العاملون الصحيون والمرضى بين الحياة والموت في شرق مدينة حلب

أَسِرَّة المستشفيات في أحد المرافق الصحية المتضررة

4 تشرين الأول/أكتوبر 2016- الطفل خالد*، البالغ من العمر 3 سنوات، كان مصابًا بجروح شديدة عندما أُحضِرَ إلى المستشفى. وقد أصيب في انفجار وقع بينما كان يمشي في الشارع مما أدى إلى تدمير المباني المحيطة به ومحاصرته تحت الأنقاض. وعثر عليه المارة، فنقلوه مع عشرات المدنيين المصابين بالسيارة إلى أقرب مستشفى عامل. وعلى الفور نقله العاملون في المستشفى إلى غرفة العمليات لإجراء جراحة فورية. وبترت إحدى ساقي خالد وجزء من منطقة الحوض. ولحسن حظه، كان هناك طبيب جراح في المستشفى استطاع السيطرة على النزيف وأجرى له جراحة طارئة.

وفي الوقت الذي تلقى فيه خالد الرعاية المنقذة للحياة، هناك آخرون محرومون منها. وقد نقلت الطفلة هالة، البالغة من العمر 4 سنوات، إلى المستشفى في حالة حرجة بعد أن انفجرت قنبلة بالقرب منها حيث كانت تلعب مع أخواتها. ولم يستطع طاقم المستشفى إنقاذ حياتها، وتوفيت بعد أقل من 24 ساعة. وأصيبت أختاها، وعمرهما 7 و 10 سنوات، بجروح خطيرة.

في شرق مدينة حلب يوجد أقل من 30 طبيباً يخدمون أكثر من 270 ألف شخص، ولا يحصل سوى عدد قليل من المرضى على الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها. ومنذ 23 أيلول/سبتمبر، توفي 4 أطفال نتيجة لتوقف عمل أجهزة التنفس الميكانيكية، واضطر العاملون بالمستشفى إلى القيام بذلك يدويًا في محاولة منهم للحفاظ على حياة باقي المرضى. وقد أصبحت جميع وحدات العناية المركزة البالغ عددها 16 وحدة في شرق مدينة حلب مشغولة بالمرضى، ولا توجد سوى فرصة ضئيلة أمام المرضى الجدد للبقاء على قيد الحياة.

لقد أصبحت المستشفيات مثقلة بالأعباء، وهي تكافح من أجل تلبية الاحتياجات المتزايدة. ومنذ 23 أيلول/سبتمبر 2016، لقى 342 شخصًا مصرعهم، وكان ثلثهم تقريبًا من الأطفال، وأصيب 1129 شخصًا بجروح. ومن المتوقع أن تكون الأرقام الفعلية أعلى من ذلك، نظراً لأن هذه الأرقام هي التي يبلغ عنها فقط من المرافق الصحية.

والمرافق الصحية ليست قادرة على التعامل مع الزيادة الضخمة في عدد المصابين. ويفيد العديد من المرضى المصابين أنهم يتلقون العلاج وهم على الأرض، ويُحَوَّل بعض المرضى بعيداً عن المستشفى بسبب عدم القدرة على علاجهم. ويقول ممثل مديرية الصحة المحلية الدكتور عبد الرحمن* "إن المستشفيات لديها مخزون محدود من الأدوية والإمدادات الطبية، والوقود، ولا يوجد دعم للعاملين الصحيين". وأضاف "ليس لدينا أي علم عن موعد وصول الإمدادات الجديدة، لذلك نحرص أشد الحرص في استخدام ما هو متوفر لدينا. وفي كل يوم، يموت المرضى لعدم قدرتنا على معالجتهم. "

يؤدي العاملون الصحيون عملهم في ظروف مجهدة للغاية وهم متخوفون من تعرضهم للقصف مع استمرار الضربات الجوية. ومنذ 23 أيلول/سبتمبر، قتل 3 أطباء كانوا قد بقوا في شرق مدينة حلب لمعالجة المدنيين، وإنقاذ الأرواح، وأصيبت ممرضتان. ويقول الدكتور عبد الرحمن "إن الروح المعنوية للعاملين الصحيين في شرق مدينة حلب هي في أدنى مستوياتها". ويضيف قائلاً " إن العاملين الصحيين قد استُنفِدُوا عقلياً وجسديا، فهم يرون الأهل والأصدقاء والزملاء وهم يموتون من حولهم، ولا يرون أي بارقة أمل في وقف المذابح التي يتعاملون معها كل يوم."

والمستشفيات لا تزال تتعرض للقصف، ولم يعد هناك سوى 7 مستشفيات تعمل عملًا جزئيا. وقد توقف عن العمل مستشفيان رئيسيان لعلاج الإصابات في الجزء الشرقي من المدينة بعد هجوم وقع يوم 27 أيلول/سبتمبر، وأعيد تقديم الخدمات جزئيًا في مستشفى واحد فقط منذ ذلك الحين. وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر، تعرض مركز الديال الكلوي الوحيد في المدينة للقصف، تاركًا أكثر من 60 مريضًا معرضين للخطر. وأعيدت خدمات المركز مرة أخرى في نفس اليوم الذي وقع فيه الهجوم.

لقد تعرض كل مستشفى في المدينة لقصف واحد على الأقل، وقُصِفَ أحد المستشفيات الرئيسية لعلاج الإصابات 4 مرات خلال 5 أيام. ومع تزايد أعداد المصابين الذين يحتاجون إلى رعاية داخل المدينة المحاصرة، وبسبب القدرة المحدودة للعاملين الصحيين على معالجة هذه الحالات، خاصة في المرحلة السابقة لوصول المصابين إلى المستشفى، أجرت منظمة الصحة العالمية أول دورة تدريبية عن بعد عبر مؤتمر بالفيديو في 3 تشرين الأول/أكتوبر من مدنية غازي عنتاب في تركيا، وحضرها 23 ممرضًا ومساعدًا طبياً في شرق حلب وكانت الدورة حول التدبير العلاجي للحالات قبل وصولها إلى المستشفى. وقال الدكتور محمد الجزار، المسؤول التقني في منظمة الصحة العالمية للعلاج الجراحي وعلاج الإصابات "إن المرحلة السابقة للوصول إلى المستشفى، حيث ينقل المرضى من مكان الحادث إلى مستشفى، تعد هي المرحلة الأكثر أهمية في رعاية الإصابات. وتقع 80-90% تقريبًا من الوفيات أثناء هذه المرحلة، ولذلك كان من المهم تدريب العاملين الصحيين على كيفية التعامل مع المرضى". وأضاف "هذه هي الدورة الأولى من التدريب عن بعد لمنظمة الصحة العالمية واستهدفت أول المستجيبين للمصابين (وهم الممرضون والمساعدون الطبيون الذين يعملون بالقرب من الخطوط الأمامية، وفي أنظمة الإسعاف والدفاع المدني ومراكز الرعاية الصحية الأولية) وهم الذين يقدمون للمصابين الرعاية التي يحتاجونها أثناء الدقائق الحرجة بعد وقوع الإصابة. وإذا تدرب هؤلاء العاملون الصحيون على كيفية التعامل مع المرضى أثناء نقلهم إلى المستشفى، فإن هذا سيتيح فرصة كبيرة للحفاظ على حياتهم."

لا يستطيع ما يصل إلى 600 شخص في شرق مدينة حلب الحصول على العلاج الطبي الذي يحتاجون إليه بسبب الحصار المفروض على المدينة. وحالما يصبح الوصول ممكنًا، فإن منظمة الصحة العالمية على أهبة الاستعداد لتسهيل عمليات الإجلاء الطبي، والتخزين المسبق لأدوية الطوارئ ومستلزمات العمليات الجراحية في مخازنها في غازي عنتاب ودمشق لتعزيز استجابتها عبر الحدود والمعابر.

* غُيَّرَت الأسماء حفاظًا على خصوصية العاملين الصحيين والمرضى

المواقع ذات الصلة:

منظمة الصحة العالمية تدعو لإجلاء المرضى والجرحى من مناطق الصراع

تقارير عن الهجمات على الرعاية الصحية