وصلت المعاناة الإنسانية والاحتياجات الصحية في اليمن إلى مستوى غير مسبوق. وقد أصيبت كامل البلاد وبنيتها التحتية الصحية بالشلل. فالسكان الذين نجوا من الحرب المستمرة لأكثر من ثلاث سنوات ونصف يجدون أنفسهم أمام تهديدات إضافية تتمثل بالجوع والمرض.
وتعجز الأمهات المصابات بسوء التغذية من إرضاع أطفالهن الذين يعانون أيضاً من سوء التغذية. لقد فقد آباء أطفالهم لأن عائلات بأكملها أصيبت بمرض الكوليرا وتكبدت أمراضاً أخرى بصورة متكررة. والسكان الذين سقطوا في براثن الفقر المدقع بسبب الحرب غير قادرين على شراء الطعام لأسرهم، حيث تقتات بعض الأسر على الخبز فقط. وفيما يستمر الريال اليمني في الانهيار، فإن العائلات الفقيرة التي تستطيع بالكاد تحمل القليل لن يعود بمقدورها توفير شيء.
وفي حين توفر المرافق الصحية الرعاية الطبية المجانية، فإن الكثير من اليمنيين يعجزون عن تحمل تكاليف النقل العام للوصول لهذه المرافق، وتضطر العديد من العائلات لبيع ممتلكاتها لشراء الأدوية. ولم يتلقَ العاملون الصحيون رواتبهم منذ حوالي عامين.
لقد ازدادت الحاجة لتدخلاتنا المنقذة للحياة في اليمن أكثر من أي وقت آخر.
وعلى الرغم من التحديات الجسيمة التي تعيق استجابتنا، يستمر التزامنا بإنقاذ الأرواح في اليمن. ولضمان استمرارية عمل المستشفيات، نقوم برفدها بالوقود والمياه النظيفة والأدوية وسيارات الإسعاف. كما ندعم مراكز علاج الإسهال والأمراض الأخرى إضافة لدعمنا مراكز التغذية العلاجية للأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم المصاحب لمضاعفات طبية. كما نحرص على ضمان استمرار العاملين الصحيين في الإبلاغ عن الأمراض من خلال توفير فرق الاستجابة السريعة والفرق الطبية المتنقلة في المناطق التي يصعب الوصول إليها ودعم الفرق الجراحية في المستشفيات ذات الأولوية بالحوافز المادية.
وخلال هذا العام فقط، تمكنا من الوصول إلى ٨.٧ مليون شخص بالخدمات الصحية. غير أن هناك الكثير من السكان الذين لم نتمكن من الوصول إليهم بسبب انعدام الأمن، وهناك الكثير ممن يعجزون عن الحصول على الأدوية المطلوبة والرعاية الطبية المتخصصة. يموت السكان في اليمن ليس بسبب الرصاص والقنابل فحسب، ولكن أيضاً بسبب عدم قدرتهم على تلقي الرعاية الطبية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة.
لا يمكن السماح لأنفسنا بقبول هذا الوضع. يجب احترام القوانين الإنسانية التي تحمي المدنيين والمستشفيات والعاملين الصحيين والمرضى من قبل جميع الأطراف. ويجب منح فرص المرور غير المُقيد للأدوية والمستلزمات الطبية لجميع أنحاء البلاد. الشعب اليمني بحاجة للوصول الفوري وغير المشروط لخدمات الرعاية الصحية المنقذة للحياة، وهم بحاجة لذلك الآن أكثر من أي وقت مضى.