مرض فيروس ماربورغ
لمحة عامة
مرض فيروس ماربورغ هو مرض شديد الضراوة يسبب الحمى النزفية، بنسبة وفاة تصل إلى 88%. وهو من نفس فصيلة الفيروس المسبب لمرض فيروس الإيبولا. وقد حدثت فاشيتان كبيرتان في وقت واحد في ماربورغ وفرانكفورت بألمانيا، وفي بلغراد بصربيا في عام 1967، مما أدى إلى التعرف على المرض للمرة الأولى. وقد عُزي وقوع تلك الفاشية إلى أنشطة مختبرية تستعمل نسانيس أفريقية خضراء (Cercopithecus aethiops) استوردت من أوغندا. وفي وقت لاحق، أُبلِغَ عن 15 فاشية وحالات متفرقة حتى عام 2022. منها 11 حالة أُبلغ عنها في إفريقيا، وشهد هذا العام إضافة بلدين: غينيا الاستوائية وتنزانيا.
وتنتج الإصابة البشرية بمرض فيروس ماربورغ في البداية عن التعرض لفترات طويلة للمناجم أو الكهوف التي تسكنها مستعمرات خفافيش روسيتوس. وبمجرد إصابة الشخص بالفيروس، يمكن أن ينتشر الفيروس من خلال انتقال العدوى من شخص إلى آخر بالمخالطة المباشرة (من خلال الجلد المجروح أو الأغشية المخاطية) عن طريق الدم أو الإفرازات أو الأعضاء أو سوائل الجسم الأخرى للأشخاص المصابين، ومن خلال الأسطح والمواد (مثل الفراش والملابس) الملوثة بهذه السوائل.
الأعراض
يبدأ المرض الذي يسببه فيروس ماربورغ بشكل مفاجئ، بارتفاع في درجة الحرارة وصداع شديد وتَوَعُّك شديد. كما أن آلام العضلات والأوجاع من السمات الشائعة لهذا المرض. ويمكن أن يبدأ الإسهال المائي الشديد وآلام البطن والمغص والغثيان والقيء في اليوم الثالث. وقد أن يستمر الإسهال لمدة أسبوع. وقد وُصف مظهر المرضى في هذه المرحلة بأنه يظهر ملامح "تشبه الأشباح"، وعيون غائرة، ووجوه غير مُعبّرة، وخمول شديد. وقد لوحظ وجود طفح جلدي غير مسبب للحكة بين يومين و7 أيام بعد بدء ظهور الأعراض.
ويصاب كثير من المرضى بأعراض نزفية شديدة خلال 7 أيام، وعادةً ما تكون الحالات الممسبة للوفاة مصابة بنزيف يحدث غالبًا من مناطق متعددة من الجسم. وغالبًا ما يكون الدم الطازج في القيء والبراز مصحوبًا بنزيف من الأنف واللثة والمهبل. وقد يكون النزيف التلقائي في مواقع بزل الوريد (حيث يمكن التدخل عن طريق الوريد لإعطاء سوائل أو للحصول على عينات دم) مزعجًا بشكل خاص. وخلال المرحلة الشديدة من المرض، عانى المرضى من ارتفاع الحمى. وقد تؤدي إصابة الجهاز العصبي المركزي إلى حالات من التخليط والتهيّج والعدوانية.
وقد أُبلِغَ عن التهاب الخصية في بعض الأحيان في المرحلة الأخيرة (15 يومًا).
وفي الحالات المسببة للوفاة، عادةً ما تحدث الوفاة بين 8 و9 أيام من بداية المرض، ويسبقها عادةً فقدان شديد للدم وصدمة.
الوقاية والمكافحة
تعتمد المكافحة الجيدة للفاشيات على استخدام مجموعة من التدخلات، مثل التدبير العلاجي للحالات، والترصُّد، وتتبع المخالطين، وتوفير خدمة مختبرية جيدة، ودفن آمن وكريم، والتعبئة الاجتماعية. وتُعدُّ المشاركة المجتمعية أمرًا أساسيًّا لمكافحة الفاشيات بنجاح. كما يُمثّل إذكاء الوعي بعوامل الخطر للإصابة بعدوى ماربورغ والتدابير الوقائية التي يمكن للأفراد اتخاذها وسيلةً فعالةً للحد من انتقال العدوى بين البشر.
وينبغي أن تركز رسائل الحد من المخاطر على عدة عوامل:
الحد من خطر انتقال العدوى من الخفافيش إلى البشر بسبب التعرض لفترات طويلة للمناجم أو الكهوف التي تسكنها مستعمرات الخفافيش. وينبغي للأشخاص ارتداء القفازات وغيرها من الملابس الواقية المناسبة (بما في ذلك الكمامات) أثناء العمل أو الأنشطة البحثية أو الزيارات السياحية في المناجم أو الكهوف التي تسكنها مستعمرات خفافيش الفاكهة. وخلال اندلاع الفاشيات، يجب طهو المنتجات الحيوانية (المنتجات التي تحتوي على دماء ولحوم) جيدًا قبل استهلاكها.
الحد من خطر انتقال العدوى بين البشر في المجتمع بسبب المخالطة المباشرة أو المخالطة عن قرب مع المرضى المصابين بالعدوى، وخاصةً ملامسة سوائل الجسم. يجب تجنب التلامس الوثيق بمرضى ماربورغ. يجب ارتداء قفازات ومعدات الوقاية الشخصية المناسبة عند رعاية المرضى في المنزل. يجب غسل اليدين بانتظام بعد زيارة الأقارب المرضى في المستشفى، وكذلك بعد رعاية المرضى في المنزل.
وينبغي أن تبذل المجتمعات المحلية المتضررة من فيروس ماربورغ جهودًا لضمان معرفة السكان معرفة تامة بطبيعة المرض نفسه وبالتدابير الضرورية لاحتواء تفشّيه.
وتشمل تدابير احتواء الفاشية الدفن الفوري والآمن والكريم للمتوفى، وتحديد الأشخاص الذين ربما كانوا على اتصال بشخص مصاب بفيروس ماربورغ ومراقبة صحتهم لمدة 21 يومًا، وفصل الأصحاء عن المرضى لمنع المزيد من الانتشار، وتوفير الرعاية للمريض المؤكد، كما يجب مراعاة الحفاظ على النظافة العامة الجيدة والبيئة النظيفة.
الحد من خطر انتقال العدوى المحتمل عن طريق الاتصال الجنسي. واستنادًا إلى مزيد من التحليل للبحوث الجارية، توصي منظمة الصحة العالمية الذكور الناجين من مرض فيروس ماربورغ بممارسة الجنس الآمن والحرص على النظافة الشخصية لمدة 12 شهرًا من بداية ظهور الأعراض أو حتى يصبح السائل المنوي لديهم سلبيًا مرتين لفيروس ماربورغ. ويجب تجنب ملامسة سوائل الجسم، وينصح بغسل اليدين بالماء والصابون. ولا توصي منظمة الصحة العالمية بعزل المرضى في مرحلة النقاهة من الذكور أو الإناث ممن ثبت أن دمهم سلبي لفيروس ماربورغ.
مكافحة العدوى في أماكن الرعاية الصحية
يجب على العاملين في مجال الرعاية الصحية دائمًا اتخاذ الاحتياطات النموذجية عند رعاية المرضى، بغض النظر عن التشخيص المفترض. وتشمل هذه التدابير نظافة الأيدي الأساسية، ونظافة الجهاز التنفسي، واستخدام معدات الوقاية الشخصية (لمنع الرذاذ أو الملامسة الأخرى للمواد التي تحمل العدوى)، وممارسات الحَقن الآمن، وممارسات الدفن الآمن والكريم.
ويجب على العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يقدمون الرعاية للمرضى المصابين بفيروس ماربورغ أو المشتبَه في إصابتهم به تطبيق تدابير إضافية لمكافحة العدوى لمنع التماس مع دم المريض وسوائل جسمه والأسطح أو المواد الملوثة مثل الملابس والفرش. وعند مخالطة المرضى عن قرب (في حدود متر واحد)، ينبغي على العاملين في مجال الرعاية الصحية ارتداء إحدى أدوات حماية الوجه (واقي الوجه أو كمامة طبية ونظارات طبية)، ورداء بأكمام طويلة نظيف وغير معقم، وقفازات (قفازات معقمة لبعض الإجراءات).
العاملون في المختبرات عُرضة للخطر. لذا ينبغي أن يتولى موظفون مدربون التعامل مع العينات المأخوذة من البشر والحيوانات بغرض فحصها للكشف عن فيروس ماربورغ، كما ينبغي التعامل مع تلك العينات في مختبرات مجهزة تجهيزًا مناسبًا.
التشخيص
قد يكون من الصعب التمييز سريريًا بين مرض فيروس ماربورغ (MVD) والأمراض المُعدية الأخرى مثل الملاريا وحمى التيفود وداء الشيغيلات والتهاب السحايا وأنواع الحمى النزفية الفيروسية الأخرى. ويتحقق التأكد من أن الأعراض ناجمة عن عدوى فيروس ماربورغ باستخدام طرق التشخيص التالية:
مُقايسة المُمْتَزِّ المناعيّ المُرتبِط بالإِنزيم (ELISA) للجسم المضاد؛
اختبارات الكشف عن المستضدات؛
اختبارات تحييد المصل؛
مقايسة التنسخ العكسي لتفاعل البوليميراز المتسلسل (RT-PCR)؛
عزل الفيروس عن طريق الزراعة الخلوية.
وتشكل العينات التي تُجمع من المرضى خطرًا بيولوجيًا شديدًا، ويتعين إجراء اختبارات مختبرية على العينات غير المعطلة في ظل ظروف الاحتواء البيولوجي القصوى. ويجب تعبئة جميع العينات البيولوجية باستخدام نظام التعبئة الثلاثية عند نقلها محليًا ودوليًا.
العلاج
من شأن الرعاية الداعمة - تعويض السوائل عن طريق الفم أو الوريد - ومعالجة الأعراض المحددة أن تُحسِّن فرص البقاء على قيد الحياة. ولا يوجد حتى الآن علاج مؤكد لمرض فيروس ماربورغ. ومع ذلك، يجري حاليًا تقييم مجموعة من العلاجات المحتملة، بما في ذلك منتجات الدم، والعلاجات المناعية، والعلاجات بالعقاقير.
مُستجدّات العلاجات/اللقاحات
لا توجد لقاحات أو علاجات مضادة للفيروس معتمدة لعلاج هذا الفيروس، لكن بعضها قيد التطوير. وتقود منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع شركائها، جهود تقييم اللقاحات والعلاجات المرشحة في سياق الاستجابة للفاشية.
وسيُتَّخَذ أي قرار يتعلق بالبحوث خلال فاشية مرض فيروس ماربورغ من قِبل السلطات الوطنية وبالتنسيق معها وبمدخلات من الباحثين الوطنيين. ويُعَدُّ التعاون العالمي القوي، في ظل مشاركة السلطات الوطنية عن كَثَب، أمرًا بالغ الأهمية لنجاح أي بحث يُجرى أثناء اندلاع أية فاشية.