القادة المسلمون يحثّون الآباء والأمهات على تطعيم أبنائهم
القاهرة، 22 تشرين الثاني/نوفمبر - أطلق اليوم الفريق الاستشاري الإسلامي المعني باستئصال شلل الأطفال دليلاً تدريبياً جديداً لطلبة الدراسات الشرعية، يهدف إلى دعم الجهود الرامية إلى استئصال شلل الأطفال. ويقدِّم هذا الدليل توجيهاتٍ عمليةً بشأن سُبُل الانخراط مع المجتمعات المحلية للدعوة إلى التطعيم وغيره من القضايا المتعلقة بصحة الأم والطفل.
وجاء إطلاق الدليل التدريـبي الجديد في الاجتماع السنوي الرابع للفريق الاستشاري الإسلامي بالأزهر الشريف باستضافة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.
وأعرب الإمام الأكبر عن سعادته لأن يرى العمل على استئصال شلل الأطفال يتسارع في شكل مرضٍ ومطمئن. وأضاف فضيلته: «ما كان لنا أن نظل، كمسلمين، نتشاور حتى هذه اللحظة في قضية انتهى زمنها منذ أمد بعيد. لكنه وضع أدى إليه تعثرنا في فهم قرآننا وديننا وتعاليمه على الوجه الصحيح.» وأكد على استمرار الأزهر الشريف في تقديم الدعم المطلوب معلناً تكليفه إدارة الترجمة والنشر بالأزهر بترجمة الدليل التدريبي إلى عشرين لغةً.
وشكر قادة الفريق الاستشاري الإسلامي العاملين الصحيِّين والعلماء المسلمين والحكومات الوطنية ممن يساعدون في أن يبلغ العالم هدفه باستئصال شأفة شلل الأطفال والقضاء عليه قضاءً مبرماً. كما أشادوا بالدور القيادي المتميز الذي قدمته حكومتا أفغانستان وباكستان وما أبدته الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي من التزام بتقديم الدعم الكافي.
وأشاد الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية بإسهامات الفريق في جهود استئصال شلل الأطفال عن طريق مخاطبة رافضي التطعيم على أساس ديني على أرض الواقع في أفغانستان وباكستان.
فقد واجهت جهود استئصال شلل الأطفال، في السنوات القليلة الماضية، عوائق وعراقيل في بعض المناطق في البلدان المسلمة دعت إليها المفاهيم المغلوطة حول اللقاح وعدم الوصول الآمن إلى الأطفال. وفي الوقت الذي تتراجع فيه مستويات الرفض، لا تزال هذه المستويات على حالها في مناطق بعينها - وهي ذات الأماكن التي ينتمي إليها الطلاب المتدربون.
وألقَى السيد حاتم الخضري كلمة الدكتور جواد المحجور، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط بالإنابة، أمام الحضور أثنى فيها على عمل الفريق الاستشاري الإسلامي بفرعيه الوطنيَّيْن في أفغانستان وباكستان لدعمهما ما تبذله حكومتا هذين البلدين وشركاؤهم التنفيذيون من جهودٍ في هذا الصدد.
وذكر الدكتور المحجور أن «الإسلام يدعو بقوة للحفاظ على صحة الأطفال وعافيتهم، وحمايتها»، مضيفاً أن «عدداً لا يُحصَى من العلماء البارزين، بمن فيهم العلماء الذين انضموا تحت راية الفريق الاستشاري الإسلامي، قد أكَّدوا هذا الأمر مراراً وتكراراً، وحثّوا الآباء والأمهات والشخصيات صاحبة التأثير على ضمان حصول جميع الأطفال على التطعيم».
البرنامج التدريبي للطلاب
وأكد الدكتور عبد القاهر محمد قمر، مدير إدارة الفتوى والتشريعات المقارنة بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، أن عمل الفريق الاستشاري الإسلامي لحماية أرواح الأطفال يسير على نهج التعاليم التي يأمر الإسلام بها أتباعه قائلاً: «إننا نسترشد بتوجيهات ربنا جل وعلا، ونستضيء بتعليمات نبينا محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، والتي توجب علينا العناية بالصحة والأخذ بأسباب القوة في البدن وللنفس، وتأمرنا بالمداواة وبتجنب الهلاك وبإنقاذ الأرواح من الدمار.»
يأتي إطلاق الدليل التدريبي عقب جهود الفريق الاستشاري الإسلامي لإعداد طلبة الدراسات الدينية بالجامعات الرئيسية في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، ليكونوا دعاةً للمبادرات الصحية بالغة الأهمية، خاصة في المناطق التي يرتفع فيها الخطر حيث تقيم الفئات السكانية المهمشة والتي تفتقر للخدمات. ولـمَّا كان هؤلاء الطلاب هم علماء الغد وقادة الدين في المستقبل، فسوف يتمتعون بمكانةٍ جيدةٍ في مجتمعاتهم المحلية تُؤهِّلهم لتعزيز السلوكيات الصحية ودحض الشائعات والمعلومات المغلوطة التي تعيق عمل فِرَق التطعيم، وتحرم أفراد مجتمعاتهم المحلية من الحماية من شلل الأطفال وسائر الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.
وقد أعدَّ الدليل التدريبي، لصالح الفريق الاستشاري الإسلامي، المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر، الذي شرع أيضاً في تدريب طلاب الدراسات الشرعية واللغة العربية من البلدان التي تحظى بالأولوية؛ وهي أفغانستان وباكستان والصومال.
وأشاد الدكتور البشير سلام، كبير أخصائي الصحة بالبنك الإسلامي للتنمية بجهود المركز في تدريب الطلاب قائلاً: «يبارك البنك مبادرة الفريق لإشراك المنظمات الطوعية وطلاب العلوم الشرعية الذين تم تدريبهم لدعم جهود التوعية بأهمية التحصين في باكستان أولا، بجانب الاستمرار في الوصول بالتطعيم لكل الأماكن ولكل طفل ما أمكن.»
ويتناول الدليل، إلى جانب قضية استئصال شلل الأطفال، موضوعاتٍ تتصل بالتمنيع الروتيني، والرضاعة الطبيعية، والمباعدة بين المواليد، وسلوكيات التماس الرعاية في أوساط الحوامل، والنظافة العامة، والإصحاح، من منظورٍ صحي وديني في الوقت ذاته. وسوف يساعد الدليل الطلاب في التصدِّي للممارسات غير الصحية والمحظورات التي ورثتها المجتمعات المحلية، متى وجِدت.
وأثنى السفير محمد نعيم خان، الأمين العام المساعد لمنظمة التعاون الإسلامي بتوسع نشاط الفريق الاستشاري الإسلامي ليشمل تلك المبادرات الصحية مؤكداً أن «قرار الفريق الاستشاري الإسلامي بتوسيع نطاق عمله ليشمل تحسين صحة الأم والطفل من خلال إذكاء الوعي بالسلوكيات الصحية وأفضل الممارسات لطلب الرعاية الصحية هي مبادرة تأتي في وقتها المناسب وسوف تواصل منظمة التعاون الإسلامي إضفاء أهمية خاصة على القضايا الصحية لما لها من دور هام في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدول الأعضاء.»
ويعتزم الفريق الاستشاري الإسلامي توسيع نطاق البرنامج التدريبي ليشمل الجامعات الوطنية في كلٍّ من أفغانستان وباكستان، وهما البلَدَان اللذان لا يزال يتوطن بهما شلل الأطفال، وكذلك في أفريقيا حيث لا تزال بعض البلدان مُعرَّضةً لخطر ظهور المرض بها من جديد. وتأتي هذه البلدان أيضاً ضمن البلدان ذات المعدلات الأعلى عالمياً في وفيات الأمهات والأطفال.
وأُسِّس الفريق الاستشاري الإسلامي عام 2013 عقب مشاورات بين الأزهر الشريف، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، ويمثلون معاً الأعضاء الأساسيين في الفريق. وشارك في اجتماع اليوم قادة هذه المنظمات أو من ينوب عنهم، إلى جانب القادة الدينيِّين والخبراء التقنيِّين والأكاديميِّين من العالم الإسلامي.
نهاية النص
ملاحظات للصحفيين:
لمحة تاريخية عن استئصال شلل الأطفال
شلل الأطفال فيروس يصيب أكثر ما يصيب الأطفال بالشلل، ويودي بحياتهم منذ آلاف السنين. وفي جمعية الصحة العالمية التي انعقدت في عام 1988، وضع وزراء الصحة بالدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية هدفاً لاستئصال شلل الأطفال. كان ذلك في وقت قُدِّر فيه عدد حالات الإصابة بشلل الأطفال بنحو 350 000 حالة في 125 بلداً.
واليوم، تصل سراية فيروس شلل الأطفال البري إلى أدنى معدلاتها على مر التاريخ، إذ لم يشهد عام 2017 حتى الآن سوى 15 حالة (10 منها في أفغانستان و5 في باكستان). وهو ما يُمثِّل انخفاضاً في عدد الحالات يزيد على 99.9% منذ عام 1988. بَيْدَ أنه قد ثبت أن استئصال شلل الأطفال في معاقله الأخيرة التي لا يزال يتوطَّن بها تحدٍّ يتطلَّب من جميع الشركاء المعنيِّين بذل جهودٍ خاصة ومبتكرة.
ولو تكلَّلت هذه الجهود بالنجاح، ستكون هذه هي المرة الثانية في تاريخ البشرية التي استطاع فيها العالم القضاء على أحد الأمراض السارية من خلال الجهد البشري. وكانت المرة الأولى عندما أُعلِن القضاء على الجدري في عام 1980 بعد حملة عالمية للتطعيم ضد هذا المرض قادتها منظمة الصحة العالمية.