تُمثِّل مقاومة مضادات الميكروبات تهديدًا متزايدًا للصحة العامة في إقليم شرق المتوسط وعلى الصعيد العالمي. وتشير تقديرات مشروع البحوث العالمية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات إلى أن ثمة 123834 حالة وفاة في الإقليم في عام 2019 كان الإنتان الناجم عن الجراثيم المقاومة هو السبب المباشر فيها، في حين ارتبطت 341097 حالة وفاة أخرى بالإنتان الناجم عن الجراثيم المقاومة.
ويُعدّ الاستخدام غير الملائم للمضادات الحيوية أحد أكثر العوامل المسببة لمقاومة مضادات الميكروبات شيوعًا. ومع ذلك، لا تزال نُظُم جمع البيانات عن استخدام المضادات الحيوية وتحليلها وتفسيرها على نحو موثوق قيد الإعداد في معظم بلدان الإقليم. وفي كثير من الحالات، تكون بيانات استخدام المضادات الحيوية ذات الجودة العالية ضئيلة.
وتُعد البيانات ذات الجودة الأفضل عن أنماط استخدام المضادات الحيوية - على المستوى الوطني وعلى مستوى المرافق الطبية - أمرًا حيويًا لضمان استخدام المضادات الحيوية على نحو أكثر ملاءمة، ومن ثم التخفيف من حدة تطور مقاومة مضادات الميكروبات. وكانت الحاجة إلى تعزيز جمع بيانات استهلاك المضادات الحيوية وتحليلها واستخدامها أيضًا من بين التوصيات الرئيسية الصادرة عن الاجتماع الإقليمي الذي عُقد في حزيران/ يونيو 2023 واستعرض البرامج القُطرية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات.
وعلى هذا الأساس، نَظَّم المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط اجتماعًا إقليميًا تحت عنوان "بيانات العمل: استخدام بيانات استهلاك المضادات الحيوية لتحسين أنشطة الوصفات الطبية والإشراف"، في الدوحة، قطر، في 13-15 أيار/ مايو 2024. وشاركت وزارة الصحة العامة في قطر في استضافة هذا الحدث.
وحضر الاجتماع أكثر من 50 مندوبًا من 11 بلدًا من بلدان الإقليم، إلى جانب خبراء من المكتب الإقليمي، والمقرّ الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية، والمكاتب القُطرية للمنظمة، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، والمركز الخليجي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، والمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وجامعة واشنطن، وجامعة ملبورن.
وهَدَفَ الاجتماع إلى دعم البلدان في تحديد مصادر البيانات المتاحة في كل بلد، واستخدام البيانات لفهمٍ أفضل لأنماط استهلاك المضادات الحيوية على المستوى الوطني ومستوى المرافق الصحية - ولتوجيه جهود الإشراف في نهاية المطاف.
وناقش الحاضرون مختلف دراسات الحالات التي تركز على استخدام بيانات استهلاك المضادات الحيوية على المستوى الوطني ومستوى المرافق للاسترشاد بها في ديناميات السوق والسياسة، وبرامج الإشراف على مضادات الميكروبات في المستشفيات، ومعدلات الاستهلاك الوطنية المستهدفة. كما شرعوا في وضع خارطة طريق على المستوى القُطري لتحديد المصادر المحتملة للبيانات المتعلقة باستخدام المضادات الحيوية واستخدامها من أجل العمل. وتضمَّن الاجتماع أيضًا حلقة نقاش للخبراء حول التوقعات والتحديات الإقليمية المتعلقة بتحسين استخدام البيانات في الإجراءات المتعلقة بالسياسات والبرامج.
وهناك حاجة ماسة إلى الحد من استخدام المضادات الحيوية، على النحو الذي أبرزته الدكتورة رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج ومدير إدارة مكافحة الأمراض السارية والوقاية منها بالإنابة بالمكتب الإقليمي، إذ قالت: "يشهد إقليمنا أعلى مستويات استهلاك المضادات الحيوية وأسرعها ارتفاعًا في جميع أقاليم المنظمة. والمضادات الحيوية أدوية ثمينة للغاية وأساسية، وهي من الأصول التي نود الحفاظ عليها. ومع ذلك، نواجه في إقليمنا تحديًا مزدوجًا. أولًا، الاستخدام المفرط غير الملائم للمضادات الحيوية في العديد من البلدان، وثانيًا، ضعف فرص الحصول على المضادات الحيوية الأساسية في العديد من البلدان".
وتابعت قائلةً: "هدفنا هو تحسين الحصول على المضادات الحيوية وتوافرها واستخدامها، من خلال تشكيل السوق بشكل صحيح. وسيتطلب ذلك بناء قدرات الأجهزة التنظيمية الوطنية المعنية بالأدوية والمسؤولين القُطريين لدينا، من أجل استخدام بيانات استهلاك المضادات الحيوية المتاحة على نحوٍ أفضل لدعم اتخاذ القرارات. ومنظمة الصحة العالمية ملتزمةٌ بالعمل مع الشركاء والحكومات لزيادة الاستثمار وبناء القدرات من أجل دعم هذه الجهود".