19 آب/أغسطس 2016 - طيلة الشهور القليلة الماضية ولمرتين على الأقل كل أسبوع، كان علينا أن نشجب هجوماً على مستشفى أو عيادة في عدة بلاد في منطقتنا. وفي كل بيان كنت أقرأ عن أرواح بريئة أُزهِقت، ومرافق صحية دُمِّرت، تزداد عندي مشاعر الفزع واليأس. وتواصلت الهجمات على مرافق الرعاية الصحية في هذه البلاد على الرغم من بيانات الشجب والإدانة الكثيرة التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية وسائر الشركاء. ووراء كل انتهاك لقواعد الكرامة وإنسانيتنا المشتركة هناك مأساة مفزعة. فهناك أم ثكلى فقدت طفلها، ومرضى دُفِنوا أحياء تحت الأنقاض، وطواقم صحية يتمتعون ببطولة خارقة ضحوا بحياتهم وهم يحاولون إنقاذ حياة الآخرين.
ولا يزال يعمل آلاف العاملين الصحيين اليوم داخل سوريا واليمن والعراق. وهم أوفياء للقسم الذي أقسموه لإنقاذ الأرواح وملتزمون به. بل إن بعضهم حقاً ومن غير مبالغة يعملون في مرافق تحت الأرض حرصاً منهم على مواصلة تقديم الرعاية رافضين أن يتركوا مرضاهم. فهل لنا الحق في أن نتخلى عنهم؟
وفي اليوم العالمي للعمل الإنساني، يحين الوقت أن نقف جميعاً جنباً إلى جنب متضامنين مع هؤلاء الأطباء وطواقم التمريض والإسعاف الذين يعملون في ظل ظروف واقعية قاسية ومريرة للبؤس البشري واللإنسانية، وأن نعلنها صريحة ومدوية بضرورة وقف هذه الأعمال البربرية الآن وإلى الأبد.
ويستطيع المجتمع الإنساني القيام بالكثير للدعوة إلى وضع حدٍّ لهذه الهجمات. وتُثار هذه القضية في الوقت الراهن باستمرار على أرفع المستويات في مجلس الأمن والفريق الدولي لدعم سوريا، ومع ذلك لا تزال الهجمات على مرافق الرعاية الصحية والعاملين بها مستمرة في تغاضٍ سافر عن حيادية الصحة، وعدم احترام للقانون الإنساني الدولي وقرارات الأمم المتحدة الداعية إلى حماية المرافق والعاملين.
أما الجهود الدبلوماسية، فقد باءت جميعها بالفشل حتى يومنا هذا. والهجمات على العاملين الصحيين والمرافق الصحية لا تزال تشيع في الكثير من الصراعات. لقد آن الأوان لوضع حدٍّ لهذه الحالة التي يتعذَّر تبريرها. ومن جانبها تهيب منظمة الصحة العالمية بالقادة السياسيين حول العالم أن يتحدوا ويستخدموا نفوذهم لوقف الهجمات التي يتعرض لها العاملون الصحيون والمرافق الصحية.