إن قصص المدنيين الذين حوصروا في تبادل إطلاق النيران في مدينة الموصل وحولها قصص مفجعة ومروّعة. وتسعى منظمة الصحة العالمية إلى ضمان إتاحة الخدمات الصحية المنقذة للحياة للمصابين، ودعم العمل الدؤوب لمديرية الصحة في أربيل من أجل تقديم الرعاية الطبية الطارئة إلى جميع المحتاجين.
أحمد البالغ من العمر 14 عاماً* ووالدته كانا في المنزل في بلدة همام على، وهي بلده صغيرة جنوب الموصل، عندما أصيب منزلها في إحدى الغارات الجوية. وقد حُرِرَت البلدة حديثا، وانسحبت منها قوات المعارضة، وآثار الدمار تخيّم على البلدة. وبعد دقائق من وقوع الانفجار تمكّن المارة من إخراج أحمد ووالدته من تحت الأنقاض، واخذتهما القوات العسكرية إلى مدينة القيارة القريبة، وأثناء ذلك مروا على العديد من نقاط التفتيش الأمنية التي جعلت هذه الرحلة القصيرة تدوم ساعة تقريبًا.
ولأن المستشفى الرئيسي في القيارة قد تعرّض للدمار هو الآخر، نقل أحمد ووالدته إلى مركز الرعاية الصحية الأولية الرئيسي في البلدة، حيث انضمت إليهما عمة أحمد. ونقلتهم سيارة إسعاف وتوجهت بهم إلى أقرب مستشفى للإحالة في أربيل- التي تبعد ساعة ونصف تقريبًا. وبعد مرور أربع ساعات على انتشالهما من تحت الأنقاض وصل أحمد ووالدته إلى مستشفى الطوارئ.
نُقل أحمد ووالدته فورًا إلى قسم الطوارئ في المستشفى. وكان أحمد مصابًا بجروح متعددة في ساقيه بسبب القصف. وعانت والدته من إصابات أكثر، وغطت الجروح المتعددة معظم جسدها. ومنذ وصول أحمد إلى المستشفى في 6 تشرين الثاني/نوفمبر، عاني من صدمة نفسية بالغة. فكان يرفض الحديث، ويصرخ باستمرار طلبًا لوالدته. ويقول الأطباء أنه يحتاج أيضا إلى رعاية نفسية عاجلة.
ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، يستقبل مستشفى الطوارئ في أربيل في المتوسط 15 مصابًا يوميًا. وفي بعض الأيام، يصل 20 إلى 30 مصابًا إلى وحدة الطوارئ. وتعاني الأغلبية منهم من طلقات نارية، بينما يعاني البعض الآخر من الإصابات الناجمة عن القصف والألغام. وفي نفس اليوم الذي دخل فيه أحمد ووالدته إلى المستشفى، استقبل المسشتفى طفًلا عمره عامان مصابًا بطلق ناري في صدره، وطفلة عمرها ثلاث سنوات وأختاها الاثنتين كلهن أصبن بسبب القصف، واستقبل المستشفى فتاة تبلغ من العمر ثماني سنوات أصيبت ساقاها بجراح شديدة نتيجة للقصف وأصيبت أيضًا في الكلي والطحال.
واعتبارا من 8 تشرين الثاني/نوفمبر، أصبحت كل الأَسِرَّة وعددها 25 سريرًا في غرفة الطوارئ بالمستشفى مشغولةً، ويعاد تحويل الحالات الجديدة الآن إلى أحد المستشفيين الآخرين للطوارئ في أربيل. ويتحمل المستشفى قدرة تفوق طاقته، وهناك حاجة صحية ماسة إلى المزيد من العاملين والإمدادات الطبية الإضافية. وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية سيحتاج إجمالًا 40 ألف شخص إلى العلاج العاجل في المستشفيات نتيجة للإصابات. وتعمل المنظمة مع السلطات الصحية الوطنية والشركاء لتحديد مسارات إحالة المرضى المصابين، وترميم المستشفيات الرئيسية القريبة من الخطوط الأمامية.
وتحسبا للأعداد المتزايدة من المرضى الذين يصلون إلى أربيل، سلمت منظمة الصحة العالمية، في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، أدوية وإمدادات إلى مستشفى الطوارئ تكفي 300 مريض يحتاجون إلى الرعاية الجراحية. وسُلِّمت أدوية وإمدادات إضافية تكفي 70,000 مستفيد إلى مديرية الصحة في إربيل لتوزيعها على المرافق الصحية عبر المحافظة. ولتعزيز خدمات الإحالة، قدمت منظمة الصحة العالمية سيارتا إسعاف، وتعمل مع المديرية لترتيب الحوافز لموظفي الصحة.
لقد أمكن توفير هذا الدعم من منظمة الصحة العالمية بتمويل من الاتحاد الأوروبي، ومكتب الولايات المتحدة للمساعدة الخارجية في حالات الكوارث، وصندوق التمويل الإنساني للعراق.