23 نيسان/ أبريل أبلغت وزارة الصحة الاتحادية بالسودان عما يزيد على 420 قتيلاً و3700 جريح منذ تصاعد العنف الذي اندلع في السودان في 15 نيسان/ أبريل - ولكنَّ المسعفين والممرضات في الخطوط الأمامية والأطباء كثيرًا ما يعجزون عن الوصول إلى المدنيين المصابين بسبب انعدام الأمن والهجمات على سيارات الإسعاف والمرافق الصحية. وقد أفادت وزارة الصحة الاتحادية بأن 20 مستشفى خرجت من الخدمة وأن 12 مستشفى آخر يجابه الخطر ذاته بسبب النقص في الإمدادات الطبية والعاملين في مجال الرعاية الصحية. وفي حين أن منظمة الصحة العالمية قد وزعت بالفعل إمدادات الطوارئ المنقذة للحياة والوقود على المستشفيات الكبرى، تظل الحالة الأمنية المتقلِّبة عائقًا دون تنفيذ عمليات التوزيع على نطاقٍ أوسع. ونحن على أهبة الاستعداد لاغتنام أول فرصة لتقديم المساعدة، دونما المساس بسلامة موظفينا في بيئة تزداد خطورة على العاملين في المجال الإنساني.
وفيما قبل التصعيد الحالي، كانت المبادرة الإقليمية المعنية بالإصابات الشديدة، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، تتعاون مع المكتب القُطري للمنظمة في السودان على إنشاء كادر من كبار المهنيين الصحيين المدربين والمجهزين بشأن التدبير العلاجي للإصابات الجماعية. ولقد بدأت تلك الجهود العام الماضي، عندما تم إيفاد فريق من اختصاصيي الإصابات الشديدة من المكتب الإقليمي للمنظمة في السودان للعمل في ولايات متعددة في جميع أنحاء البلاد، ومنها الخرطوم والنيل الأزرق والجنينة.
خلال ذلك، تلقى أكثر من 30 طبيبًا من أطباء الخطوط الأمامية التدريب على مبادئ الإصابات الجماعية وجُهزوا ليكونوا مدربين وطنيين؛ ولقد نقلوا بدورهم التدريبَ إلى أكثر من 150 فرد من العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية في عام 2022 و60 آخرين في عام 2023، في ظل توجيه وإرشاد مستمرَّين من المبادرة الإقليمية المعنية بالإصابات الشديدة. وقد عملت المبادرة الإقليمية المعنية بالإصابات الشديدة والمكتب القُطري للمنظمة بالسودان ووزارة الصحة الاتحادية بالسودان معًا للمساعدة في إنشاء عدة فرق للتدبير العلاجي للإصابات الجماعية بقيادة أطباء وممرضات سودانيين يمكن حشدهم في أوقات الحوادث الجماعية، كتلك التي تتكشف أحداثها في السودان حاليًا.
لذا جرت الاستعانة بالفرق الوطنية للتدبير العلاجي للإصابات الجماعية لأجل للتصدي لتبعات التصعيد الحالي للعنف في السودان. وتدعم هذه الفرق المستشفيات في التعامل مع العدد الكبير من الإصابات وتتعاون تعاونًا وثيقًا مع وزارة الصحة الاتحادية ومنظمة الصحة العالمية لضمان توفير الأدوية والإمدادات للمستشفيات في الخطوط الأمامية للأزمة. وخلال التصعيد الأخير، فعَّلت أكثر من 15 مستشفى خططها للتدبير العلاجي للإصابات الجماعية، ونفذت معايير المنظمة للاستجابة لحالات الطوارئ.
كذلك جهز المكتب القُطري للمنظمة بالسودان الإمدادات الأساسية في مستودعات، ليجري للإفراج عنها خلال الساعات الأولى من وقوع إصابات جماعية. ومع اندلاع القتال، تم تزويد المستشفيات في الخطوط الأمامية بالإمدادات المعدَّة مسبقًا الخاصة بالتعامل مع الإصابات الشديدة واللوازم الجراحية الأساسية، وكذلك توفير الأدوية الأساسية، والمعدات واللوازم المخصصة للاستعمال لمرة واحدة للتدخلات المنقذة للحياة، مثل إيقاف النزف، والتدبير العلاجي لمجرى الهواء، وجراحة الطوارئ.
لكن المنظمة لا يمكنها حاليًا إرسال المزيد من اللوازم الجراحية الأساسية ولوازم علاج الإصابات الشديدة إلى السودان، لأن المطارات لا تزال متوقفة عن العمل، والطرق غير آمنة. وفي الوقت نفسه، يستعين المكتب القُطري للمنظمة بالسودان بالشركاء للوقوف على وضع الموارد وتوزيع هذه الكميات شديدة التواضع المتاحة في البلاد من إمدادات ومستلزمات علاج الإصابات الشديدة.
ويُشار هاهنا إلى أن المنظمة كانت تعتزم، فيما قبل اندلاع العنف، إيفاد اختصاصيين في علاج الإصابات الشديدة إلى البلاد لدعم وزارة الصحة الاتحادية في تعزيز نهج رعاية الإصابات الشديدة. ومن الأمور المحورية للمبادرة الإقليمية المعنية بالإصابات الشديدة إدراك أنه من الضروري بناء قدرات مستدامة لرعاية الإصابات الشديدة في حالة الأوضاع الإنسانية الحرجة، ويتحقق ذلك بالاستثمار في المؤسسات الوطنية والقوى العاملة الصحية المحلية وتعزيزها. وينبغي أن يراعي ذلك ضرورة التدبير العلاجي للمريض بدءًا من مكان التعرض للإصابة، ويكون هذا بالاستثمار في خدمات الرعاية السابقة لدخول المستشفى، مرورًا بالخدمات الجراحية، ثم إعادة التأهيل. والهدف المنشود هو الحد من حالات الوفاة والإعاقة ما أمكن ذلك.
كذلك تبحث المنظمة سُبل دمج رعاية الإصابات الشديدة في مراكز الرعاية الصحية الأولية من خلال إنشاء نقاط إسعاف ذوي الإصابات الشديدة. والوظيفة الرئيسية لنقطة إسعاف ذوي الإصابات الشديدة هي إنعاش المرضى المصابين ذوي الإصابات الخطيرة وتحقيق الاستقرار لحالتهم ثم إحالتهم إلى مرفق أكثر تخصصًا وأعلى في القدرات. وبهذا، فإنه من شأن نقاط الإسعاف هذه أن تؤدي دورًا مماثلاً لمراكز الإسعافات الأولية المتقدمة المدمجة في مراكز الرعاية الصحية الأولية لتقديم الرعاية الفورية المنقذة للحياة وأطراف الجسد إلى المجتمعات الريفية أو النائية.
وعلاوة على ذلك، فإنه ثمة حاجة ملحة إلى توسيع نطاق نهج رعاية الإصابات الشديدة في السودان. فالمستشفيات بحاجة إلى دعم عاجل يتمثل في توفر أطقم رعاية صحية يمكن الدفع بها ونشرها، ومن ذلك مثلاً أطباء وطواقم تمريض مدربون على رعاية الإصابات الشديدة، فضلاً عن تزويد المستشفيات بالإمدادات اللازمة لعلاج الإصابات الشديدة، ومنها الأجهزة المثبتة الخارجية وغيرها من المعدات الجراحية. وينبغي تجهيز سيارات الإسعاف وتزويد المسعفين بالمستلزمات المنقذة للحياة، بحيث يمكن الوصول إلى المصابين في الوقت المناسب لتقديم الرعاية الطارئة الفورية.
وكذلك تحتاج المستشفيات إلى مستلزمات التشغيل الأساسية، مثل الوقود والمياه والكهرباء.
ومع ذلك، لا يمكن أن يتحقق شيء مما سبق دون احترام كامل لمكانة الرعاية الصحية وصونها وضمان الوصول الآمن للعاملين الصحيين. أما إذا استمرت الهجمات على الرعاية الصحية، فإن المرضى هم من سيتحملون العواقب الوخيمة. ودون الرعاية الصحية، ستحدث زيادة سريعة في عدد الوفيات الناجمة عن العنف بشكل مباشر، أو الناجمة بشكل غير مباشر عن مشاكل صحية مثل الأمراض السارية وأمراض الأمهات وأمراض حديثي الولادة وأمراض التغذية والأمراض غير السارية.