التدبير العلاجي السريري والوقاية من العدوى ومكافحتها في المستشفيات والعيادات، ويُسْرِع بخطى البحوث المتَّصلة بفعالية اللقاحات والعلاجات وغيرها من الأدوات. ويدعم المكتبُ الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الدولَ الأعضاء والشركاء في تلك المجالات كافة، مع التركيزِ بشكلٍ خاصٍ على الاهتمام بالفئات الضعيفة والعرضة للخطر.
والمضي قدمًا في إجراء المزيد من الأبحاث سيكشف عن معلومات جديدة بشأن طرق انتقال المرض وسريانه ووخامته والعلاجات وفعالية اللقاح. لذا، وعلى سبيل الانتفاع بالدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19، فإنه يجري دمج الجهود البحثيَّة ضمن الجهود الكليَّة للتصدِّي لجدري القردة.
ومع أن معظم المصابين بجدري القردة يتعافون في غضون أسابيع قليلة دون علاج بعينه، إلا أن المرض قد يُسبب مضاعفات وخيمة قد تفضي إلى الوفاة في بعض الأحيان. وفي حين أن الفاشية العالمية الحالية لم تشهد سوى 12 حالة وفاة فقط من بين ما يزيد على 34,000 حالة مصابة، وأنه ليس من بينها وفيَّات في إقليمنا، إلا أن مُعَدَّلات الإماتة في الفاشِيَات السابقة كانت أعلى بكثير؛ لذا فإنه يتعيَّن علينا لزامًا التعامل مع ذلك التهديد للصحة العامة بجديَّةٍ شديدةٍ.
إن جدري القردة يمكن أن يُسبب كذلك مجموعة من العلامات والأعراض، بما في ذلك الطَفَح الجلدي والحُمَّى وتورُّم العُقَد اللِّمفِيَّة والتَعَب والصُدَاع وآلام العضلات. ونسبة صغيرة فقط من المرضى تحتاج إلى تلقِّي العلاج في المستشفى، ويسري ذلك في حالة الأشخاص الأكثر عرضة لخطر المرض الوخيم أو لمضاعفات شديدة، بما في ذلك الحوامل والأطفال والأشخاص منقوصو المناعة.
وما يزال من المهم ملاحظة أنه بالإمكان الوقاية تمامًا من جدري القردة، وأن تدابير بسيطة من شأنها الحدُّ من خطر العدوى. وأفضل تلك التدابير حاليًا هو تجنُّب المخالطة عن قرب مع الأشخاص المصابين بجدري القردة.
على صعيد آخر، فإن إمدادات اللقاح محدودة. وتوصي منظمة الصحة العالمية بالتطعيمِ الموجَّه، متى يجري توفير تلك اللقاحات، لمن يتعرَّضون أو يخالطون شخصًا مصابًا بجدري القردة، ومن يواجهون مخاطر تعرُّض مرتفعة كالعاملين الصحيين وبعض العاملين في المختبرات ومن لهم علاقات جنسيَّة متعددة. وعلى عكس كوفيد-19، فإنه لا يُنصح بالتطعيمِ الجموعي باللقاحات ضد جدري القردة بسبب الآليَّات المختلفة لانتقال المرض وسريانه ولأن طرق التطعيم الأكثر استهدافًا يمكن أن تكون فعالة في حماية أولئك الأكثر عرضة للخطر.
بالمقابل، إن البيانات المتعلِّقة بفعالية تلك اللقاحات في الوقاية من جدري القردة ما تزال محدودة، على مستوى الممارسات السريرية والمجالات الميدانية. فحتى الآن توجد الكثير من الأمور المجهولة بشأن الآثار السريرية للقاحات وأنسب استخدام لها باختلاف البيئات والسياقات.
علاوة على ما تقدَّم، عقدت منظمة الصحة العالمية، في اﻷسبوع الماضي، اجتماعًا خاصًا مع مجموعة من العلماء للنظر في إعادة تسمية مرض جدري القردة، والهدف من ذلك تقليل اﻷثر السلبي غير الضروري لذلك المرض على التجارة أو السفر أو السياحة أو رفاه الحيوان، وتجنُّب اﻹساءة إلى فئات ثقافية أو اجتماعية أو وطنية أو إقليمية أو مهنية أو عرقية. وبعد مراجعة موسَّعة، وافقت المجموعة على عقد استشارة عامة مفتوحة للخروج باسمٍ جديدٍ لمرض جدري القردة.