14 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، الدار البيضاء، المغرب – يشهد هذا الأسبوع انعقاد الاجتماع الخامس لشبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة في شرق المتوسط، الذي تُنظِّمه منظمة الصحة العالمية وتستضيفه وزارة الصحة المغربية، وذلك في الفترة من 12 إلى 15 تشرين الثاني/نوفمبر في مدينة الدار البيضاء بالمغرب. ويتزامن أيضاً اجتماع هذا العام مع المؤتمر العلمي الثاني بشأن العدوى التنفسية الحادة. ويشارك في هذين الاجتماعين ممثلون لوزارات الصحة في الإقليم ووكالات شريكة، لا سيّما المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وخبراء وباحثون عالميون وإقليميون، وموظفون من منظمة الصحة العالمية.
وتتألف شبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة من مجموعة من بلدان الإقليم التي تعمل معاً على تقوية ترصُّد الإنفلونزا وتعزيزه، وتحسين استخدام بيانات الترصُّد لتعزيز برامج مكافحة الأمراض، وإجراء البحوث المتعلقة بالإنفلونزا وفيروسات الجهاز التنفسي الأخرى. وسيُناقش الاجتماعان التقدم المُحرَز وتحديات تعزيز قدرات الترصُّد والاستجابة الخاصة بالإنفلونزا الموسمية والجائحة وحالات العدوى التنفسية الحادة الأخرى.
وذكر الدكتور أحمد بن سالم المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، في رسالة افتتاحية إلى المؤتمر أن جائحة الإنفلونزا الأخيرة التي وقعت في عام 2009 والأوبئة الأخرى التي حدثت في الآونة الأخيرة كانت بمثابة رسالة تذكير مُدوِّية بأن حالات العدوى التنفسية المستجدة لا تزال تمثل تهديداً خطيراً للصحة العامة على الرغم من أوجه التقدم الكبير في اللقاحات ومضادات الفيروسات والمضادات الحيوية ووسائل التشخيص والتقنيات العلاجية، ولمّا كان من المستحيل التنبؤ بموعد وقوع جائحة الإنفلونزا التالية، فإن التأهب الفعال يمكن أن يخفف من حدة تأثيرها.
وسلط أيضاً الدكتور المنظري الضوءَ على التهديد المتزايد للأمراض الحيوانية المصدر، إذ إن 70% من مُسبِّبات الأمراض البشرية المستجدة تأتي من الحيوانات، ولا يمكن التنبؤ بظهورها، ويمكن أن تنتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم نظراً إلى كثافة تربية الحيوانات ونقلها بغرض التجارة واختلاطها عن قرب بالأنواع الأخرى وبالبشر في الأسواق.
ويتعاون المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية منذ عام 2006 مع البرنامج الدولي لشعبة الإنفلونزا التابعة للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها والمراكز الأخرى المتعاونة مع منظمة الصحة العالمية لتعزيز نُظُم ترصُّد الاعتلالات الشبيهة بالإنفلونزا والعدوى التنفسية الحادة الوخيمة في الإقليم.
ويهدف هذا التعاون إلى تمكين بلدان الإقليم من جمع بيانات الترصُّد الوبائي والفيروسي فائقة الجودة بشأن الإنفلونزا والاعتلالات الناجمة عنها، وذلك في الوقت المناسب وبطريقة موثوق بها بغية تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في تحسين التأهب للإنفلونزا الجائحة. ويقترن هذا الجهد التعاوني بآليات رصد قوية لتقييم التقدم الـمُحرز في ترصُّد الإنفلونزا باستخدام مجموعة مُتفق عليها من المؤشرات.
وأشاد المتحدثون في الجلسة الافتتاحية بالدعم الـمُقدَّم إلى الدول الأعضاء من خلال إطار التأهب للإنفلونزا الجائحة، الذي يجمع بين الدول الأعضاء والقطاع الصناعي والجهات صاحبة المصلحة الأخرى ومنظمة الصحة العالمية لتنفيذ نهج عالمي بشأن التأهب للإنفلونزا الجائحة والتصدي لها. ومن الأهداف الرئيسية لهذا الإطار تحسين وتقوية تبادل المعلومات الخاصة بفيروسات الإنفلونزا المحتمل تحولها إلى جائحة بشرية، وزيادة حصول البلدان النامية على اللقاحات وغيرها من الإمدادات المتعلقة بالجائحة.
وأشار الدكتور عبد الناصر أبو بكر، رئيس برنامج إدارة أخطار العدوى بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، إلى أن اجتماعات شبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة توفر منتدى مهماً يستطيع فيه الباحثون والخبراء وممثلو وزارات الصحة تبادل وجهات النظر والأفكار الابتكارية وتعزيز البحوث بغرض إعداد برامج تمتاز بالفعالية المتزايدة لترصُّد الإنفلونزا.
وعلى الرغم من كثرة التحديات، أحرزت بلدان الإقليم تقدماً كبيراً في تعزيز التأهب للإنفلونزا: توجد الآن نُظُم ترصد وبائي فعالة لدى 19 بلداً من بلدان الإقليم الاثنين والعشرين، منها 18 بلداً ترفع تقاريرها إلى منصات عالمية وإقليمية، ويوجد في 19 بلداً مركز وطني فعال للإنفلونزا يتمتع بقدرة كافية على اكتشاف فيروسات الإنفلونزا الموسمية والجديدة، وحدثت زيادة بمقدار 5.5 أضعاف في عدد العينات التي جرى اختبارها والإبلاغ عنها، فضلاً عن زيادة بمقدار 10 أضعاف في عدد الفيروسات المعزولة التي جرى الإبلاغ عنها ومشاركتها مع المراكز المتعاونة مع منظمة الصحة العالمية، وتوجد الآن لدى جميع البلدان الاثنين والعشرين فِرق وطنية للاستجابة السريعة، وهذه الفرق مُدرَّبة تدريباً جيداً وتؤدي وظيفتها كما ينبغي.
وتلتزم منظمة الصحة العالمية بالعمل مع البلدان للتصدي لخطر عدوى الجهاز التنفسي، وقد جرى إعداد إطار استراتيجي إقليمي شامل ومتكامل للوقاية من الأمراض المعدية المستجدة والتي يمكن أن تتحول إلى أوبئة ومكافحتها، ويُعدّ التأهب للإنفلونزا الجائحة مكوناً رئيسياً من مكونات هذا الإطار. وأقرت اللجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط هذا الإطار مؤخراً، وحثَّت بلدان الإقليم على تكييف بنوده بما يتناسب مع ظروفها المحلية.
وقد وضعت المنظمة استراتيجية عالمية بشأن الإنفلونزا للفترة 2019-2030 من أجل حماية الناس في جميع البلدان من خطر الإنفلونزا. وتتمثل أهداف هذه الاستراتيجية في الوقاية من الإنفلونزا الموسمية، والسيطرة على انتقال الإنفلونزا من الحيوانات إلى البشر، والتأهب لجائحة الإنفلونزا القادمة. وتستند الاستراتيجية إلى النجاح الذي حققه الشبكة العالمية لترصُّد الإنفلونزا والتصدي لها وإطار التأهب لمواجهة الإنفلونزا الجائحة، لأنها تضمّ أهدافاً أوسع نطاقاً من أجل الوقاية والمكافحة والتأهب في جميع البلدان.
وقد أُحرِز تقدم كبير في البحوث التي تُركِّز على الإنفلونزا وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى منذ الاجتماع الماضي في عام 2017، فقد نشر أعضاء شبكة ترصد العدوى التنفسية الحادة كثيراً من الورقات البحثية في مجلات مُحكَّمة، وتواصل منظمة الصحة العالمية تقديم الدعم إلى البلدان لتعزيز البحث والابتكار من أجل سد الثغرات المعرفية الخاصة بالإنفلونزا وغيرها من الأمراض المعدية المستجدة.