معالي الوزير الدكتور علي حاجي أبو بكر،
سعادة الوزيرة الدكتورة حنان محمد الكواري،
المديرة الإقليمية الدكتورة حنان حسن بلخي،
معالي الوزراء ورؤساء الوفود الموقَّرين،
أصحاب المعالي والسعادة، الزملاء والأصدقاء الأعزاء،
صباح الخير، وخالص تحياتي لكم من برلين، وأعتذر عن عدم استطاعتي الحضور معكم شخصيًّا.
بدايةً، أتقدَّم بالشكر إلى دولة قطر على استضافتها لاجتماع اللجنة الإقليمية هذا العام، الذي يأتي في وقت عصيب للغاية على الإقليم، في ظل صراعات في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفي السودان، وفي اليمن، ومؤخرًا في لبنان.
قبل شهر، كنت في السودان مع الدكتورة حنان، ورأينا بأعيننا آثار الصراع والبشر الذين يتحملون وطأته. وفي الأسبوع التالي زرت تشاد، حيث وجدت نحو 680 ألف لاجئ سوداني رحلوا عن وطنهم بحثًا عن الأمن والغذاء.
وكما نعلم، فإن الحرب الأهلية في السودان ليست سوى صراع واحد من صراعات عديدة في هذا الإقليم الذي يئنُّ تحت وطأة الاضطرابات.
فمع دخول الحرب الدائرة في الأرض الفلسطينية المحتلة عامها الثاني، تتزايد التهديدات التي تتعرض لها الصحة البدنية والنفسية لأهالي غزة والضفة الغربية.
وفي العام الماضي، اجتهدت المنظمة وشركاؤها، قدر الإمكان، في دعم النظام الصحي والعاملين الصحيين في غزة في ظل ظروف بالغة الصعوبة والخطورة.
وقد سلمنا ما يقرب من 2500 طن متري من الإمدادات؛
وباشرنا تنسيق العشرات من الفرق الطبية للطوارئ.
واليوم، نبدأ، بالتعاون مع الشركاء، الجولة الثانية من حملتنا للتطعيم ضد شلل الأطفال التي تستهدف ما يقرب من 600 ألف طفل.
وفي لبنان، اندلع صراع معرِّضًا صحة ملايين آخرين للخطر.
ويومًا بعد يوم، يتزايد عدد النازحين داخليًّا زيادة كبيرة، ومعه يتزايد خطر فاشيات الأمراض الذي يتفاقم بسبب فرط ازدحام الملاجئ وإغلاق المستشفيات.
ويساور المنظمةَ قلقٌ بالغ أيضًا إزاء تزايد عدد الهجمات على مرافق الرعاية الصحية.
ولذا، ندعو إلى حماية مرافق الرعاية الصحية حمايةً فعالة وعدم مهاجمتها، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي، في كل مكان.
وفي كل صراع من هذه الصراعات، تواجه المنظمة وشركاؤها والعاملون الصحيون الذين ندعمهم تزايدًا في عدد المصابين برضوح.
ولهذا، أرحِّب بالورقة التقنية التي ستنظرونها هذا الأسبوع، وتتناول التصدي لعبء الرضوح المتزايد في الأوضاع الإنساية.
ومن نافلة القول أن الآثار على الصحة النفسية لا تقل عن الآثار السابقة، بل لعلها تدوم أطول كثيرًا.
ولهذا، فأنا أرحِّب أيضًا بخطة العمل الإقليمية للصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في حالات الطوارئ، ولكن شعوب الإقليم لا يحتاجون إلى مجرد رعاية الرضوح ورعاية الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي وتوافر المساعدات، بل يحتاجون أشد الاحتياج أيضًا إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي يحل معه السلام.
فالسلام أفضل دواء.
وإضافةً إلى الصراعات، عانت المنطقة العام الماضي أيضًا زلازلَ وفيضاناتٍ وجفافًا وفاشيات، وغير ذلك الكثير.
ومع أن تهديد كوفيد-19 تحديدًا قد تراجع، فإن خطر حدوث جائحات في المستقبل لم يتراجع.
وكما تعلمون، فقد خَطَتِ الدول الأعضاء، في جمعية الصحة العالمية هذا العام، خطواتٍ مهمة نحو تعزيز التأهب للطوارئ الصحية والوقاية منها والاستجابة لها، وذلك باعتمادها تعديلات في اللوائح الصحية الدولية.
ولا تفوتني هنا الإشارة إلى أن الدول الأعضاء، وإن كانت قد أحرزت تقدمًا في الاتفاق بشأن الجائحة، فإن أمامها بعض القضايا البالغة الأهمية التي لم تتوصل إلى اتفاق بشأنها.
وإنني أحثُّ جميع الدول الأعضاء على التواصل مع بعضها -داخل الإقليم وخارجه- ومواصلة السعي إلى الوصول إلى توافق، وإبرام اتفاق فعَّال بنهاية هذا العام، إن أمكن.
ودعونا لا ننسى أنكم، برغم التحديات الكثيرة التي واجهتموها، حققتم إنجازات كثيرة يحق لكم أن تفخروا بها، وهي الإنجازات التي يتناولها تقرير الدكتورة حنان السنوي الأول.
فهناك مصر التي أصبحت أول دولة تحقق المستوى الذهبي في التخلص من التهاب الكبد C، وباكستان التي أعلنت خطتها للقضاء عليه.
أما العراق، فقد قضى على المشكلة التي كانت تسببها التراخوما للصحة العامة.
وقبل أسابيع قليلة، أصبح الأردن أول بلد تتحقق المنظمة من قضائه على الجذام.
وفي البحرين والكويت وقطر، بدأ إعطاء اللقاحات المضادة لفيروس الورم الحليمي البشري لتنضم هذه البلاد إلى الحركة العالمية الهادفة إلى القضاء على سرطان عنق الرحم؛
أما المملكة العربية السعودية، فقد وصل نظامها التنظيمي إلى مستوى النضج الرابع؛
وتونس زادت مساحة التحذيرات الصحية المصورة على عبوات التبغ لتغطي 70% من العبوة، وعمان قررت بدء استخدام التغليف البسيط؛
وعودةً إلى المملكة العربية السعودية، فقد أصبحت من البلدان الرائدة في التحقق من قضائها على الدهون المتحولة؛
والكويت أصدرت مبادئ توجيهية بشأن مقدار الملح في الأغذية المصنعة.
وما ذكرته ليس إلا القليل من الأمثلة البارزة.
ولا يفوتني هنا أن أعرب عن فخري بالدعم الذي يقدمه المكتب الإقليمي والمكاتب القُطرية للدول الأعضاء في العديد من المجالات كما يتضح من جدول أعمالكم هذا الأسبوع، بدءًا من شلل الأطفال إلى مأمونية الدم، والتغطية الصحية الشاملة، والصحة الرقمية، ونهج الصحة الواحدة، والتبغ، وغير ذلك.
ويسرني أن أعرب عن ترحيبي، على وجه الخصوص، بصدور الورقة التقنية عن مقاومة مضادات الميكروبات.
وكما تعلمون، فإن بلدان العالم قد وافقت، قبل 10 أيام فقط، في الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة على الإعلان السياسي بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، وأنا أحث جميع الدول الأعضاء على البدء في اتخاذ إجراءات فورية بشأن الالتزامات التي قطعتها على أنفسها في الإعلان.
وبالمثل، أرحب بالاستراتيجية الإقليمية لرقمنة نظم المعلومات الصحية، وهو أمر لا غنى عنه لتحسين البيانات الصحية والخدمات الصحية، والحصائل الصحية في نهاية المطاف.
أصحاب المعالي والسعادة،
إن مواجهة التهديدات الصحية العديدة التي تواجهونها في الإقليم تتطلب رؤية واضحة، واستراتيجية معدة لتلائم أغراض تلك المواجهة، إضافةً إلى التخطيط الدقيق.
ولهذا، أرحِّب بالخطة التنفيذية الاستراتيجية للمديرة الإقليمية، بأولوياتها الست ومبادراتها الرئيسية الثلاث التي تتضمن كل منها غايات محددة قابلة للقياس لأجل:
تعزيز شراء المنتجات الطبية والإنتاج المحلي لها والقدرات التنظيمية المتعلقة بها؛
وزيادة الاستثمارات في القوى العاملة الصحية والحد من العجز المتوقع وزيادة القبول في التعليم الصحي؛
وتوسيع إتاحة الخدمات بشأن تعاطي مواد الإدمان مع دعم ذلك بتحديث الخطط والتشريعات الوطنية. فالخطة التنفيذية الاستراتيجية تتواءم أيما تواؤم مع برنامج العمل العامّ الرابع عشر الذي اعتمدته الدول الأعضاء في جمعية الصحة العالمية هذا العام.
وبرنامج العمل العامّ الرابع عشر يقوم على الدروس المستفادة من الماضي وعلى رصدٍ للواقع الحاضر، ويهدف إلى تحقيق طموحاتنا للمستقبل،
وهو في كل هذا يرتكز على رسالة واضحة لتعزيز الصحة والعافية وتحقيقهما وحمايتهما لجميع البشر في جميع البلدان، ولإنقاذ حياة 40 مليون إنسان على مدى السنوات الأربع المقبلة.
ولدعم تنفيذ برنامج العمل العامّ الرابع عشر، أطلقنا أول جولة استثمارية للمنظمة تهدف إلى حشد الموارد التي نحتاج إليها لأداء عملنا، على نحو يجمع بين الاستدامة وإمكانية التنبؤ به.
ونتطلع إلى مشاركتكم في فعالية الجولة الاستثمارية بعد غد.
وبالطبع، فإننا ندرك جيدًا أن الدول الأعضاء تنتظر عائدًا كبيرًا لاستثمارها في الموارد التي تعهد بها إلى المنظمة، وهذا واجب عليها.
ولهذا، فإننا ملتزمون بمواصلة مسيرة التحول التي بدأناها قبل أكثر من سبع سنوات، لتصبح المنظمة أكثر فعالية وكفاءة وشفافية وخضوعًا للمساءلة وتركيزًا على تحقيق النتائج.
ومن أهم أولوياتنا الآن تعزيز مكاتبنا القُطرية لنوفر لها دعمًا أكثر استقرارًا، وأسهل في إمكانية التنبؤ به، وأكثر مواءمةً لظروف كل دولة من الدول الأعضاء.
أصحاب المعالي والسعادة، الزملاء والأصدقاء الأعزاء،
في ختام حديثي أتوجه إليكم بثلاثة طلبات:
أولًا، أحث جميع الدول الأعضاء على المشاركة بفاعلية في المفاوضات الجارية على اتفاق الجوائح، والانتهاء منها بحلول نهاية هذا العام، إن أمكن.
وثانيًا، أحث جميع الدول الأعضاء على تنفيذ برنامج العمل العامّ الرابع عشر والخطة التنفيذية الاستراتيجية الإقليمية.
وثالثًا، أحث جميع الدول الأعضاء والشركاء على المشاركة في الجولة الاستثمارية للمنظمة.
وفي الختام، أكرر الشكر لكم جميعًا على التزامكم بتعزيز الصحة وتحقيقها وحمايتها لمصلحة كل إنسان في إقليم شرق المتوسط.
شكرًا جزيلًا! Merci beaucoup. I thank you.