أعدَّت منظمة الصحة العالمية مجموعة أدوات صحية جديدة لدعم علاج أصحاب الأمراض المزمنة في الأماكن التي تشهد حالات طوارئ. وبعد ثلاث سنوات من وضع التصوُّر الخاص بهذه المجموعة من الأدوات، تم تسليم الشحنة الأولى المؤلفة من ست مجموعات، أي ما يكفي لعلاج 60 ألف حالة طبية، عبر الحدود من تركيا إلى المناطق الواقعة شمال الجمهورية العربية السورية.
23 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، القاهرة، مصر - الأفراد المحاصرون بين خطوط النيران ممن يعانون إصابات شديدة مهددة لحياتهم هم الضحايا المتأثرون تأثراً مباشراً في البلدان التي تشهد دوامات مستمرة من العنف. غير أن ثمة فئة أخرى من الأفراد تعاني وطأة هذا العنف في الحالات الأطول أمداً، وهم أولئك الذين يعجزون عن الوصول إلى الأدوية والعلاج المنتظم للأمراض غير السارية مثل السكري والسرطان وأمراض الكُلى وغيرها من الحالات المزمنة.
فمثلاً، شُخِّص عُمَر البالغ من العمر 11 عاماً من حلب، الجمهورية العربية السورية، بإصابته بداء السكري من النمط الأول وهو في عمر التاسعة. وكل شهر، يتوجّه الطفل مع أمه إلى أقرب مركز للرعاية الصحية الأولية للحصول على احتياجاته من الأنسولين. ومع ذلك، فإن الحصول على الأنسولين ليس سهلاً، إذ يعيش عمر في منطقة "جبل سمعان"، وهي منطقة تُمزّقها الصراعات وترتفع فيها الأسعار ولا تتاح فيها دائماً القدرة على حفظ برودة اللقاحات والأدوية. وبينما يكبر عمر، فإنه يحتاج جرعات أكبر من الأنسولين للسيطرة على مستوى السكري لديه، وأي نقص في الأدوية سيكون له تأثير على العلاج المطلوب له كل شهر.
وتُعَدُّ الأمراض غير السارية، من قبيل السرطان وأمراض الجهاز التنفسي والسكري هي المسؤولة عن 46% تقريباً من الوفيات في سوريا حالياً، ما يتجاوز عدد الوفيات التي تسبِّبها الإصابات الناجمة عن الحرب الدائرة هناك.
وقال الدكتور سليم سلامة، المسؤول التقني لمنظمة الصحة العالمية المعني بالتدبير العلاجي للأمراض غير السارية: «نظراً لأن تأثير الطوارئ غير مباشر وغير واضح على المرضى المصابون بأمراض غير سارية، فإن مصيرهم يكون الإهمال، وقد تكون تبعات ذلك مميتة على المدى الطويل».
ونتيجة ذلك، يشكِّل الأفراد الذين يعانون الأمراض غير السارية واحدة من أكبر الفئات المعرضة للخطر أثناء الطوارئ، في ظل وفاة الكثيرون منهم من جراء المضاعفات التي يسهل السيطرة عليها في الظروف الطبيعية، ولكنها تكون مهددة للحياة إن لم تُعالَج.
وأخذاً بعين الاعتبار نقص الأدوية والمستلزمات الذي يمكن أن تواجهه المرافق الصحية في سياقات الطوارئ، فإن مجموعة الأدوات الصحية الطارئة للأمراض غير السارية تشتمل على أجهزة طبية وأدوية أساسية و22 دواءً لأمراض مزمنة من قبيل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسكري، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة، وعدد من الحالات النفسية والعصبية. وتشمل المجموعة أيضاً بروتوكولات التدبير العلاجي للأمراض غير السارية للعاملين في مجال الرعاية الصحية، التي تستند إلى المعايير المحددة من قِبَل منظمة الصحة العالمية.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2017، تم شراء أول شحنة مؤلفة من 6 مجموعات تكفي لعلاج 60 ألف حالة، وتسليمها إلى مركز المنظمة في غازي عنتاب، تركيا، ومن ثم نقلها عَبْر الحدود للشركاء الصحيِّين في شمال سوريا عبر خط الإمداد الخاص بالمنظمة والممول من وزارة التنمية الدولية البريطانية والحماية المدنية والمعونة الإنسانية والحماية المدنية الأوروبية. ونُقِلت مجموعات إضافية أيضاً إلى عمَّان، وسيتم تسليمها إلى الشركاء القائمين بالتنفيذ الذين يدعمون أنشطة استجابة المنظمة في جنوب سوريا.
كما ستُشحن مجموعات الأدوات الصحية الطارئة الخاصة بالأمراض غير السارية أيضاً إلى العراق بنهاية عام 2017 لدعم جهود الاستجابة التي تقوم بها المنظمة هناك، وكذلك إلى ليبيا واليمن في عام 2018.
وقال الدكتور سلامة: «ستلعب مجموعة الأدوات الطارئة للأمراض غير السارية التي أعدَّتها المنظمة دوراً رئيسياً في دعم عملنا في البلدان التي تواجه حالات طوارئ. ويشمل ذلك التأكُّد من أن العاملين الصحيِّين مدربون على الكشف المبكر وإحالة حالات الإصابة بالأمراض غير السارية، وأن المستشفيات تتوافر بها الأدوية الأساسية وأجهزة التشخيص وغير ذلك من الموارد اللازمة لمواصلة العمل».
«وفي الوقت الذي تستمر فيه الأولويات التقليدية في حالات الطوارئ، مثل رعاية الإصابات الشديدة، فإن أثر الأمراض غير السارية على صحة الأشخاص المتأثرين بالطوارئ ينبغي أن يحظَى بمزيد من الاعتراف على نطاق واسع وأن يولَى قدر أكبر من الاهتمام، من قِبل مجتمع العمل الإنساني والمجتمع الدولي بأسره على السواء».
رابط إلى الفيديو
منظمة الصحة العالمية ترسل أدوية ومجموعات أدوات خاصة بالأمراض غير السارية إلى مناطق الأزمات الإنسانية