16 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، القاهرة، مصر - في كل عام، يحدث ما يقرب من 5 ملايين حالة وفاة بسبب الرضوح، ويتعرض 45 مليون شخص آخر لإصابات تُغير مجرى حياتهم. ويتجاوز ذلك عددَ الوفياتِ الناجمة عن الآثار المجتمعة للملاريا والسُّل وفيروس العوز المناعي البشري.
وفي عام 2023، سَجَّلَت 8 دول أعضاء في إقليم شرق المتوسط أكثر من 1000 وفاة مرتبطة بالنزاعات (تتراوح بين 1038 و14248 وفاة)، منها سبع دول أعضاء صَنَّفها البنك الدولي على أنها تعاني من أوضاع هشة أو متأثرة بالنزاعات. كما يتعرض الإقليم لبعض أشد حالات الطوارئ حدةً وتعقيدًا واتساعًا في النطاق على مستوى العالم. فهناك تسع دول أعضاء مصنفة على أنها تعاني من أوضاع هشة أو متأثرة بالنزاعات، ووقعت في الإقليم 5 كوارث طبيعية بين عامي 2022 و2023 من بين 10 كوارث طبيعية صُنفت على أنها الأشد فتكًا في العالم.
وقد أفرزت كل أزمة من تلك الأزمات عبئًا ثقيلًا من المراضة والوفيات الناجمة عن الرضوح انطوى على وقوع إصابات معقدة وحوادث لإصابات جماعية.
ففي السودان، أُبلغ عن 23298 حالة وفاة نتيجة النزاعات في الفترة من 15 نيسان/ أبريل 2023 إلى 18 أيلول/ سبتمبر 2024، بالرغم من الإقرار عامةً بأن هذه الأرقام لا تعبِّر عن الحقيقة نتيجة تعذُّر الوصول إلى مناطق النزاع. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، أسفرت الحرب في غزة عن مقتل 41455 شخصًا وإصابة 96000 آخرين في الفترة بين 27 تشرين الأول/ أكتوبر و22 أيلول/ سبتمبر 2024؛ وكان 72% من الوفيات من النساء والأطفال.
ويُمثِّل نقص الرعاية السابقة لدخول المستشفى شاغلًا خاصًّا. وذلك لأن ما يتراوح بين 60 و80% من الوفيات الناجمة عن الرضوح في الدول التي تعاني من الأوضاع الهشة أو المتضررة من النزاعات تحدث قبل الوصول إلى المستشفى، وقد تظل مستويات عبء الرضوح مرتفعةً لعدة سنوات في الأزمات الإنسانية المديدة.
ويتطلب التدبير العلاجي الفعَّال للرضوح توفير مسار رعاية نشط ومندمج في النظام الشامل لخدمات رعاية الحالات الطارئة والحرجة والجراحية. ولكن في ظل الأوضاع الإنسانية التي يشهدها الإقليم، ازدادت النُّظُم الصحية الهشة ضعفًا على ضعفها وتعرضت لأضرار شديدة، مما يحد من قدرة العاملين الصحيين على تقديم الخدمات الصحية الأساسية، ومنها رعاية المصابين بالرضوح.
ومن الناحية التاريخية، كان هناك عزوف عن الاستثمار في نُظُم الرعاية الطارئة لعوامل عديدة، منها الاعتقاد بارتفاع تكاليف عمليات الرعاية وتعقيدها، فضلًا عن صعوبة إثبات الحصائل المتعلقة بالمراضة والوفيات مقارنة بالتدخلات في حالة الأمراض الفردية، مثل الملاريا أو فيروس العوز المناعي البشري. يُضاف إلى ذلك أنه بالرغم من الفوائد الكبيرة المتحققة من التدخلات الرامية إلى خفض نسبة الوفيات في صفوف رعاية المصابين بالرضوح، فقد تنطوي تلك التدخلات على خطر زيادة عبء المراضة لدى الناجين؛ وقد تواجه النُّظُم الصحية الهشة صعوبة في توفير التدبير العلاجي له.
وقد تؤدي العقبات التشغيلية المترتبة على انعدام الأمن، والقيود المفروضة على إمكانية الوصول، والعوائق البيروقراطية، إلى فرض مزيد من القيود على تقديم الرعاية الصحية الأساسية ورعاية المصابين بالرضوح. علاوة على ذلك، فإن عدد الوكالات التي تتمتع بالولاية أو القدرة على توفير رعاية المصابين بالرضوح في الأوضاع الإنسانية محدود، لا سيما في أوضاع النزاعات الممتدة.
واستنادًا إلى التجارب الناجحة في كل من العراق والأرض الفلسطينية المحتلة، أطلقت منظمة الصحة العالمية المبادرة الإقليمية للرضوح في عام 2020 للمساعدة على سَدِّ الفجوات في رعاية المصابين بالرضوح في الأوضاع الإنسانية. ومن خلال توفير المساعدة التقنية والتنفيذية وبناء القدرات، دعمت المبادرة الاستجابة لأكثر من 200 حادث من حوادث الإصابات الجماعية في خمسة أماكن متضررة بالنزاع يقدر عدد المصابين فيها بنحو 800000 مريض.
ولمواصلة توسيع نطاق رعاية المصابين بالرضوح وتحسينها في الأوضاع الإنسانية في جميع أنحاء الإقليم، وضعت المنظمة إطارًا تنفيذيًّا يتلاءم مع خصوصية هذه الأوضاع وما يكتنفها من تحديات، ويتمحور هذا الإطار حول الروابط بين خدمات الرعاية الطارئة والحرجة والجراحية.
ويشمل ذلك المجتمعَ المحلي، ومرافقَ الرعاية الأولية، والرعاية السابقة لدخول المستشفى، ورعاية الحالات الحادة في المستشفيات، والتدبير العلاجي للألم والرعاية الملطفة، وإعادة التأهيل. ويضمن هذا النهج اغتنام جميع الفرص المتاحة للحد من المراضة والوفيات في صفوف المرضى المصابين بالرضوح، وأن يكون انتقال المريض بين مختلف الخدمات سلسًا قدر الإمكان.
وقد تم مناقشة ورقة تقنية عن معالجة العبء المتزايد للرضوح في الأوضاع الإنسانية في إقليم شرق المتوسط خلال الدورة الحادي والسبعين للّجنة الإقليمية لشرق المتوسط.