20 نيسان/ أبريل 2023 - نحن جميعا على علم بالوضع المروع الذي يتكشَّف حاليًا في السودان. فلقد لقي ما يقرب من 330 شخصًا مصرعهم وأصيب ما يقرب من 3200 آخرين بجروح، منذ 15 نيسان/ أبريل، نتيجة القتال بين الحكومة وقوات المعارضة المسلحة في الخرطوم وعدد من الولايات الأخرى، بما في ذلك ولايات دارفور.
والحركة في الخرطوم مقيدة بسبب انعدام الأمن، الأمر الذي يُسبب تحديات للأطباء والممرضين والمرضى وسيارات الإسعاف للوصول إلى المرافق الصحية، ويعرِّض حياة أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة إلى الخطر.
والمصابون بأمراض مزمنة المحتاجون إلى رعاية مستمرة غير قادرين على الحصول على العلاج. هذا، وتتزايد احتياجات الصحة العقلية والاحتياجات النفسية-الاجتماعية، لا سيما بين الأطفال.
إن استمرار انقطاعات التيار الكهربائي على نطاق واسع ونقص الكهرباء في مناطق معينة والمستشفيات يضع المرضى في خطر شديد. وعلاوة على ذلك، تعاني المرافق الصحية نقصًا حادًا في المياه والوقود، في حين توقف عدد من محطات المياه في الخرطوم عن العمل. وتجابه المستشفيات نقصًا حادًا في الطواقم الطبية المتخصصة، وإمدادات الأكسجين، وأكياس الدم.
ومما يثير القلق الشديد أيضًا تلك التقارير عن الاعتداءات الجنسية على العاملين في المجال الإنساني الدولي، وكذلك التقارير المتزايدة عن الهجمات على مجال الرعاية الصحية، بما في ذلك الاعتداءات على العاملين في المجال الصحي، والاحتلال العسكري للمستشفيات، ونهب سيارات الإسعاف واختطافها.
وبحسب وزارة الصحة، فقد اضطرت 20 مستشفى حتى اليوم إلى الإغلاق بسبب الهجمات أو نقص الموارد، وثمانية مرافق صحية أخرى معرضة لخطر الإغلاق بسبب إرهاق طواقم العمل أو نقص الأطباء والإمدادات الطبية.
لذلك فإننا ندعو جميع الأطراف إلى تنفيذ توقف إنساني مستدام في أقرب وقت ممكن لكي يتمكَّن أولئك المحاصرون بسبب القتال من البحث عن ملاذ؛ وليتمكَّن المدنيون من الحصول على الغذاء والمياه والأدوية وغيرها من المواد الأساسية؛ وليتمكَّن أولئك المحتاجون إلى الرعاية الصحية من التماس الرعاية التي يحتاجون إليها.
والحرب تلقي بآثارها على جميع جوانب الحياة، ولا ينتهي الأمر عند الإصابات المباشرة من جرائها، والعواقب السلبية على الصحة يمكن أن تكون طويلة الأجل.
وفيما قبل الأزمة الحالية، كان 15.8 مليون شخص في السودان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وهذا الرقم يمثل ثلث السكان. وها نحن أولاء نلاحظ تدهورًا صادمًا في هذا الوضع الإنساني شديد الصعوبة والتعقيد بالأصل. وكلما طال أمد القتال، زادت العواقب على صحة وعافية ملايين من الناس ممن يواجهون بالفعل عددًا كبيرًا من تهديدات الصحة العامة.
إن السودان واحد من سبعة بلدان في القرن الأفريقي الكبير متأثرة بالفعل بانعدام الأمن الغذائي في ظل أن أكثر من ربع السكان يواجهون أزمة غذائية بالفعل. والعديد من فاشيات الأمراض منتشرة حاليًا في البلاد، ومن بينها الحصبة، شلل الاطفال،وأول فاشية من نوعها لحمى الضنك في الخرطوم، وزيادة حالات الملاريا في جميع أنحاء البلاد.
ويُشار هاهنا إلى أن منظمة الصحة العالمية شريك للسودان منذ عام عام 1956، أي على مدى السنوات الـ 67 الماضية، وفرقنا العاملة على الأرض ملتزمة بحماية صحة ملايين من السودانيين وعافيتهم. وسنواصل ذلك ما دامت صحة موظفينا وسلامتهم قائمة متحققة دون خطر يتهددهم. وحتى قبل اندلاع هذا الصراع الأخير، كانت المنظمة قد دفعت مسبقًا بأدوية ومستلزمات أساسية إلى المستشفيات في جميع أنحاء الخرطوم، ويشمل ذلك إمدادات علاج الإصابات الشديدة ومستلزمات الجراحة الطارئة، بالإضافة إلى عربات الإسعاف المجهزة المملوكة لوزارة الصحة، وأجرَت عدة جولات من الدورات التدريبية للأطباء بشأن التدبير العلاجي للإصابات الجماعية والرعاية الحرجة.
وفي ظل توقف المزيد من المستشفيات عن العمل بسبب نقص المستلزمات الصحية، فإن مجموعة مخصصة لهذا الغرض (تضم منظمة الصحة العالمية، ووزارة الصحة، وفرق إدارة الإصابات الجماعية) تنسق مع الصيدليات ومستودعات الأدوية بشأن توافر المستلزمات وضمان توجيه الأدوية والمستلزمات إلى حيث تشتد الحاجة إليها. وبمجرد رفع القيود على السفر إلى السودان، سينطلق بسرعة إلى الخرطوم المزيد من الطواقم المتخصصة لتولي رعاية الإصابات الشديدة، والصحة العامة، والخدمات اللوجستية، والأمن، كما توجد إمدادات أخرى على أهبة الاستعداد لنقلها جوًا من مركز الإمدادات اللوجستية التابع للمنظمة في دبي.
ولا تزال منظمة الصحة العالمية ملتزمة بشراكتها القائمة منذ فترة طويلة مع السودان، وسنواصل العمل لتحقيق رسالتنا المتمثلة في تحقيق الصحة للجميع وبالجميع. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك إلا في بيئة تسمح لنا بالعمل دون عوائق ودون تعريض موظفينا للخطر؛ إذ ستكون صحتهم وعافيتهم أولويتنا الأولى دائمًا.
لذا ندعو إلى الاتفاق على ممر آمن وهدنة إنسانية للعاملين الصحيين والمرضى وسيارات الإسعاف. ونحث جميع أطراف الصراع على وضع سلامة شعبهم وأمنه فوق كل اعتبار آخر.
وختامًا، فإن عقولنا وقلوبنا مع شعب السودان.