الحاجةُ ماسّةٌ لتوافر بيانات أفضل عن لدغات الثعابين لإنقاذ الأرواح والأطراف

تؤثر درجات الحرارة الشديدة والجفاف على البيئات الطبيعية للثعابين، بما في ذلك في المستنقعات العراقية (كما في الصورة)، مما يجعل الحيوانات أقرب إلى البيئات الطبيعية البشرية، لا سيّما في المناطق الريفية وضواحي المدن. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية/ ك. ناصر تؤثر درجات الحرارة الشديدة والجفاف على البيئات الطبيعية للثعابين، بما في ذلك في المستنقعات العراقية (كما في الصورة)، مما يجعل الحيوانات أقرب إلى البيئات الطبيعية البشرية، لا سيّما في المناطق الريفية وضواحي المدن. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية/ ك. ناصر 2  سبتمبر/أيلول يتعرض إنسانٌ للدغة ثعبان كل 10 ثوانٍ على مستوى العالم وفقًا للتقديرات. والتسممُ الناجم عن لدغة الثعبان مرضٌ مهدد للحياة تسببه السموم الموجودة في لدغة الثعبان السام. وتشير التقديرات إلى أن لدغات الثعابين تتسبب في نحو 81000 إلى 138000 وفاة و400000 حالة إعاقة دائمة على مستوى العالم كل عام.

تُعد لدغات الثعابين من قضايا الصحة العامة المُهمَلة في جميع أنحاء العالم ولا سيّما في إقليم شرق المتوسط. تؤثر هذه اللدغات تأثيرًا غير متناسب على الفئات الضعيفة مثل المجتمعات الريفية والأطفال والسكان المتضررين من الأزمات.

تشمل الحلول تحسين التثقيف والتوعية بين المجتمعات المحلية التي تعيش في المناطق التي يوجد بها ثعابين سامة، وتدريب العاملين الصحيين على التدبير العلاجي للدغات الثعابين. كما ينبغي أن تكون مضادات السموم ذات الجودة المضمونة لأنواع الثعابين المتوطنة متاحة في المرافق الصحية على مسافة لا يستغرق قطعها أكثر من 4 - 6 ساعات من المجتمعات المحلية المُعرَّضة للخطر.

في المقابل فإن قتل الثعابين ليس حلًا. فالثعابين حيوانات لها أهمية، لا سيّما إفتراسها للآفات الحشرية الشائعة التي يمكن أن تؤثر على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي. وبالتالي فإن الثعابين ضرورية للحفاظ على التوازن في النظم الإيكولوجية.

كما أن البيّنات عن لدغات الثعابين غير مكتملة أو غير موجودة في كثيرٍ من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. ولكن البيانات المتاحة عن إقليم شرق المتوسط أضعف من مثيلاتها في أجزاء أخرى من العالم.

وهناك حاجة إلى بيانات يُسترشد بها في التدخلات المستهدفة. على سبيل المثال، يمكن استخدام البيانات لضمان وجود مضادات مناسبة للسموم في المستشفيات القريبة من المناطق المعرضة لمخاطر عالية، لا سيّما في المواسم التي تحدث فيها معظم لدغات الثعابين خلال العام. من الصعب، في غياب بيانات موثوقة، تسليط مزيد من الضوء على المرض وإثبات جدوى الاستثمار في التصدي لعبء لدغ الثعابين في الإقليم.

معالجة الثغرات في البيّنات في الإقليم

حددت دراسة أجراها فريق من منظمة الصحة العالمية للبيّنات المنشورة عن لدغات الثعابين في إقليم شرق المتوسط 170626 لدغة في 20 بلدًا على مدار 23 عامًا. بينما سُجِّل ما مجموعه 2551 حالة وفاة من بين الدراسات التي أبلغت عن الوفيات.

ولكننا نعلم أن هذه الأرقام أقل من التقديرات الحقيقية، إذ لا تُدرَج فيها سوى اللدغات المسجلة في المنشورات العلمية. وفي واقع الأمر، خلصت الدراسة إلى أن البيِّنات قد تركَّزت في عددٍ قليلٍ من البلدان فقط وأنها محدودة أو غير موجودة في معظم بلدان الإقليم.

وعلاوة على ذلك، فإن جزءًا ضئيلًا فقط من الدراسات تضمن معلومات عن العواقب الصحية الطويلة الأجل للتسمم. إن وجدت، قد تشمل هذه العواقب البتر، وتشوه الأطراف، ومشكلات في الحركة، والضرر الكلوي المزمن، وضعف البصر. وتكشف هذه الفجوة في البيّنات عن الحاجة إلى بذل جهود أكبر في مجال الترصّد لتحديد الأشخاص الذين يعانون من مضاعفات طويلة الأجل من أجل تلبية احتياجاتهم المحددة على نحو أفضل.

ولم تحدد جميع الدراسات أنواع الثعابين المتسببة في الأضرار، كما لم تبلغ عن أنواع مضادات السموم المستخدمة ومصادرها. ويجب معالجة هذه الثغرات الملحوظة أيضًا.

وتؤثر زيادة تواتر الكوارث الطبيعية والظواهر الجوية القصوى بشكل متزايد على انتشار الثعابين وأنماط نشاطها، مما يقربها من البشر. ففي العراق مثلاً، أدت الحرارة الشديدة ونقص المياه إلى اقتراب الثعابين من المستوطنات البشرية، مما عرض البشر والماشية للخطر. وعلاوة على ذلك، فإن الصراعات الدائرة، والأزمات الإنسانية، والهجرة في الإقليم، تعرّض جميع الفئات الضعيفة، مثل النازحين داخليًا واللاجئين، لخطر مواجهة الثعابين السامة.

بالاستثمار في تحسين ترصد لدغات الثعابين، يمكن للبلدان تخصيص الموارد المحدودة المتاحة للوقاية والعلاج بفعالية أكبر، والتنبؤ على نحو أفضل بآثار التغيرات الجارية. وتلتزم منظمة الصحة العالمية بالعمل مع البلدان على استخدام البيانات لتحسين الوقاية من لدغات الثعابين ومكافحتها، حتى يتسنى الحد من الإصابات، وتوفير العلاج لمن يحتاجون إليه، وتقليل الوفيات والإعاقات الناجمة.