القاهرة، مصر، 23 تموز/يوليو 2019، أنهيت مؤخراً زيارة استغرقت أربعة أيام للعراق، اطلعت خلالها عن كثب على نظام صحي ينتقل من الاستجابة لحالات الطوارئ إلى إعادة الإعمار وإعادة التأهيل والقدرة على الصمود، ويتناول في الوقت نفسه الاحتياجات الصحية لملايين المستضعفين العراقيين واللاجئين.
وتشير الأولويات الصحية الوطنية الجديدة للدولة، بما في ذلك التمويل الصحي والصحة البيئية والاصحاح والتغطية الصحية الشاملة، إلى فصل جديد في قطاع الصحة في العراق، مما يعني تسهيل الوصول إلى خدمات صحية ميسورة التكلفة وتحسين الصحة والرفاهية لجميع العراقيين في كل مكان في جميع أنحاء البلاد. وخلال اجتماعاتنا مع معالي وزير الصحة العراقية وفريقه الفني، اتفقنا على أن هذا الهدف الطموح لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تعزيز التنسيق والتعاون بين السلطات الصحية الوطنية ومنظمة الصحة العالمية وجميع الشركاء في مجال الصحة.
وخلال زيارتي لبغداد، قمت بزيارة مركز الزوايا للرعاية الصحية الأولية، وأدركت من خلال الزيارة ضرورة تعزيز طب الأسرة على مستويات الرعاية الصحية الأولية كعامل رئيسي لتحقيق التغطية الصحية الشاملة.
وفي أربيل، قابلت معالي وزير الصحة الكردستاني، ومحافظ أربيل، ورئيس البرلمان الكردستاني، وأعضاء من البرلمان، وأتاحت لي مناقشاتنا أن أفهم بشكل أفضل الحاجة إلى تشريع صحي جديد في المنطقة لضمان حصول السكان، وبخاصة المحتاجين منهم، على خدمات صحية جيدة.
لقد رأيت تأثير العمل الذي تقوم به منظمة الصحة العالمية والموظفون الصحيون والشركاء لإنقاذ حياة الفئات المستضعفة في هذا البلد، بمن فيهم الرضع والأطفال في مستشفى هيفي للأطفال في محافظة دهوك، حيث دعمت منظمة الصحة العالمية إنشاء وحدة عناية مركزة لحديثي الولادة إلى جانب وحدة عناية مركزة للخدج. لقد رأيت أطفالاً يولدون قبل أوانهم في الأسبوع 28 وهم ينجحون في صراعهم للبقاء على قيد الحياة في وحدة الخدج، كما شاهدت العديد من الأطفال المصابين بأمراض تهدد الحياة وهم يتعافون في وحدة حديثي الولادة، كل ذلك بفضل الدعم الجماعي الذي قدمته منظمة الصحة العالمية والجهات المانحة. وفي كلتا الوحدتين، كانت الأسرّة مليئة بالخدّج والأطفال فيما انتظر آخرون قبولهم، مما يبرز الحاجة إلى التوسعة لاستيعاب المزيد من المحتاجين للرعاية.
كما زرت مستودع منظمة الصحة العالمية في أربيل، وهو مستودع هام لدعم الاستجابة الصحية في العراق وتعزيز العمليات العابرة للحدود في شمال شرق سوريا. ولا يسعني إلا أن أشيد بهذا الأسلوب الكفؤ والفعال لاستغلال الموارد.
وفي مركز الرعاية الصحية الأولية الذي تدعمه منظمة الصحة العالمية في مخيم شاريا، والذي يلبي الاحتياجات الصحية للنازحين في دهوك، قابلت عراقيين وعراقيات مصابين برضوح تهدد حياتهم، ورأيت كيف يمكن لتقريب الخدمات من القاطنين في المناطق النائية والمناطق المخدومة بشكل ضعيف أن ينقذ الأرواح في اللحظات الحرجة.
وفي نينوى، زرت مستشفيين ميدانيين أنشأتهما منظمة الصحة العالمية في غرب الموصل لتقديم الخدمات الصحية للعائدين إلى مناطقهم في أعقاب تدمير مستشفيين رئيسيين في المنطقة نتيجة النزاع. وقمت بجولة في مستشفى ابن سينا والمراكز الطبية الأخرى المتضررة لأطلع بشكل مباشر على الآثار المدمرة للهجمات على مرافق الرعاية الصحية.
ورغم امتلاء المستشفيات الميدانية في غرب الموصل بأعداد هائلة من المرضى، إلا أنها تغطي جزءاً من الفجوات الحالية في خدمات الرعاية الصحية الثانوية والثالثية للعائدين.
كما تحدثت خلال زيارتي إلى العاملين في مجال الصحة في مرافق الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات الميدانية، وهم الأبطال المجهولون الذين يعملون في الخطوط الأمامية. أحيي شجاعتهم وقدرتهم على الصمود ورغبتهم في خدمة المجتمعات المستضعفة خلال الأزمة وبعدها، والآن خلال مرحلة الانتقال وإعادة البناء. ولولا هؤلاء لما كنا لننجح في إنقاذ الأرواح في أكثر الأوقات الحرجة.
وفي إطار جهود منظمة الصحة العالمية لتعزيز خدمات الإحالة للنازحين واللاجئين، سُررت بتقديم سيارتي إسعاف جديدتين إلى وزاة الصحة، تعزيزاً لالتزامنا بدعم النظام الصحي في البلاد. سوف يكون لسيارات الإسعاف هذه أثر كبير في تعزيز خدمات الإحالة للنازحين واللاجئين في محافظة دهوك.
يعكس العمل الذي تقوم به منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في العراق الروح والقيم الحقيقية لمنظمة الصحة العالمية. ومن خلال محادثاتي مع شركاء مجموعة الصحة تمكنت من فهم مختلف أنواع واهتمامات أصحاب المصلحة الذين تعمل معهم منظمة الصحة العالمية لتحقيق جدول أعمالها المتكامل من أجل استجابة أفضل لعمليات الطوارئ في البلاد.
وخلال لقائي مع فريق الأمم المتحدة القُطري، اتفقنا على توحيد وتنسيق جهودنا نحو تحقيق الأهداف الصحية الوطنية بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. كما اتفقنا على العمل جنباً إلى جنب مع الحكومة العراقية لتطوير استراتيجيات إضافية لتعزيز تغيير السلوك ودعم مرافق الرعاية الصحية الأولية وتقديم الخدمات لها باعتبارها طريقاً لتحقيق التغطية الصحية الشاملة.
لقد غادرت البلاد ولدي صورة واضحة حول ما تعنيه حالات الطوارئ التي طال أمدها والدور الذي تلعبه منظمة الصحة العالمية والشركاء الآخرون، واتعهد بأن تواصل منظمة الصحة العالمية، في عام 2019 وما بعده، التزامها الرامي إلى تعزيز التعاون مع السلطات الوطنية والشركاء والجهات المانحة، لبناء نظام صحي يمكنه تقديم الخدمات الصحية لجميع المواطنين في جميع أنحاء العراق، دون مواجهة قيود على إمكانية الوصول للخدمات أو صعوبات مالية.