كلمة تلقيها الدكتورة حنان حسن بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في مناسبة انعقاد الحوار بشأن السياسات لتوسيع نطاق تنفيذ المبادرة الرئيسية للمديرة الإقليمية من أجل تعزيز الاستجابة الصحية العامة لتعاطي مواد الإدمان في إقليم شرق المتو

أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة

28 شباط/ فبراير 2025

أصحاب المعالي والسعادة، الضيوف الكرام، الشركاء والزملاء الأعزاء،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

ونحن على مشارف الانتهاء من حوارنا هذا بشأن سياسات تعزيز الاستجابة الصحية العامة لتعاطي مواد الإدمان، لا يسعني إلا أن أعرب عن ارتياحي العميق إزاء ما أبديتموه من تفان والتزام على مدار الأيام الثلاثة الماضية، وهو ما ساهم اليوم في إصدار بيان بتوافق جميع الآراء.

وأود أن أشكركم شخصيًا على المناقشات الثرية التي انخرطتم فيها بشأن هذه المسألة البالغة التعقيد، لا سيما أن التصدي للإدمان يتطلب منا الالتزام على المستويين الفردي والمجتمعي.

لقد حان الوقت كي نقر بمشكلة تعاطي مواد الإدمان وضرورة التصدي لها باعتبارها التحدي الرئيسي الذي تواجهه جهود الصحة العامة، بدلًا من التعامل معها على أنها مسألة تتعلق بإنفاذ القانون فحسب.

إذ يتسبب الوصم والتمييز ضد الأفراد الذين يعانون من الاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان، وتجريم تعاطي المخدرات في وجود فجوة علاجية هائلة تزيد حاليًا على 92% في إقليم شرق المتوسط.

إننا بحاجة إلى قيادة قوية على مستوى الحكومات، ونظم الصحة العامة، والسلطات المعنية بمكافحة المخدرات من أجل التصدي لهذه القضية الحاسمة من خلال تنفيذ تدخلات قوية ومنسقة ومسندة بالبينات.

فأولًا، ينبغي لنا العمل على تعزيز أطر السياسات والأطر التنظيمية التي تتصدى لتعاطي مواد الإدمان.

وثانيًا، يجب أن نعزز النظم الصحية لتحسين إتاحة الخدمات وتوفير الرعاية لمن يعانون من الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المواد.

وثالثًا، يجب علينا النهوض بالوعي الصحي وإرساء نظم وطنية للوقاية من الإدمان عبر التنسيق والتعاون بين القطاعات لتعظيم الأثر المنشود من تلك الجهود.

وأخيرًا، يجب أن نعزز الرصد والترصد من أجل التوصل إلى البينات الضرورية.

فعلى سبيل المثال، سيضمن إدماج التدخلات في حزم المنافع الوطنية للتغطية الصحية الشاملة توافر الموارد على نحو مستدام، وتوسيع نطاق الحصول على الخدمات من قبيل الوقاية، والحد من الضرر، والعلاج، والتعافي، وإعادة التأهيل.

وسنحتاج في سبيل ذلك إلى ضمان إعداد القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية للتعامل مع تعاطي مواد الإدمان وتقديم رعاية شاملة تركز على المرضى على امتداد سلسلة الرعاية.

ويمكننا فعل ذلك عن طريق إدماج ما يتعلق بتعاطي مواد الإدمان في التعليم الجامعي والدورات التدريبية أثناء الخدمة للمهنيين العاملين في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية؛ ووضع برامج للدراسات العليا تدور حول طب الإدمان؛ وتوفير الأدوية الأساسية وإمكانية الحصول عليها، مع ضمان تجنب استخدامها لأغراض غير طبية.

وأود في هذا المقام أن أؤكد من جديد، بالنيابة عن وكالات الأمم المتحدة، التزامنا بتقديم الدعم التقني لتلك الجهود، واضعين نصب أعيننا الحاجة إلى تقليل الضرر إلى أدنى حد ممكن، وإتاحة العلاج، وتعزيز التعافي وإعادة الإدماج.

وأغتنم هذه الفرصة للإعلان عن تأسيس الفريق الاستشاري الاستراتيجي والتقني المعني بتعاطي مواد الإدمان.

إذ سيضطلع هذا الفريق، الذي يتألف من خبراء من داخل الإقليم وخارجه، بتقديم التوجيه والدعم إلى البلدان في إعداد ووضع سياسات ولوائح وخدمات مسندة بالبينات ومرتكزة على رصد وتقييم قويين.

ويسرني أيضًا أن أعلن إطلاق التحالف الإقليمي للصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان الذي يضم منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال الصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان.

ومن شأن هذا التحالف أن يعزز جهود رفع الوعي بتعاطي مواد الإدمان ومكافحة الوصم، من خلال مشاركة الأشخاص ذوي التجارب المعيشة وتمكينهم.

وقد أعدت منصة تفاعلية استضافتها شبكة العمل العالمية في مجال الصحة النفسية بالتعاون مع منظمة «متحدون من أجل الصحة النفسية العالمية»، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المنصة بالكامل في أبريل، قبل انعقاد مؤتمر القمة الوزاري العالمي للصحة النفسية السادس في الدوحة.

لقد بلغني بكل وضوح مطلبكم المتمثل في الحصول على دعم المنظمة من أجل إطلاق حواراتكم الوطنية بشأن تعاطي مواد الإدمان، وإنشاء هياكل وآليات مناسبة للحوكمة والتنسيق للبرامج الوطنية المعنية بذلك.

ومن جانبنا، فإن المنظمة ستدعمكم في وضع خطط عمل وطنية متوازنة؛ واستعراض التشريعات والأطر التنظيمية؛ وإنشاء نظم للوقاية من التعاطي؛ وتعزيز خدمات الحد من الضرر والعلاج والتعافي؛ وتقديم المساعدة التقنية للرصد وجمع البيانات والإبلاغ بها.

وبلغني بوضوح تام أيضًا رغبتكم في تبادل أفضل الممارسات، وإقامة شراكات مع مراكز الامتياز في بلدان وأقاليم أخرى. وستدعم المنظمة ذلك أيضًا.

وختامًا، فإنني آمل أن يمكنكم هذا الزخم الذي أسفر عنه هذا الحوار من تنفيذ الإجراءات ذات الأولوية التي حددتموها بالفعل. ومن شأن ذلك أن يساعدنا في خفض معدلات المراضة والوفيات والأعباء الاجتماعية الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان بصورة حاسمة في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط.