السوريون يواجهون صعوبة متزايدة في الحصول على الرعاية الصحية في شرق مدينة حلب
5 آب/أغسطس 2016 – الدكتور حاتم أبو يزن، المدير العام لمستشفى الأطفال التخصصي في الشعّار في شرق مدينة حلب، كان يعمل في قسم الأطفال حديثي الولادة في المستشفى في الطابق الأول عندما سمع صوت القصف الجوي الذي اعتاد عليه، وكان يرتدي سماعة الطبيب التي خفّفت من شدة الضوضاء. ولم يعرّ اهتمامًا حتى رأي الأبواب وهي تنهار إلى الداخل، والنوافذ وهي تتحطم. فأبعد الدكتور أبو يزن، مع ممرضة وطبيب آخر، 9 رضّع عن الحاضنات، وحملوهم إلى الطابق السفلي، حيث اعتقدوا أنه أكثر أمناً. وقال "انتظرنا لمدة 10 دقائق حتى يهدأ الهجوم، ثم ركضنا مرة أخرى لنحضر الحاضنات إلى الطابق السفلي، حتى لا تتعرض للخطر في حال وقوع هجوم آخر".
وقبل بضعة أيام، كان الدكتور أبو يزن يشرف على رعاية طفلين من الأطفال الخدّج عمرهما 6 أيام في العناية المركّزة عندما قيل له أن طفلًا ثالثًا في حالة حرجة قد أُدخِل إلى المستشفى. وقال "كان هناك وحدتان تعملان فقط في المستشفى للعناية المركّزة، فاضطررت إلى اتخاذ قرار صعب". "أن أبعد أحد الطفلين عن الحاضنة – فاخترت الطفل الذي كانت حالته أقل استقرارًا– ووضعت مكانه الطفل الذي أُدخل المستشفى حديثًا والذي كان لديه فرصة أكبر للبقاء على قيد الحياة. ولو توفّرت أَسرَّة أكثر في ذلك اليوم، لكان الأطفال الثلاثة سينجون جميعًا، بدلاً من نجاة طفلين. " هذه هي قرارات الحياة أو الموت التي تدمي القلب والتي تواجه العاملين الطبيين يوميًا في سوريا بينما تدور رحى الحرب، وبينما يستمر تعرّض المستشفيات للضرر أو التدمير أثناء النزاع.
ومع استمرار الحصار المفروض، يستمر تعرّض أعداد كبيرة من المدنيين للخطر الشديد. وليس بوسع حوالي 250 ألف إنسان حاليًا في شرق مدينة حلب الحصول على قدر كافٍ من الغذاء، والرعاية الطبية، وتتوقع الأمم المتحدة أن تكفي الإمدادات الغذائية لمدة أقصاها شهر واحد. ومنذ 7 تموز/يوليو 2016، توقف توصيل الإمدادات الطبية إلى شرق مدينة حلب بسبب تصاعد الصراع، ويتوقع أن يكفي المخزون المتوفّر من الإمدادات الطبية داخل المدينة لمدة 3 أشهر.
الهجمات على مرافق الرعاية الصحية تحدُّ من الخدمات الصحية المنقذة للحياة
في حين يزداد الطلب على الرعاية الطبية، وبخاصة للإصابات الخطيرة الناجمة عن الحرب، فإن العنف المتفاقم والحصار المفروض على مدينة حلب قد أسفرا عن تقليل الخدمات الصحية المتوفرة نتيجة للهجمات على المرافق الصحية، ونقص العاملين في مجال الرعاية الصحية، وقلة الأدوية والإمدادات الطبية. وفي شهر تموز/يوليو عام 2016 وحده، وقع 10 هجمات مؤكدة على الأقل على المرافق الصحية في مدينة حلب، وبعضها تعرّض للقصف مرتين في غضون 12 ساعة. ووفقًا للسلطات الصحية المحلية في شرق مدينة حلب، فإن 8 مستشفيات من أصل 10 مستشفيات و13 مركزًا من أصل 28 مركزًا للرعاية الصحية الأولية أصبحوا حاليًا يعملون عملاً جزئيًا أو توقفوا عن تقديم الخدمة من جراء هذه الهجمات.
وقد أُبلِغ عن مقتل 6 على الأقل من عمال الرعاية الصحية في مدينة حلب نتيجة للهجمات على المرافق الصحية في عام 2016، مما أدى إلى تناقص مطّرد في عدد المهنيين الصحيين الموجودين. ووفقًا لبيانات المجموعة الصحية، فإن مقابل كل طبيب يُقتَل أو يهرب، يُحرم أكثر من 40 سوريًا من خدمات الاستشارات الطبية المقدمة في اليوم الواحد. ووفقًا للسلطات الصحية المحلية لشرق مدينة حلب، لم يبقْ في المدينة سوى 35 طبيبًا، وتعاني قدرتهم على مواكبة الطلب المتزايد لخدماتهم من الإنهاك. ويذكر الدكتور عبد القادر فرح في مدينة حلب أنه في منتصف ليل 2 آب/أغسطس، أصيب جراح القلب بسكتة قلبية نتيجة لعمله تحت ضغوط شديدة، ومع عدم توفّر جهاز مزيل الرجفان في المدينة، لم يكن بوسع الأطباء إلا تقديم الرعاية المنقذة للحياة له وذلك بعد إبعاد مريض آخر حالته أقل حرجًا من وحدة العناية المركزة.
وهناك أكثر من 15 طبيبًا كانوا خارج المدينة قبل فرضّ الحصار عليها وهم الآن ليسوا قادرين على العودة إلى المدينة. وبرغم أنهم يدركون المخاطر والتحديات التي يواجهها العاملون في مجال الصحة، إلا أنهم مصمّمون على الانضمام إلى زملائهم داخل المدينة، ومواصلة العمل من أجل إنقاذ الأرواح.
الاحتياجات الصحية المتزايدة تنهك النظام الصحي
منذ تصاعد الصراع في مدينة حلب، تضاعف عدد حالات الدخول إلى المستشفيات من 1226 في كانون الثاني/يناير 2016 إلى 4398 في حزيران/يونيو. وتضاعفت تقريبًا الإصابات المتعلقة بالحرب من 1900 إصابة في كانون الثاني/يناير 2016 إلى 3485 إصابة في حزيران/يونيو، بينما ازداد عدد العمليات الجراحية الكبرى إلى أكثر من الضعف فارتفعت من 783 عملية في كانون الثاني/يناير 2016 إلى 1847 عملية في حزيران/يونيو. وبسبب الأعباء الثقيلة لحالات الطوارئ والإصابات، قلّصت المستشفيات جميع خدماتها الأخرى في محاولة للحفاظ على المخزون المتاح لديها من الأدوية والإمدادات. ويُعْطَى العلاج بقدر الإمكان إلى المرضى الذين يحتاجون إلى الإحالة للعلاج خارج المدينة، ولكن الكثيرين منهم قد توفوا أو أصيبوا بإعاقات دائمة نتيجة لقلة فرص حصولهم على الرعاية الطبية المتخصصة. ومنذ بضعة أسابيع حُوصِرَ الشاب "يوسف"، عمره 35 عاماً، في موقع الصراع عند عودته من العمل إلى المنزل، ونُقِلَ إلى المستشفى بسبب إصابة خطيرة في ساقه. ونظرًا لعدم وجود جرّاح عظام متخصص في شرق مدينة حلب، اضطر الجرّاح المختص في علاج الرضوح إلى بتر الساق، التي كان من الممكن إنقاذها بسهولة في الظروف الصحيحة.
وهناك ما يصل إلى نحو 90 ألف طفل محاصرين في حلب. ويقول الدكتور حاتم أبو يزن، المدير العام لمستشفى الأطفال التخصصي في شرق مدينة حلب، لم يعد هناك سوى طبيبان اثنان للأطفال في المدينة، وكل منهما يكشف يوميًا على 100-150 طفلاً، وهذا يفوق ضعف عدد الحالات المعتاد الكشف عنها.
وفي أعقاب الهجمات على مستشفى القدس ومستشفى عمر بن عبد العزيز في حزيران/يونيو وتموز/يوليو، توقف المستشفيان حاليًا عن العمل، ومستشفى الزهراء هو المرفق الوحيد الآن الذي يقدم خدمات التوليد في شرق مدينة حلب، حيث يوجد به طبيبان للنساء والولادة يحملان عبء رعاية الولادات والتي تبلغ 30 – 35 ولادة في اليوم. ويعمل الأطباء تحت ضغوط شديدة وبدعم محدود، وتعرّض العراقيل أمام تدابير الإصحاح حياةَ الأمهات والأطفال حديثي الولادة إلى خطر كبير. وبعد بضعة أيام من قصف مستشفى "الحكيم لطب الأطفال"، والذي تسبب في وفاة أحد الأطفال حديثي الولادة بسبب توقف خدمة تقديم الأكسجين، كما أصيب بالعدوى 3 أطفال كانوا يعالجون في جهاز التنفس الصناعي نتيجة لتوقف خدمات الإصحاح، وقد توفوا هم أيضًا.
وغالبا ما يفتقر المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب، وأمراض الكلية، وداء السكري، وفرط ضغط الدم، إلى العلاج المنقذ للحياة، ويتعرضون للخطر الشديد. وفي أعقاب الهجوم على مركز الإحسان الخيري للديال الدموي والذي تدعمه منظمة الصحة العالمية في حزيران/يونيو، توقف المركز حاليًا عن العمل، وأصبحت فرص مرضى السكري في الحصول على العلاج محدودة. ومن المتوقع أن لا يستمر توفّر أدوية الأنسولين وضغط الدم في شرق مدينة حلب سوى شهرين، واضطر مرضى السرطان إلى وقف جميع أنواع العلاج بسبب عدم وجود مخزون من الأدوية. ولا تتوفر مرافق الأشعة السينية أيضا في المدينة. كما أن الخدمات في غرب مدينة حلب محدودة هي الأخرى.
ويقدّر أن أكثر من 50% من السكان يعانون من اضطرابات صحية نفسية، إلا أن هناك أخصائيان اثنان للصحة النفسية فقط في شرق مدينة حلب ويقدمان خدماتهما لآلاف الناس الذين يعانون من تفاقم الإجهاد والحزن والاكتئاب.
استجابة منظمة الصحة العالمية
نظرًا لتدهور الحالة في شرق مدينة حلب، اتخذت منظمة الصحة العالمية وشركاء المجموعة الصحية تدابير مسبقة لتحضير الأدوية والإمدادات. وقدمت منظمة الصحة العالمية وحدها إمدادات لأكثر 78700 مستفيد وإلى 13 منظمة غير حكومية في شمال سوريا لتسليمها إلى المرافق الصحية العاملة في شرق مدينة حلب بمجرد فتح ممر إنساني للمدينة. كما أُعدت شحنة إضافية من الأدوية الطبية والإمدادات لحوالي 150 ألف مستفيد في شمال شرق سوريا.
وأهم من كل شيء، تواصل منظمة الصحة العالمية الدعوة إلى وضع حدٍ للهجمات على مرافق الرعاية الصحية، وحماية المرضى، ومقدمي الرعاية الصحية الذين يضربون المثل في الشجاعة والتفاني في تقديم خدماتهم، وتوفير الرعاية الصحية لجميع السوريين المحتاجين إليها، بغض النظر عن انتمائهم السياسي أو موقعهم الجغرافي.
اليوم العالمي للاجئين 2016
بدأ الاحتفال باليوم العالمي للاجئين لأول مرة في عام 2001، ويُحتفل به كل عام في 20 حزيران/يونيو. ولقد تمخضت الحروب وممارسات الاضهاد عن نزوح أكثر من 60 مليون شخص، ودفعتهم إلى الهروب من منازلهم والبحث عن السلامة في أماكن أخرى. وينتمي نصف عدد اللاجئين في العالم إلى إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط.
ويعتري المنظمة القلق بشأن صحة الأسر التي تنتقل بين البلدان. وفي إطار استجابة المنظمة لتوفير إمكانية حصول اللاجئين على الرعاية الصحية طوال رحلتهم من بلدهم وأثناء انتقالهم إلى أن يصلوا إلى وجهتهم الأخيرة، فإنها تحرص على تطبيق مبدأ رئيسي، ألا وهو "عدم إغفال أي شخص."
وتعمل منظمة الصحة العالمية مع الحكومات والشركاء نحو تحسين الحصول على الخدمات الصحية - التي تمثل واحدة من أكثر الحقوق الإنسانية الأساسية.
الصور
منظمة الصحة العالمية تعزز استجابتها لمكافحة حمى الضنك في اليمن
31 أيار/مايو 2016- تعكف منظمة الصحة العالمية على تعزيز أنشطة الاستعداد والاستجابة لمكافحة أي فاشية محتملة لحمى الضنك في اليمن. وقد أفاد نظام لترصد الأمراض بوزارة الصحة العامة والسكان اليمنية أنه تم الإبلاغ عمّا يقرب من 11900 حالة مشتبه في إصابتها بحمى الضنك، وذلك بين شهري كانون الثاني/يناير ونيسان/إبريل من العام الحالي، مقارنةً بـ1755 حالة مشتبه فيها خلال نفس الفترة من عام 2015، وهو ما يمثل زيادة في عدد الحالات المشتبه فيها بأكثر من 600% في عام 2016. وبلغ إجمالي عدد الوفيات المبَّلغ بها منذ يناير/ كانون الثاني 2016 25 حالة.
وقد توطنت حمى الضنك في اليمن بعد أن شهد عدد من محافظاته فاشيات للمرض خلال العشر سنوات الماضية، بيد أن الاستجابة للفاشية الحالية هذا العام كانت مليئة بالتحديات، نتيجة لانعدام الأمن والنظام الصحي الموشك على الانهيار. وعلاوة على ذلك، كان لما شهدته البلاد مؤخراً من هطول غزير للأمطار وتوقف لإمدادات المياه وندرة في المياه الصاحة للشرب، الأثر في انتشار البعوض في المناطق المتضررة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مفاجئ في الحالات المشتبه في إصابتها بحمى الضنك.
وفي إطار خطة الاستجابة والاستعداد لمكافحة حمى الضنك، تعمل منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة العامة والسكان وشركاء أخرين على تزويد المرافق الصحية العاملة في المناطق المتأثرة بالسوائل الوريدية وخدمات الرعاية الداعمة، والقيام بأنشطة الرش في محافظات الحديدة وعدن وحضرموت، وتقديم دورات تدريبية عن الاستجابة السريعة للأطباء والعاملين الصحيين من أجل مكافحة حمى الضنك، ، بما في ذلك التعرف على الحالات ومعالجتها.
وتجدر الإشارة إلى قيام منظمة الصحة العالمية بتوزيع مواد إعلامية وتثقيفية لتعريف أبناء المجتمعات المتأثرة بكيفية حماية أنفسهم من حمى الضنك وغيرها من الأمراض المنقولة بالنواقل أو بالماء.