أصحاب المعالي والسعادة وزراء الصحة ورؤساء الوفود،
المدير العام،
السيدات والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كم يسعدني ويشرفني أن أرحب بكم جميعًا في الدورة الحادية والسبعين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط. وهذه هي اللجنة الإقليمية الأولى لي بعد أن توليت مهام منصبي مديرةً إقليميةً لشرق المتوسط. وأود في مستهل كلمتي أن أتوجه بخالص الشكر لرئيس الدورة السابقة، معالي الدكتور علي حاج أبو بكر، وزير الصحة والخدمات الإنسانية بالحكومة الاتحادية لجمهورية الصومال.
وأشكر كذلك مضيفينا الكرام من حكومة قطر، الذين عملوا بجد وحماس في كل مرحلة من مراحل التحضير لهذا الاجتماع المهم، تحت قيادة سعادة وزيرة الصحة العامة، الدكتورة حنان الكواري.
وأشكركم، أيها الحضور الكرام، شكرًا خاصًا على الانضمام إلى هذه الدورة المتميزة، وأنا جد سعيدة بهذا الجمع من المشاركين، وأتطلع إلى الأيام القادمة التي ستكون دون شك مفعمةً بالحيوية وبالنتائج الإيجابية.
وأخيرًا، ما كان لنا أن ننسى أولئك الذين حالت ظروفهم دون الانضمام إلينا، بل من المؤسف أن بعض زملائنا وشركائنا الأعزاء منعتهم الظروف الأمنية الحالية في الإقليم من السفر من بلدانهم.
واسمحوا لي أن أوجه رسالةً من هنا، إلى زملائي الذين يعملون بتفان وإخلاص في أوضاع بالغة السوء، وأود أن أقول لهم: بشجاعتكم وإخلاصكم وتفانيكم، أنتم تصنعون ما كنا نعتقده مستحيلًا! حتى أصبحتم مصدر إلهام لنا جميعًا، وإن غبتم اليوم عن عيوننا، فأنتم حاضرون في عقولنا وقلوبنا.
أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة،
إن اللجنة الإقليمية لهذا العام تمنحنا فرصةً كبيرةً لمناقشة حالات الطوارئ وغيرها من التحديات الصحية الرئيسية في إقليمنا. وغدًا -بإذن الله- سنوافيكم بآخر مستجدات الطوارئ الصحية، وستعقد جلسة إحاطة خاصة بشأن الوضع في فلسطين، وسنطلعكم كذلك على أحدث جهودنا المتواصلة الرامية إلى تحقيق عالم خال من شلل الأطفال.
ولا يخفى على علمكم أن الأزمات والتحديات العديدة التي يواجهها الإقليم ستطغى هي أيضًا على مناقشاتنا طوال هذه الدورة، إما في صورة جلسات عامة، وإما أحداث ومناقشات جانبية. فنحن بحاجة إلى الحديث عن المشكلات التي تواجهنا بكل شفافية ووضوح، وأنا على يقين من أننا سنفعل ذلك بإذن الله.
وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن تلين عزائمنا، أو تتبدد آمالنا تحت وطأة اليأس، فإن هذه اللجنة الإقليمية، كما كانت دائمًا، هي من أبرز المحافل التي نناقش فيها سياسات الصحة العامة في إقليمنا، فإن اجتماعنا دائمًا ما يكون فرصةً سانحةً ودافعًا جديدًا لإحداث تغيير إيجابي ومؤثر. ولذا، أمامنا جدول أعمال حافل، وأنا متحمسة للعمل معكم جميعًا لإحراز تقدم في مختلف القضايا المطروحة.
وستكون غالب مناقشاتنا اليوم وصبيحة الغد بشأن خططنا الأوسع نطاقًا للسنوات الأربع المقبلة، ومنها الخطة التنفيذية الاستراتيجية الجديدة للمنظمة في الإقليم، والمبادرات الرئيسية الثلاث. ولدي شخصيًا الكثير والكثير مما سأشارك به في هذه الموضوعات اليوم وغدًا، ولكني أود الآن أن أسلط الضوء على بعض بنود العمل الرئيسية الأخرى للأيام المقبلة.
فسنعرض على معاليكم أربع ورقات تقنية لتسريع وتيرة التقدم في بعض المجالات الرئيسية:
أولًا، واستنادًا إلى مبادرتنا الإقليمية للرضوح، نقترح إطارًا تنفيذيًا جديدًا للتصدي للرضوح في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة، وكما تعلمون، فقد حققنا الريادة في هذا المجال، إذ تعمل المبادرة الإقليمية للرضوح بالفعل على إنقاذ الأرواح من خلال التطبيق المنهجي لبعض التدخلات الأساسية. وأحثكم على تأييد هذا الإطار التنفيذي المقترح الذي سيساعد في إنقاذ حياة عدد أكبر من الناس.
ثانيًا: وضعنا خطة عمل إقليميةً جديدةً لتعزيز الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في حالات الطوارئ؛ إذ إن أكثر من خمس الأشخاص المعرضين للنكبات قد يعانون من أمراض نفسية. ومن المؤسف أن في خدمات الصحة النفسية فجوات هائلةً، لا سيما عندما تسوء الأوضاع وتنتشر النزاعات، وهذه مشكلة ينبغي لنا أن نتصدى لها جميعًا، وأتطلع إلى آرائكم وأفكاركم في هذا الشأن.
أما ورقتنا التقنية الثالثة، فتبحث عن كيفية التحفيز على الاستجابة لمقاومة مضادات الميكروبات في الإقليم، فكما نعلم جميعًا، فإن مقاومة مضادات الميكروبات هي أحد أكبر التهديدات التي تواجه الصحة والتنمية على الصعيد العالمي، وكما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها الثاني الرفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات الشهر الماضي، فإننا لا نبذل جهودًا كافيةً للتصدي لهذا التهديد. لذا، فإننا نتطلع إلى استثمار ذلك الحراك الذي أحدثه ذلك الاجتماع لتكثيف العمل بشأن مقاومة مضادات الميكروبات في الإقليم، لا سيما لتعزيز العمل التعاوني عبر القطاعات. وستكون المناقشة خلال هذه اللجنة الإقليمية جزءًا أساسيًا من التحضير للقمة الوزارية المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية الشهر المقبل.
وأما الورقة التقنية الأخيرة، فسنعرض فيها بالتفصيل كيفية تحسين نظم المعلومات الصحية في جميع أنحاء الإقليم. وكما تعلمون فإن البيانات الدقيقة والشاملة والمناسبة التوقيت لها أهمية كبيرة لصناع القرار، إذ تساعدهم في اتخاذ قرارات مستنيرة. وقد أحرزت بعض البلدان تقدمًا مذهلًا في نظم المعلومات الصحية في السنوات الأخيرة، ولكننا بحاجة إلى مضاعفة الجهود، وضمان تنفيذ المعايير الدولية لتبادل البيانات. لذلك أدعوكم إلى الانضمام إلى جلستنا التقنية وحلقة النقاش، بشأن المزايا والتحديات المحتملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي من أجل الصحة.
أصحاب المعالي والسعادة،
ما عرضته الآن هو لمحة مختصرة عن بعض البنود التقنية الرئيسية التي سننظر فيها في قادم الأيام، وأدعوكم إلى الاطلاع على الوثائق المتاحة على الإنترنت للحصول على مزيد من المعلومات. وكما جرت العادة، سنعرض مشاريع قرارات بشأن تلك البنود وغيرها على اللجنة للنظر فيها في الوقت المناسب.
إن منظمة الصحة العالمية هي منظمتكم، أنتم من يحدد أولوياتها وتوجهاتها الاستراتيجية. ونحن نعمل جنبًا إلى جنب مع معاليكم لتحقيق تلك الأولويات والتوجهات، ونتحمل المسؤولية أمامكم.
وتأتي هذه الدورة للجنة الإقليمية بوصفها مكونًا أساسيًا من آليات الحوكمة وعملياتها، التي تكفل مواءمة المنظمة مع احتياجات الدول الأعضاء وأولوياتها. وستكون أدوات الحوكمة الرسمية، مثل التقارير والقرارات والمقررات الإجرائية، محور عملنا في أثناء الدورة. ولكن اللجنة الإقليمية، بطبيعة الحال، تعني ما هو أكثر من ذلك بكثير، وهذه فرصتنا للتعاون مع الشركاء من جميع أنحاء الإقليم وخارجه.
فلنتقاسم إذًا خبراتنا وأفكارنا، بل ربما مخاوفنا أحيانًا. ولنحافظ على صداقاتنا ونضيف إليها صداقات جديدةً، والأهم من ذلك أن نجدد التزامنا المشترك بتحسين صحة الجميع وعافيتهم في إقليمنا. وإنني أتطلع إلى التحدث إلى أكبر عدد ممكن منكم، وإلى الإنصات إليكم جميعًا.
ويسعدني هنا أن أشير إلى أننا مساء يوم الأربعاء، وفي رحاب متحف الفن الإسلامي في قطر، نستضيف فعاليةً بشأن الجولة الاستثمارية، أتمنى أن أراكم جميعًا هناك.
وسنواصل هذا الصباح جلستنا بروح من الأمل والتفاؤل نستمع فيها لكلمة زميلي العزيز الدكتور تيدروس أدحانوم، وسعادة الدكتورة حنان الكواري، والأستاذ القدير عز الدين أبو العيش. ولكن قبل أن نبدأ لنشاهد معًا هذا الفيديو القصير الذي أتمنى أن ينال إعجابكم.
أتمنى لكم جميعًا أوقاتًا متمتعةً مليئةً بالنقاشات المثمرة والحوارات البناءة التي تساهم في تعزيز التعاون وتحقيق الأهداف المشتركة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.