بيان المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية أمام الدورة السادسة والخمسين بعد المائة للمجلس التنفيذي: ‏شلل الأطفال

بيان المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية أمام الدورة السادسة والخمسين بعد المائة للمجلس التنفيذي: ‏شلل الأطفالشباط/ فبراير 2025

السيد الرئيس، أصحاب المعالي والسعادة، المدير العام،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

إنَّ إقليم شرق المتوسط هو الوحيدُ من بين سائر أقاليم المنظمة الذي لا يزالُ مَوْطونًا بفيروسِ شللِ الأطفالِ البرَّي.

وتقع على عاتقنا مسؤولية هائلة قَبِلَتَها المنطقة بثقةٍ والتزام.

ففي مستهل عامِ 2024، كانت جميعُ المؤشراتِ تفيد بأنَّنا كنَّا قاب قوسين أو أدنى من استئصالِ فيروسِ شللِ الأطفالِ البرَّي في أفغانستانَ وباكستانَ، وهما آخر بلدَيْنِ يتوطُّن فيهما شللُ الأطفالِ. غير أن المرضَ عاودَ الظهور مجدَّدًا، إلى جانبِ فاشياتِ فيروس شلل الأطفال المُتحوِّر في الصومال، والسودان، واليمن، وقطاع غزة.

لقد حظيتُ العام الماضي بشرف زيارة كل من أفغانستان وباكستان مرتين. ورأيتُ تلك الجهود الدؤوبة التي يبذلها العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية. وينبغي لنا العمل على تعزيز قدراتهم حتى يتمكنوا من المضي قُدُمًا في مساعيهم تلك.

فنحن ما زلنا ملتزمين باستراتجيتنا الواضحة في هذا الشَّأْن، وهي تَطعيمِ كلِّ طفلِ ومُواصلة جهود البَحْثِ الدؤوب عن الفيروسِ لوَقْفِ سَريانِه.

وتحقيقُ تلكَ الغايةِ ليسَ بالمهمةِ السهلةِ على الإطلاق. حيث يواجهُ كلا البلدين تحدياتٍ جغرافيةٍ وسياسيةٍ هائلةٍ، فضلًا عن تحدياتٍ أخرى متعلقةٍ بالبنيةِ التحتيةِ، والبيئةِ، والأمن.

ومع ذلك، فليسَ في تلكَ التحدياتِ ما يستحيلُ التَّغلُّب عليه.

ففي غزَّة، حصلَ أكثرُ من 560,000 طفلٍ على التطعيمِ ضدَّ شللِ الأطفالِ أثناءَ الهدنةِ الإنسانيةِ العامَ الماضي - ويرجعُ الفضلُ في ذلك إلى التنسيقِ المتعددِ المستويات بين عدة جهاتٍ فاعلةٍ الذي قادته منظمة الصحة العالمية، وإلى روحِ العزيمةِ والإقدامِ التي تحلَّى بها العاملون الصحيون والمجتمعات المحلية.

ونحن إذ فعلنا ذلك في غزة، يمكننا أن نفعله في أي مكان.

وقد استفسرت الدول الأعضاء مساء أمس عن التعاون بين البلدان. إن إقليمنا يقود الطريق. فاللجنة الفرعية الإقليمية الوزارية المعنية باستئصال شلل الأطفال والتصدي لفاشياته، التي أتولى دعوتها إلى الانعقاد، وتشارك في رئاستها قطر والإمارات العربية المتحدة، قد وَحَّدَت الإقليم في إطارٍ من التضامن والعمل الجماعي والدعم المتبادل. وتتولى منظمة الصحة العالمية عقد الحوار الصحي بين أفغانستان وباكستان لضمان التعاون الضروري للبلدين لتحقيق استئصال شلل الأطفال بالتزامن مع تلبية احتياجاتهما الصحية الأوسع نطاقًا.

وقد حشدتُ جميع الجهود لاستئصال شلل الأطفال، وشمل ذلك تعاونًا كاملًا من جانب الممثلين القُطريين للمنظمة وأفرقتهم والمقر الرئيسي للمنظمة. وعملتُ جنبًا إلى جنب مع الدكتور تيدروس لمواجهة أصعب التحديات.

ونحن نعمل في تناغمٍ تامٍ مع شركائنا في المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، فزياراتي إلى البلدان الموطونة ومشاركات الجهات المانحة تتم مع رئيس مجلس مراقبة شلل الأطفال ونظيري من اليونيسف. ولا تزال منظمة الروتاري شريكًا وقائدًا ثابتًا. إن انسحاب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يُكلفنا الكثير بالفعل بسبب فقدان الدعم التقني والاستراتيجي والمالي. ويعني ذلك من الناحية المالية خسارة قدرها 133 مليون دولار أمريكي للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، وخسارة قدرها 100 مليون دولار أمريكي للمنظمة كل عام. وتواجه المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال عجزًا في التمويل قدره 2.4 مليار دولار أمريكي لخطتها الحالية التي جرى تمديدها حتى عام 2029. ونحن نُقدّر تعهُّد المملكة العربية السعودية بمبلغ 500 مليون دولار أمري تقديرًا بالغًا إذ جاء ذلك التعهّد في الوقت المناسب في هذه المرحلة الحاسمة من جهود الاستئصال في ظل تضاؤل الموارد.

نحن نؤدي دورنا. ونحتاج إلى دعم راسخ من المجتمع الدولي حتى نتمكن من عبور خط النهاية.

وهذا ما يدعونا إلى العملْ معًا حتى نضمن حصولِ كلِّ طفلٍ أخيرٍ على التطعيمِ الذي يحتاجُ إليهِ. حينها فقط، سنكونُ قدْ اقْتَلَعْنا شَللَ الأطفالِ من جُذورِهِ.