30 حزيران/يونيو، القاهرة، مصر - لقد حان الوقت للتحدث مرة أخرى عن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط.
فقد شهد الإقليم منذ بداية عام 2019 أكثر من هجوم واحد يوميًا في المتوسط: وقُتل أو جُرح مئات العاملين الصحيين أو اعتُدى عليهم، وتضررت ودُمرت المستشفيات، وأُعطِبت سيارات الإسعاف وخرجت من الخدمة.
ومن المفجع أن كثيراً من تلك الهجمات نتجت عن تعمد المقاتلين استهداف مرافق الرعاية الصحية؛ وفي أحيان أخرى، نتجت عن الاستخدام العشوائي أو المتهور للقوة. وتعكس هذه الهجمات، في جميع الأحوال، تجاهلًا مزعجًا للحق في الحفاظ على الصحة واحترام حرمة الرعاية الصحية.
وأكثر ما يُقلق بشأن هذه الهجمات أنها واسعة الانتشار. وفي جميع النزاعات التي يشهدها إقليمنا، تعرضت مرافق الرعاية الصحية للاعتداءات وتعطلت عن أداء عملها بسبب العدوان العسكري، ما حرم الفئات الأشد ضعفًا من الخدمات الصحية.
وخلال زياراتي لعدد من بلدان الإقليم، التقيت بمهنيين صحيين يعملون في ظروف شديدة الصعوبة. وقد تعرض بعضهم لهجمات مباشرة عندما أصيبت مرافق الرعاية الصحية التي يعملون فيها. ووقعت، في بعض الهجمات، أضرار واسعة النطاق استلزمت نقل المرضى - بمن فيهم الأطفال حديثو الولادة الموجودون في الحاضنات - إلى مناطق أكثر أمنًا. وتذكر آخرون أصدقاء وزملاء قُتلوا أو أصيبوا بجروح بالغة وهُم يعملون لإنقاذ أرواح الآخرين.
وقد التقيتُ بمرضى أجبروا على السفر لساعات طويلة للحصول على الرعاية المنقذة للحياة، لأن المستشفيات الأقرب إلى منازلهم قد تضررت أو دُمِرت. وأخبروني عن أفراد أسرهم وأصدقائهم الذين لم يتمكنوا من تحمل تكلفة النقل إلى أقرب مرفق صحي عامل، ولم يكن لديهم خيار سوى البقاء في المنزل وانتظار الموت البطيء.
وقد أثرت في نفسي كثيراً قصص الفقد والصراع من أجل البقاء، وزادتني عزماً وتصميماً على مواصلة الاعتراض علنًا على هذه الأعمال المروعة. ويجب في إقليمنا، اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن يتمكن المحتاجون إلى الرعاية الصحية المنقذة للحياة من الحصول عليها، بغض النظر عن موقعهم أو انتمائهم السياسي. فالصحة حق من حقوق الإنسان، ولكن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية تحرم الملايين من الناس من هذا الحق الأساسي.
وإلى أن يوجد حل سياسي للنزاعات المستمرة في العديد من بلدان إقليم شرق المتوسط، يجب احترام سلامة العاملين الصحيِّين والمرضى ومرافق الرعاية الصحية. ويجب أن تظل الرعاية الصحية محايدة، لا سيَّما في سياق الأزمات، وألا تُستَغل لدوافع سياسية أو لأغراض عسكرية.
وأعرب عن تقديري الكامل للعاملين في المجال الإنساني في الإقليم - وخارجه - الذين يخاطرون بحياتهم يوميًا لمساعدة الملايين من المعرضين للخطر بسبب النزاع. وأحث جميع أطراف النزاع على أن تفي بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، والقوانين الدولية لحقوق الإنسان، لضمان حماية مرافق الرعاية الصحية. كما أحث الدول الأعضاء وأعضاء المجتمع الدولي على محاسبة جميع مرتكبي هذه الجرائم.