صحة المرأة والمساواة بين الجنسين: عناصرُ أساسيةٌ من أجلِ مستقبلٍ أفضلَ في إقليم شرق المتوسط
في اليومِ الثامنِ من شهرِ آذار/ مارس من كلِّ عامٍ، نحتفلُ باليومِ الدوليِّ للمرأةِ، ويُخصَّصُ هذا الشهرُ بأكملِه للإشادةِ بإنجازاتِ المرأةِ والتقدمِ الذي أحرزتْهُ، على الرغمِ منَ التحدياتِ العديدةِ التي تواجهُها.
وموضوعُ هذا العامِ هو "الاستثمارُ في المرأةِ لتسريعِ وتيرةِ التقدمِ"، وهو دعوةٌ من المهمِّ أن نُلبِّيَها في أيامِنا هذه التي تتَّسمُ بعدمِ اليقينِ.
ففي عالَمٍ يواجهُ طوارئَ وأزماتٍ متنوعةً، أصبحَ الاستثمارُ في المرأةِ الآنَ ضروريًّا أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى. وعلينا أن نستثمرَ في تمكينِ النساءِ والفتياتِ وفي صحتِهنَّ وعافيتِهنَّ في جميعِ مناحي الحياةِ. ومِن ذلك أن تحظى أدوارُهن في مجالاتِ القيادةِ وحفظِ السلامِ وتقديمِ الخِدْماتِ، ومُساهماتُهن الرئيسيةُ في الأُسرِ والمجتمعاتِ المحليةِ، بالِاعترافِ بها وتقديرِها والِاستثمارِ فيها. فهذه هي الطريقةُ الوحيدةُ لضمانِ مجتمعاتٍ مزدهرةٍ وعادلةٍ، ومستقبلٍ أفضلَ للجميعِ.
يتراوحُ متوسطُ العُمُرِ المتوقَّعِ في صفوفِ النساءِ ببُلدانِ إقليمِ شرقِ المتوسطِ بين سبعةٍ وخمسينَ واثنيْنِ وثمانينَ عامًا، أيْ بفارقٍ صادمٍ يَبلغُ خمسةً وعشرين عامًا. ويُعَدُّ العُمُرُ المتوقعُ مؤشرًا غيرَ مباشرٍ على صحةِ المرأةِ بوجهٍ عامٍّ، التي تأثَّرتْ سلبًا بالأزماتِ العديدةِ في الإقليمِ. وبذا علينا أن نضمنَ تخصيصَ مزيدٍ من التمويلِ وتطويرِ مزيدٍ من البرامجِ لتعزيزِ صحةِ المرأةِ، لا سيَّما في أوقاتِ انعدامِ الأمنِ وحالاتِ الطوارئِ. فلا يُمكنُ إحرازُ أيِّ تقدمٍ بغيرِ مواطنينَ أصِحَّاءَ.
ومن المُوثَّقِ أنَّه في حالاتِ الطوارئِ، يزدادُ العنفُ القائمُ على النوعِ الاجتماعيِّ، وتتضرَّرُ خِدْماتُ الصحةِ الإنجابيةِ وصحةِ الأمهاتِ. وتشيرُ التقديراتُ إلى أنَّ احتمالَ وفاةِ النساءِ والأطفالِ عند وقوعِ كارثةٍ يزيدُ بمقدارٍ يصلُ إلى أربعَ عشرةَ مرةً عنِ احتمالِ وفاةِ الرجالِ. ومن الضروريِّ زيادةُ المشاركةِ الفاعلةِ للمرأةِ في الجهودِ الراميةِ إلى التأهبِ للكوارثِ والتصدي لها، مع ضمانِ أن تُراعِيَ جهودُنا هذه اعتباراتِ النوعِ الاجتماعيِّ .
وعندما نتناولُ صحةَ المرأةِ، يجبُ أن ننظرَ إليها نظرةً شاملةً عبرَ مراحلِ حياتِها المختلفةِ. وبهذه الطريقةِ لا غيرِها، يمكنُنا تصميمُ وتنفيذُ برامجَ صحيةٍ تلبِّي احتياجاتِ المرأةِ جميعَها. ويتطلبُ ذلك الِابتعادَ عنِ البرامجِ الرأسيةِ، وتبنِّيَ نهجِ التعاونِ داخلَ القطاعاتِ وفيما بينَها. ولهذا النهجِ أهميةٌ بالغةٌ في تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ، ورؤيةِ منظمةِ الصحةِ العالميةِ المتمثلةِ في تحقيقِ الصحةِ للجميعِ.
إنَّ المستقبلَ مرهونٌ بما نفعلُه اليومَ. وبالحدِّ من أوجهِ عدمِ المساواةِ بينَ الجنسيْنِ، وتحسينِ صحةِ النساءِ والفتياتِ وعافيتِهِنَّ، والنهوضِ بوضعِهِنَّ الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ واندماجِهِنَّ، يُمكنُنا تعزيزُ مجتمعاتِنا. فاستثمارُنا في المرأةِ استثمارٌ في التقدمِ والسلامِ والِازدهارِ للجميعِ في كلِّ مكانٍ.