21 كانون الأول/ ديسمبر 2023 - الجوع يجتاحُ غزة، ومن المتوقع أن يزيد ذلك من انتشار المرض في جميع أنحاء القطاع بشكلٍ أكثر حدة بين الأطفال والحوامل والمرضعات وكبار السن.
وفي تقديرات جديدة صدرت اليوم، قالت الشراكة العالمية للنظام المتكامل لتصنيف مراحل الأمن الغذائي، والتي تضم منظمة الصحة العالمية، إن غزة تواجه "مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي"، مع خطر حدوث مجاعة "تتزايد كل يوم".
وتواجه نسبة غير مسبوقة بلغت 93% من سكان غزة مستويات من أزمة الجوع، مع عدم كفاية الغذاء وارتفاع مستويات سوء التغذية. كما تواجه أسرة واحدة على الأقل من كل 4 أسر "ظروفًا كارثية" إذ تعاني من نقص شديد في الغذاء والجوع الشديد فتلجأ إلى بيع ممتلكاتها وغير ذلك من التدابير القصوى لتحمل تكلفة وجبة بسيطة. فالجوع والعَوَز والموت أمورٌ أصبحت لا تخفى على أحد.
وفي البعثات التي أُوفدت مؤخرًا إلى شمال غزة، يقول موظفو منظمة الصحة العالمية إن كل شخص تحدثوا إليه في غزة يعاني من الجوع. وأينما ذهبوا، بما في ذلك المستشفيات وعنابر الطوارئ، كان الناس يطلبون منهم الغذاء. وقال موظفو المنظمة: "نحن نتحرك في جميع أنحاء غزة لإيصال الإمدادات الطبية، ويهرع الناس إلى شاحناتنا على أمل أن تكون مُحمَّلة بالطعام"، واصفين ذلك بأنه "مؤشر على اليأس".
الأمراض المُعْدية آخذةٌ في الانتشار
تشهد غزة بالفعل معدلات مرتفعة من الأمراض المُعدية. فمنذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، أُبلغ عن أكثر من 100 000 حالة إسهال. ونصف هذه الحالات من الأطفال الصغار الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، ويساوي هذا العدد من الحالات عدد الحالات المُبلغ عنها قبل اندلاع النزاع 25 مرة.
كما أُبلغ عن أكثر من 000 150 حالة إصابة بعدوى الجهاز التنفسي العلوي، والعديد من حالات التهاب السحايا والطفح الجلدي والجرب والقمل وجدري الماء. ويُشتبه أيضًا في انتشار الإصابة بالتهاب الكبد لأن العديد من الأشخاص يعانون من علامات اليرقان.
وفي حين أن الجسم السليم يمكنه أن يكافح هذه الأمراض بسهولة أكبر، فإن الجسم الذي يعاني من الهزال والضعف يواجه صعوبة في ذلك. فالجوع يُضعف دفاعات الجسم ويفتح الباب أمام الأمراض.
ويزيد سوء التغذية من خطر وفاة الأطفال بسبب أمراض مثل الإسهال والالتهاب الرئوي والحصبة، لا سيّما في الأماكن التي يفتقرون فيها إلى الخدمات الصحية المنقذة للحياة.
وحتى لو نجا الطفل، فيمكن أن يؤثر الهزال على حياته لأنه يوقف النمو ويعيق النماء الإدراكي.
كما أن الأمهات المرضعات معرضات بشدة لخطر سوء التغذية. وبدءًا من عمر 0-6 أشهر، يكون حليب الأم أفضل غذاء يمكن أن يحصل عليه الطفل، علاوة على كونه أكثر الأغذية أمانًا. وهذا يحمي الطفل من نقص التغذية والإصابة بالأمراض الفتاكة مثل الإسهال، خصوصًا عندما يكون الحصول على مياه الشرب المأمونة محدودًا للغاية.
ويمكن أن تؤثر مشكلات الصحة النفسية الآخذة في الارتفاع بين السكان في غزة، ومنهم النساء، تأثيرًا إضافيًا على معدلات الرضاعة الطبيعية.
الافتقار إلى الصرف الصحي والنظافة الصحية، وانهيار النظام الصحي، يضيف إلى المزيج السام
نزح أكثر من 1.9 مليون شخص من منازلهم، منهم أكثر من 1.4 مليون شخص يقيمون في ملاجئ مكتظة. وهذه الظروف مهيأة لحدوث ارتفاع مستمر في معدلات الإصابة بالأمراض المُعدية. وفي غزة اليوم، يوجد في المتوسط حَمَّام واحد لكل 4500 شخص ومرحاض واحد لكل 220 شخص. ولا تزال المياه النظيفة شحيحة، كما أن مستويات التغوّط في الأماكن المفتوحة آخذة في الارتفاع. وهذه الظروف تجعل انتشار الأمراض المُعدية أمرًا لا مفر منه.
ومما يبعث على الأسى انخفاض معدّلات الحصول على الخدمات الصحية في جميع أنحاء غزة مع استمرار الحرب في إضعاف النظام الصحي. وحيث يوشك النظام الصحي على الانهيار، لم يعد أمام الذين يواجهون مزيجًا فتاكًا من الجوع والمرض سوى خيارات قليلة.
فأهل غزة، الذين عانوا بما فيه الكفاية، يواجهون الآن الموت من الجوع والأمراض التي يمكن علاجها بسهولة بوجود نظامٍ صحي يعمل بكفاءة. ولا بد لهذا الأمر أن يتوقف. كما يجب أن تتدفق الأغذية والمساعدات الأخرى بكميات أكبر بكثير. وتكرر المنظمة دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.