وقاية السكان من آثار الطوارئ الصحية
تتصدر حالات الطوارئ جدول أعمال اللجنة الإقليمية الخامسة والستين ويرجع السبب في ذلك إلى أن ما يزيد على ثلثي بلدان إقليم شرق المتوسط تتضرر ضررًا مباشرًا أو غير مباشر من النزاعات السياسية والكوارث الطبيعية والتهديدات الأخرى على الصحة العامة.
العاملون الصحيون والمرضى في إقليم شرق المتوسط يرفعون شعار #لست_هدفاً للأعمال العدائية (#NotATarget)
رغم الإدانات من منظمة الصحة العالمية وشركائها في مجال الصحة، تتواصل الهجمات على مرافق الرعاية الصحية في شرق المتوسط بوتيرة منتظمة تنذر بالخطر. وبمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، نؤكد مجددًا دعمنا لجميع العاملين الصحيين والأشخاص المتضررين من النزاعات.
الرعاية المركزة في العراق: الفرق بين الحياة والموت ل 1.5 مليون إنسان
بشحوب وصوت متقطع أنهكه المرض تصف جنان سبع الألم الفظيع الذي أحسّت به في معدتها قبل أسبوعين والذي استدعى نقلها على وجه السرعة إلى المستشفى.
تقول جنان: "لقد كنت أصرخ من الألم وأركل الأرض، أركل بقوة من شدة الألم." اتصلت جنان بسيارة إسعاف نقلتها إلى مستشفى صلاح الدين العام في تكريت علي بعد 90 دقيقة من مكان إقامتها. وهناك ألحقت على الفور بوحدة رعاية مركزة أنشئت منذ خمسة أشهر.
كانت جنان صائمة وكانت تعاني من آلام بالحالب في السابق وتسبب الجفاف في مضاعفات حادة التي نجم عنها معاناتها من الآلام المبرحة لمدة أسبوعين قبل أن يتم نقلها لغرفة العناية المركزة.
افتتحت هذه الوحدة في 30 يناير/كانون الأول 2018 بمنحة من جمهورية ألمانيا الفيدرالية قدرها 112 ألف دولار أمريكي. وتعد وحدة العناية ذات الأسّرة الخمسة الوحيدة المتوفرة لسكان محافظة صلاح الدين الذين يقارب عددهم 1.5 مليون نسمة.
يقول الدكتور نوفل حداد الذي يرأس المستشفى ووحدة الرعاية المركزة: "حتى اليوم عالجت هذه الوحدة 67 مريضاً من بينهم 15 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين ساعات قليلة و15 عاماً".
كانت منظمة الصحة العالمية قد دعمت مستشفى صلاح الدين والذي تبلغ سعته 200 سرير بتوسيع أقسامه وتوفير الأثاث الطبي وغيره من المعدات المتخصصة الضرورية لوحدة العناية المركزة وأثناء احتدام العمليات العسكرية في 2016 زودت المنظمة المستشفى بأجهزة طبية بقيمة 200,000 دولار.
وعلى الرغم من أن وجود غرفة رعاية مركزة وحيدة لخدمة محافظة يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة يبدو بمثابة نقطة في بحر إلا أنها أنقذت أناساً مثل جنان من الموت.
يضيف الدكتور حداد بفخر: "نحن نستقبل الحالات التي تحال إلينا من بغداد وديالى والموصل وسامراء. يتصلون بنا ليسألونا عن توفر أسرّة للحالات لديهم ونحن نساعدهم."
ومنذ افتتاحها، تصل تتوافد على وحدة الرعاية المركزة بصفة مستمرة العديد من الحالات ومن بينها الإصابة بالصدمات الشديدة جراء أعمال العنف والتي ما تزال حقيقة مريرة للعديد من ضحاياها بالعراق.
في القسم الأخر من غرفة الرعاية المركزة المجاور لجنان، يرقد أمجد البالغ من العمر 38 عاماً. وقد تم نقل أمجد مصاباً بالإغماء إثر تعرضه لحادث سيارة. ومن تحت الغطاء تظهر ساقه التي وضعت في الجبيرة بينما يتحلق الأطباء حول سريره.
يقول سعد سليمان كبيراختصاصي التخدير إن أمجد "استفاق بالأمس ورد على اسئلتي" موضحاً أنه تم تخدير أمجد لإجراء المزيد من العلاج الذي يتطلب أن يكون هادئا لا يتحرك. وليس معلوماً حالياً متي سيخرج أمجد من العناية المركزة لكن وجوده بها يعني أنه تحت الرقابة الطبية المستمرة وأطبائه متفائلون لتحسن حالته.
خلال زيارة مؤخراً كانت طرقات المستشفى تضج بالمرضى وأحبائهم المنتظرين لنتائج الفحوصات الطبية والعاملين الصحيين المنهمكين في أداء مهام عملهم. ويقول الدكتور حداد إنه "توجد خطط لزيادة سعة المستشفى. ويضيف أن حلمه الشخصي هو إضافة غرفتي عمليات الى الغرف الخمسة الحالية".
ويضيف الدكتور حداد إننا في المستشفى "نقدم الرعاية التخصصية الثالثية أي الجراحة والرعاية المركزة، كما أن لدينا متخصصات عاليات الكفاءة. ولا تنس أن هذا المستشفى يضم مركزا للتدريب على أمراض النساء والولادة."
سبع سنوات من المعاناة: حقائق وأرقام عن سوريا
أكثر من 11,3 مليون سوري بحاجة إلى مساعدة صحية، منهم 3 ملايين شخص تقريباً يعيشون في مناطق محاصرة أو يصعب الوصول إليها.
سلمت منظمة الصحة العالمية 14 مليون معالجة طبية إلى المحتاجين في عام 2017، منها 3 ملايين معالجة تم تسليمها عبر الحدود. وتم الوصول إلى أكثر من ثلثي المناطق المحاصرة بمعونات صحية في عام 2017. ويرصد نظام تعقب الإمدادات للمنظمة توزيع الأدوية والإمدادات والمعدات إلى مرافق الرعاية الصحية، وتزور نقاط الاتصال في جميع أنحاء سوريا بانتظام مرافق الرعاية الصحية والعيادات المتنقلة للإبلاغ عن الاحتياجات الصحية والمخزونات المتاحة من الأدوية ذات الأولوية.
معدلات التغطية التطعيمية تتأثر من التخريب، وطفل واحد من بين 3 أطفال فاتته تطعيمات منقذة للحياة.
دعمت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها أنشطة التطعيم التكميلي في عام 2017، ووصلت إلى 2,5 ملايين طفل (تتراوح أعمارهم بين 0 و59 شهراً) بـ 3 جرعات من لقاح شلل الأطفال وتطعيم 5 ملايين طفل (تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و12 عاماً) ضد الحصبة. وتم تطعيم 2,4 ملايين طفل تقريباً من خلال أنشطة التطعيم عبر الحدود.
الضرر أو الدمار يلحق بأكثر من نصف المرافق الصحية بسوريا والعاملين الصحيين من بين من يهربون من البلاد.
أعادت منظمة الصحة العالمية تأهيل ستة مراكز صحية أولية في أربع محافظات، وأعادت تجهيز مستشفى واحد في حلب، وأعادت تأهيل قسم الطوارئ بمستشفى المواساة للإحالة في دمشق في عام 2017 تأهيلاً كاملاً. ومن أجل تعزيز قدرة قوة العمل في مجال الصحة، دربت منظمة الصحة العالمية العام الماضي أكثر من 27 ألف عامل صحي على عددٍ كبيرٍ من الموضوعات.
35% من جميع السوريين لا يستطيعون الحصول على مياه شرب مأمونة، مما يعرضهم لخطر الإصابة بأمراض منقولة بالماء مثل الأمراض الإسهالية والحمى التيفية.
في عام 2017، خضع أكثر من 650 مصدراً من مصادر مياه الشرب غير المأمونة لفحص ومعالجة من منظمة الصحة العالمية وشركائها، بما في ذلك خزانات تخزين المياه في معسكرات المشردين داخلياً في شمال شرق سوريا وآبار المياه الجوفية في محافظة حلب، توفر مياه نظيفة إلى 200 ألف شخص تقريباً. ودعمت المنظمة أيضاً إعادة تأهيل شبكات توزيع المياه في خمس مستشفيات في حلب، ودمشق والقامشلي.
الظروف المعيشية غير الصحية في معسكرات المشردين داخلياً، وزيادة معدلات سوء التغذية، وانخفاض معدلات التطعيم على نطاق البلاد يزيد من مخاطر تفشي المرض.
لرصد انتشار الأمراض المعدية، تقدِّم 1670 نقطة خافرة على نطاق البلاد تقاريرها إلى نظام مراقبة الأمراض التابع للمنظمة. ومنذ بداية الأزمة، سمح هذا النظام لمنظمة الصحة العالمية وشركائها بالكشف عن التهاب الكبد A، والحمى التيفية، وداء الليشمانيات، وشلل الأطفال، والحصبة على نطاق سوريا وعلى حدود البلدان المجاورة وسمح بالاستجابة لها.
معدلات سوء التغذية تتصاعد مما يقلل من مناعة الأطفال ضد المرض المعدي المهدد للحياة.
جرى فحص 743 ألف طفل للكشف عن سوء التغذية في 586 مركزاً لمراقبة التغذية مدعوم من المنظمة في عام 2017. كما تساعد المنظمة في تعزيز النظام الوطني لمراقبة التغذية وقدمت الدعم لإنشاء 17 مركزاً للتغذية بغية علاج الأطفال المصابين بسوء تغذية حاد ووخيم ومضاعفات طبية.
يعاني سوري واحد من بين 30 سورياً من حالة صحية نفسية وخيمة، ويعاني شخص واحد من بين 10 أشخاص من حالة صحية نفسية تتراوح بين الخفيفة والمعتدلة نتيجة التعرض طويل الأمد للعنف.
وتدعم المنظمة إدماج خدمات الصحة النفسية في مراكز الرعاية الصحية الأولية والمراكز المجتمعية على نطاق البلاد. وتقدِّم الآن أكثر من 400 مرفق للرعاية الصحية في سوريا خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي. في عام 2017 نفذ المركز الرئيسي للمنظمة في غازي عنتاب بتركيا برنامج عمل بشأن سد الثغرات في مجال الصحة النفسية في شمال غرب سوريا، ودرب أكثر من 250 عاملاً ومهنياً سورياً في مجال الرعاية الصحية والصحة النفسية.
وتشير التقديرات إلى أن العدد الإجمالي للأشخاص ذوي الإعاقات بأنواعها المختلفة 2,9 ملايين شخص، منهم 1,5 ملايين شخص مصاب بإصابات نتيجة الحروب. وهم يعانون من أوضاع أكثر ضرراً في الحصول على خدمات للرعاية الصحية مطلوبة بشدة.
وقد اشترت المنظمة ووزعت إمدادات لإنتاج 700 طرف اصطناعي لمراكز عامة لإعادة التأهيل في دمشق وحمص ووفرت 337 طرفاً اصطناعياً إضافياً من خلال المنظمات غير الحكومية. من أجل زيادة توسيع خدماتها لإعادة التأهيل، وتعمل المنظمة مع وزارة الصحة لإصلاح وتجهيز مركزين لإعادة التأهيل لحق بهما الضرر - واحد في حمص والثاني في حلب.