شهد يوم أمس، الموافق 30 يونيو/حزيران، مرور ستة أشهر على تلقي منظمة الصحة العالمية لأول تقرير عن حالات إصابة جماعية بالالتهاب الرئوي ناجمة عن سبب غير معروف في الصين، ويتزامن مرور ستة أشهر على الفاشية مع وصول عدد الحالات إلى 10 ملايين حالة و500,000 وفاة على مستوى العالم. ورغم أن العديد من البلدان أحرزت تقدماً، لا زالت الجائحة تنتشر بوتيرة متسارعة على الصعيد العالمي.
فقبل بضعة أيام، وصل إقليمنا إلى مرحلة بارزة ومثيرة للقلق، حيث تجاوز عدد المصابين بمرض كوفيد-19 المليون حالة. ويتجاوز عدد الحالات المُبلَّغ عنها في شهر حزيران/يونيو وحده إجمالي عدد الحالات المُبلَّغ عنها في الشهور الأربعة التالية للإبلاغ عن أول حالة في الإقليم بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير.
واليوم، تُشكِّل ثلاثة بلدان أكثر من 50% من إجمالي عدد الحالات المُبلَّغ عنها في الإقليم، وهي: إيران، والمملكة العربية السعودية، وباكستان. كما تتزايد أعداد الحالات المُبلَّغ عنها مؤخراً في العراق وليبيا والمغرب والأرض الفلسطينية المحتلة وعُمان. ويقع 87% تقريباً من إجمالي الوفيات المُبلَّغ عنها في خمسة بلدان، هي: إيران، والعراق، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وباكستان.
وتشهد جميع بلدان الإقليم حالات إصابة جماعية بالمرض أو انتقاله على مستوى المجتمع. وبينما يتم الإبلاغ عن عدد أقل من الحالات في البلدان التي تشهد حالات طوارئ معقدة، مثل سوريا واليمن، فإننا نعمل على افتراض انتشار الفيروس على نطاق واسع، ويساورنا القلق إزاء قدرة النُظُم الصحية الضعيفة لهذه البلدان على الكشف عنه ومكافحة انتشاره.
وهناك عدة أسباب لهذه الزيادة الحادة على مدار بضعة أسابيع فقط. أولاً، أصبحت قدرة العديد من البلدان الآن على إجراء الاختبارات أكبر مما كانت عليه في بداية الجائحة، مما ساهم في الكشف عن المزيد من الحالات. وثانياً، أدى تخفيف التدابير الاجتماعية في بعض البلدان أثناء شهر رمضان وبعده إلى زيادة الحالات في الأسابيع التالية. وثالثاً، تواجه النُظُم الصحية الضعيفة في البلدان المتضررة بالنزاعات تحديات في الكشف المناسب عن الحالات واختبارها وعلاجها.
وفي الأسابيع الأخيرة، بدأت البلدان في تخفيف حظر الخروج لاستئناف بعض الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، في محاولة للموازنة بين السيطرة على الفاشية وحماية سُبُل العيش. ومع بدء الأماكن العامة في فتح أبوابها، هناك خطر حقيقي يتمثَّل في استمرار زيادة الحالات، حتى في البلدان التي يبدو فيها الوضع الآن مستقراً.
إن إقليمنا الآن في مرحلة حرجة. ورفع القيود عن حظر الخروج لا يعني أن نتراجع عن الاستجابة أو نتخلى عن مسؤولياتنا الاجتماعية. ويجب على الحكومات الآن، أكثر من أي وقت مضى، أن تعمل بقوة على توسيع نطاق تدابير الصحة العامة التي ثبتت جدواها، والتي نعلم أنها تكافح انتشار الفيروس، من خلال الكشف عن الحالات واختبارها وعزلها وعلاجها وتتبُّع المُخالِطين. ومع فتح المطارات والمعابر الحدودية تدريجياً، يجب على الحكومات مواصلة تطبيق التدابير الاحترازية من خلال تعزيز الترصُّد في نقاط الدخول.
ويجب على الأفراد الذين يخرجون من منازلهم لأول مرة منذ أشهر أن يكونوا أكثر حذراً ويقظة، وأن يتبعوا تدابير الحماية التي تُوصي بها السلطات الصحية. وكل قرار يتخذه شخص واحد يؤثر علينا بشكل جماعي، وقد تكون عواقبه غير قابلة للإصلاح.
إن النُظُم الصحية مثقلة بالأعباء، كما أن العاملين في مجال الرعاية الصحية منهكون، ولا يزال عدد كبير من الناس في إقليمنا معرضين للإصابة بالمرض. الفشل ليس من بين الخيارات. يجب أن ننجح، ليس فقط في التصدي لهذه الجائحة، ولكن أيضاً في الاستجابة للمخاطر الصحية الأخرى التي يعاني منها إقليمنا منذ سنوات. وبعد مرور ستة أشهر على الاستجابة للجائحة، أصبح من الأهمية بمكان، أكثر من أي وقت مضى، أن يستمر تقديم الخدمات الأساسية، مثل برامج التمنيع والخدمات الصحية المُقدَّمة للأمهات والأطفال، وأن تكون هذه الخدمات قادرة على أداء وظائفها جيداً دون انقطاع.
وتلتزم المنظمة التزاماً تاماً بتحقيق رؤيتها التي تتمثَّل في حماية صحة الجميع في كل مكان. ونحتاج إلى رؤية المزيد من الالتزامات والإجراءات الملموسة من جانب الحكومات والعامة، لكي نكون يداً واحدة في تحقيق هذا الهدف.