تعزيز الصحة طيلة العمر
شملت المجالات الرئيسية التي تركز عليها المنظمة صحة المرأة قبل الحمل وفي أثنائه وبعده، وصحة المواليد والأطفال والمراهقين وكبار السن. ومن خلال تحديد المراحل الحياتية الحاسمة التي تؤثر على الصحة، يمكن إدراك الفرص السانحة لتعزيز الصحة والاستفادة منها على امتداد سلسلة الرعاية. وينطوي هذا النهج، بالإضافة إلى تعزيز صحة الفئات السكانية، على معالجة الـمُحدِّدات الاجتماعية والبيئية للصحة من خلال العمل المتعدد القطاعات والدعوة إلى إدماج الصحة في جميع السياسات.
الصحة الإنجابية وصحة الأمهات
في الوقت الذي تكتسي فيه الصحة الإنجابية وصحة الأمهات أهمية حاسمة في السعي لتحقيق أهداف المليارات الثلاثة التي حددتها المنظمة ورؤية 2023، يأتي إقليم شرق المتوسط في الترتيب الخامس من بين أقاليم المنظمة الستة في مؤشرات الصحة الإنجابية وصحة الأمهات. وفي عام 2018، قدمت المنظمة الدعم التقني في مجال التخطيط الاستراتيجي في بلدان كثيرة. واستكملت أفغانستان ومصر والعراق وليبيا والمغرب وعُمان وباكستان وقطر والسودان وتونس والإمارات العربية المتحدة واليمن خططها الاستراتيجية في مجال الصحة الإنجابية وصحة الأمهات. وأقرَّت اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط، في دورتها الخامسة والستين التي عُقدت في تشرين الأول/أكتوبر 2018، إطار العمل الإقليمي بشأن الرعاية السابقة للحمل للأعوام 2019-2023. وفي الشهر الذي يليه، عُقد في مدينة عمّان الأردنية اجتماع إقليمي بشأن مشاركة البلدان وتعزيز الشراكات في سبيل تحقيق صحة أفضل للأمهات والأطفال. وأتاح هذا الاجتماع فرصة لتعريف مديري البرامج الوطنية بالمبادئ التوجيهية الـمُحدّثة للمنظمة والتوصيات التي أصدرتها بشأن تنظيم الأسرة والرعاية السابقة للحمل، والرعاية السابقة للولادة، والرعاية أثناء الولادة، إلى جانب إعداد خطط عمل قُطرية. وسعياً إلى تلبية الاحتياجات في مجال الصحة الإنجابية وصحة الأمهات، أُعِد إصدار خاص من عجلة معايير التأهل الطبي لاستعمال وسائل منع الحمل، بما يتلاءم مع تقديم الخدمات في الأوضاع الإنسانية.
وبلغ متوسط معدل عمليات الولادة القيصرية في الإقليم 21%، وتراوحت المعدلات في البلدان ما بين واحد من أعلى المعدلات في العالم (52% في مصر) وأدنى المعدلات في العالم (2% في الصومال). ولتقييم ممارسات العمليات القيصرية في الإقليم، قُدِّم الدعم للأنشطة البحثية خلال عام 2018 في مصر وجمهورية إيران الإسلامية ولبنان والمغرب والجمهورية العربية السورية. كما عُقدَ اجتماع تشاوري غير رسمي حول توصيات المنظمة بشأن التدخلات غير السريرية من أجل الحد من العمليات القيصرية غير الضرورية. وفي تشرين الأول/أكتوبر، وعقب اختتام الدورة الخامسة والستين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط، عُقد اجتماع تقني في الخرطوم، بالسودان، حول الزيادة الكبيرة والمفاجئة في العمليات القيصرية في بعض بلدان الإقليم. والعمل جارٍ من أجل الاستفادة من هذا الاجتماع وتحقيق الاستخدام الأمثل للعمليات القيصرية في الإقليم.
صحة الأطفال والمراهقين
بين عامَيْ 1990 و2017، انخفض معدّل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 51% في الإقليم، من 102 وفاة لكل 1000 ولادة حية إلى 50 وفاة لكل 1000 ولادة حية. غير أن الانخفاض الذي شهده معدل وفيات المواليد كان أكثر تباطؤاً، إذ هبط بنسبة 35% منذ عام 1990. وتوفي نحو 458000 مولود في عام 2017، بما يمثل أكثر من 54% من جميع وفيات الأطفال دون سن الخامسة. وفيما يتصل بأهداف التنمية المستدامة، وبنهاية عام 2017، سجلت سبعة بلدان من بين 22 بلداً في الإقليم معدل وفيات للأطفال دون سن الخامسة أعلى من الغاية العالمية المستهدفة لعام 2030 (25 وفاة/1000 ولادة حية)، في حين سجلت ثمانية بلدان معدل وفيات للمواليد أعلى من الغاية العالمية المستهدفة لعام 2030 (12 وفاة/1000 ولادة حية). وكانت الأسباب الرئيسية للوفيات في الدورة الوليدية هي الخداج (21%)، والالتهاب الرئوي (15%)، والمضاعفات المتصلة بالولادة (13%)، والإنتان الوليدي (9%). ولا يزال الالتهاب الرئوي، والإسهال، والإصابات الأسباب الرئيسية للوفاة في صفوف الأطفال دون سن الخامسة. وتوجد أسباب عديدة أساسية وراء استمرار ارتفاع معدلات وفيات الأطفال حديثي الولادة والأطفال في الإقليم، منها الأزمات الإنسانية، ليُسجل الإقليم المعدل الأعلى لوفيات المواليد حديثي الولادة.
ويشكِّل المراهقون نحو خُمس سكان الإقليم (129 مليون نسمة). ويبلغ معدل وفيات المراهقين في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط في الإقليم 115 وفاة لكل 100000 نسمة، وهو ثاني أعلى معدل في العالم. وأهم خمسة أسباب للوفيات في صفوف المراهقين هي العنف الجماعي والتدخلات القانونية، والإصابات الناجمة عن التصادمات على الطرق، والغرق، وعدوى الجهاز التنفسي السفلي، والعنف بين الأفراد. وأهم خمسة أسباب لفقدان سنوات العمر الـمُصحّحة باحتساب مُدد العجز في صفوف المراهقين هي العنف الجماعي والتدخل القانوني، وفقر الدم الناجم عن نقص الحديد، والإصابات الناجمة عن التصادمات على الطرق، واضطرابات الاكتئاب، والاضطرابات السلوكية في مرحلة الطفولة.
وفي عام 2018، وُضعت مسوّدة الإطار التنفيذي الإقليمي لصحة المواليد والأطفال والمراهقين (2018-2023) لدعم البلدان في تنفيذ برنامج العمل العام الثالث عشر والأولويات الإقليمية. وعُقدت حلقة عمل لبناء قدرات مسؤولي التنسيق بالمكاتب القُطرية التابعة للمنظمة على إدارة الخطط والأنشطة المعنية بالصحة الإنجابية، وصحة الأمهات، والمواليد، والأطفال، والمراهقين، وتنسيقها. وعلاوة على ذلك، بُنيت القدرات القُطرية في مجالات الرعاية الأساسية للمواليد، والتدبير العلاجي المتكامل لأمراض الطفولة، والعناية بنماء الطفل، والتخطيط الاستراتيجي في مجال صحة المراهقين. ومن أجل تعزيز الخدمات الصحية الـمُقدَّمة للأطفال والمراهقين، وإدماجها في الخطط الوطنية للتأهب والاستجابة الإنسانية، بدأ تطبيق الدليل الميداني التنفيذي الإقليمي لصحة الأطفال والمراهقين في الأوضاع الإنسانية في السودان؛ وسوف يتبع ذلك تطبيقه في ليبيا والجمهورية العربية السورية.
معدل وفيات حديثي الولادة في إقليم شرق المتوسط أعلى من أي إقليم من أقاليم المنظمة
الشيخوخة والصحة
يتعاون المكتب الإقليمي مع المقر الرئيسي للمنظمة من أجل إعداد برنامج للابتكار والتغيير، وذلك استجابة للاحتياجات الصحية والاجتماعية للفئات السكانية من الـمُسنّين. وسيُمكِّن ذلك المنظمة من التعاون مع الشركاء والاستفادة من أفضل الخبرات المتاحة لإيجاد الحلول المبتكرة الرامية إلى تحسين صحة الـمُسنّين. وسوف تُطرح مسوّدة البرنامج للتشاور بشأنها مع الدول الأعضاء في منتصف عام 2019، ومن المقرر أن تكون على جدول أعمال الدورة الثالثة والسبعين لجمعية الصحة العالمية التي ستُعقد في 2020.
وتوضح المبادئ التوجيهية للرعاية المتكاملة للمسنين التدخلات المسندة بالبيّنات الرامية إلى معالجة حالات القصور في القدرات الأساسية للمسنين في المجتمع. وفي حزيران/يونيو 2018، عُقد اجتماع تشاوري في بيروت، بلبنان، حول تعزيز نهج الرعاية المتكاملة للمسنين وتعزيز تنفيذ خطة العمل العالمية بشأن الاستجابة الصحية العمومية للخرف 2017-2025 في الإقليم. وعرض الاجتماع المفاهيم المرتبطة بالرعاية المتكاملة للمسنين، ونهوجها ومعاييرها، كما أبرز الخطوات الواجب اتخاذها لدعم تطبيق هذه الرعاية في الإقليم.
وفي أيار/مايو 2018، عُرضت على الدورة الحادية والسبعين لجمعية الصحة العالمية نتائج المسح العالمي للمنظمة حول التقدم المحرز في تنفيذ الاستراتيجية وخطة العمل العالميتين بشأن الشيخوخة والصحة. ولتقييم التقدُّم الـمُحرَز، جمعت المنظمة بيانات بشأن عشرة مؤشرات من البلدان والأقاليم. واستُكملت الاستجابات الواردة من إقليم شرق المتوسط بمعلومات سبق جمعها في مسح إقليمي حول الشيخوخة تم الانتهاء منه في أواخر عام 2017. وسوف يُستفاد من هذه المعلومات في تعزيز البرامج القُطرية. ويُعَدُّ التعاون الوثيق مع الجهات الرئيسية صاحبة المصلحة، بغرض تعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى تلبية الاحتياجات الصحية للمسنين في الإقليم، شرطاً أساسياً لتحقيق الصحة للجميع وبالجميع، وضمان ألا يتخلف أحد عن الركب.
العنف والإصابات والإعاقات، بما في ذلك الوقاية من العمى والصمم
ينوء إقليم شرق المتوسط بثالث أعلى معدل في العالم كله للوفيات الناجمة عن التصادمات على الطرق (18 وفاة لكل 100 ألف نسمة). وتحدث معظم الوفيات في البلدان المتوسطة الدخل، في حين يبلغ المعدل الكلي للوفيات في البلدان المرتفعة الدخل ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي المحدد للبلدان المماثلة. والذكور وصغار السن هم الفئات الأشد تضرراً من التصادمات. وفي أيلول/سبتمبر 2018، تأسس المنتدى الإقليمي لشرق المتوسط لـمُشرّعي سياسات وقوانين السلامة على الطرق بوصفه الفرع الإقليمي من الشبكة العالمية لـمُشرّعي سياسات وقوانين السلامة على الطرق. ووُضعت مسودة الإطار الاستراتيجي للسلامة على الطرق من أجل تسريع العمل على تحقيق الغايات العالمية للسلامة على الطرق في إقليم شرق المتوسط بالتشاور مع الدول الأعضاء، وذلك حتى تسترشد بها البلدان في تصميم وتنفيذ السياسات وخطط العمل المحددة السياق والشاملة المتعلقة بالسلامة على الطرق، استناداً إلى نهج «النظام الآمن». كما قدمت المنظمة الدعم إلى البلدان من أجل تقوية نُظُم الرعاية الطارئة لديها، وأكمل الأردن والسودان تقييماتهما للوقوف على الإجراءات اللازمة ذات الأولوية.
ويُسجِّل الإقليم ثاني أعلى معدل لانتشار العنف ضد المرأة (37%)، والذي يزداد تفاقماً في حالات الطوارئ. وخلال عام 2018، قُدِّم الدعم إلى البلدان بغرض تقوية استجابة نُظُمها الصحية للعنف القائم على نوع الجنس في كلٍّ من السياقات التنموية وحالات الطوارئ. كما قُدِّم الدعم لإعداد خطط العمل في مصر والأردن والمغرب وباكستان والسودان وتونس والإمارات العربية المتحدة، في حين تلقّت أفغانستان والعراق والجمهورية العربية السورية الدعم بموجب المبادرة العالمية للمنظمة لإدماج العنف القائم على نوع الجنس في الاستجابة الصحية أثناء حالات الطوارئ. وبالإضافة إلى ذلك، يقوم 19 بلداً بتنفيذ المسح الخاص بتقرير الحالة العالمي بشأن الوقاية من العنف ضد الأطفال. ونُظِّمَ اجتماع جانبي بشأن العنف القائم على نوع الجنس في حالات الطوارئ أثناء انعقاد الدورة الثانية والستين للجنة وضع المرأة في آذار/مارس 2018 في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
واستناداً إلى تقديرات المنظمة التي تفيد بأن 15% من السكان يعيشون بشكل من أشكال الإعاقة، يعيش بإقليم شرق المتوسط نحو 100 مليون شخص يعانون من الإعاقة. وتتراوح معدلات انتشار الإعاقة في بلدان الإقليم بحسب التقارير بين 0.4% و4.9%. وهناك ما يقرب من 4.9 ملايين شخص في الإقليم مصابون بالعمى، و18.6 مليون شخص يعانون من ضعف الرؤية، و23.5 مليون شخص معاقين بصرياً، في حين يعاني 10.7 ملايين شخص ممن تبلغ أعمارهم 15 عاماً فأكبر من فقدان السمع الـمُسبِّب للإعاقة. ويمثل إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نسبة 3% من جميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً والمصابين بفقدان السمع الـمُسبِّب للإعاقة.
وعملاً بقرار اللجنة الإقليمية ش م/ل إ63/ق-3 بشأن تعزيز فرص الوصول إلى التكنولوجيات المساعدة، وُضعت مسوّدة إطار العمل الاستراتيجي بشأن تعزيز فرص الوصول إلى التكنولوجيات المساعدة في الإقليم، وجرى استعراضها خلال اجتماع تشاوري عُقد في باكستان في أيار/مايو 2018. وعلى الصعيد العالمي، وبفضل الجهود القيادية التي تبذلها حكومة باكستان، أقرت جمعية الصحة العالمية الحادية والسبعون القرار ج ص ع8.71 بشأن تحسين إتاحة التكنولوجيات المساعدة. ويعزز هذا القرار التزام الدول الأعضاء ومنظمة الصحة العالمية والشركاء بالعمل معاً لتحسين فرص حصول كل إنسان، في أي مكان، على التكنولوجيات المساعدة.
وفي عام 2018، نُظمت مشاورة إقليمية بشأن مسوّدة التقرير العالمي حول البصر، واستُكملت تقارير عن تقييم رعاية العيون في العراق وليبيا والمغرب والمملكة العربية السعودية. وفي تموز/يوليو، شارك الإقليم في الاجتماع الثالث للجهات صاحبة المصلحة المعني ببرنامج المنظمة حول الوقاية من الصمم وفقدان السمع، وكذلك في المشاورة الرامية إلى إعداد التقرير العالمي حول السمع. وقُدم الدعم إلى جمهورية إيران الإسلامية لاستكمال تقريرها الخاص بتقييم رعاية الأذن.
ويواجه الإقليم تحديات عديدة فيما يتعلق بالتصدِّي للعنف والإصابات والإعاقات، بما في ذلك عدم كفاية الموارد المالية والبشرية على المستويَيْن القُطري والإقليمي، وضعف تنفيذ السياسات والأُطر التشريعية وتقييمها، وغياب نهج النظام الآمن للسلامة على الطرق، ويقترن ذلك بغياب التنسيق الملائم بين القطاعات المتعددة، وضعف وتجزُّؤ نُظُم البيانات، وشيوع انخفاض مستوى الإبلاغ، ووجود ثغرات جسيمة في الرعاية الطارئة ورعاية الإصابات الشديدة وخدمات التأهيل.
ويجري في عام 2019 استعراض البرنامج الإقليمي للعنف والإصابات والإعاقات، استجابةً لبرنامج العمل العام الثالث عشر ورؤية 2023. وإلى جانب ذلك، سوف يُختبر إطاري العمل الإقليميين بشأن السلامة على الطرق والتكنولوجيات المساعدة في عدد من البلدان، كما سيجري توسيع نطاق الجهود الرامية إلى تعزيز دور النظام الصحي في التصدي للعنف القائم على نوع الجنس والعنف ضد الأطفال، وستوضع خرائط الطريق بقصد تقوية نُظُم الرعاية الطارئة استناداً إلى التقييمات القُطرية.
التثقيف الصحي وتعزيز الصحة
في إطار مهمته الرامية إلى الحفاظ على سلامة العالم، وتحسين الصحة، وخدمة الضعفاء، يتخذ برنامج العمل العام الثالث عشر من تعزيز الصحة استراتيجية أساسية لتلبية احتياجات الدول الأعضاء بالمنظمة. وبالرغم من ذلك، يحتاج الإقليم إلى اتباع نهج استراتيجي لتعزيز الصحة في إطار السياسات والتدخلات الصحية الوطنية، كما يعاني من ضعف القدرة على تخطيط التدخلات المعنية بتعزيز الصحة وتنفيذها وتقييمها على المستوى الوطني.
ولمعالجة هذا الوضع، صدر تكليف بإجراء استعراض مُفصّل ومنهجي لتقييم المؤلفات المتاحة وتحليل نمط تدخلات التثقيف الصحي وتعزيز الصحة في الإقليم وبيان فعاليتها. وأظهر الاستعراض أن غالبية تلك التدخلات هي بحوث أولية تُستخدم في بناء قواعد البيّنات.
وخلال عام 2018، استُهِلت دورة لإعداد القادة بالشراكة مع كلية موظفي منظومة الأمم المتحدة لوزارات الصحة والمكاتب القُطرية للمنظمة، وذلك لزيادة فهم الحاجة إلى تعزيز الصحة على مستوى السياسات، لا سيّما في إطار نهوج الصحة والعافية التي يدعو إليها برنامج العمل العام الثالث عشر ورؤية 2023. كما استُهلت دورة أخرى بالمشاركة مع المركز المتعاون مع المنظمة في مجال التثقيف والتدريب الصحي العام في كلية إمبريال كوليدج في لندن، من أجل بناء قدرات العاملين والمديرين الصحيين في مجال تعزيز الصحة، بالإضافة إلى تكييف الأدوات التي تكفل ألا يتخلف أحد عن الركب وفقاً للسياق الإقليمي. ومن أجل توسيع نطاق الشراكات الرامية إلى بناء القدرات في مجال تعزيز الصحة على المستوى القُطري، عُيِّنت مؤسسات أكاديمية وغير حكومية عديدة للتعاون مع المنظمة. وتتلقى المؤسساتُ المختارةُ المساعدةَ لبناء قدراتها حتى يتسنى الاعتراف بها لاحقاً مراكز متعاونة مع المنظمة في مجال تعزيز الصحة. وبدأت عملية لإقرار أهمية الدور الذي يقوم به الشباب باعتبارهم عناصر للتغيير بقصد وضع نهج استراتيجي لمشاركة الشباب في المجال الصحي. وعُقدَ لقاء إقليمي مفتوح حول دور الشباب في كانون الأول/ديسمبر 2018، بمشاركة أعداد كبيرة من الشباب والمنظمات الشبابية وموظفي المنظمة.
ويجري تعزيز النشاط البدني في الإقليم من أجل الحد من المخاطر الصحية وتعزيز نوعية الحياة والعافية. وشهد عام 2018 اتخاذ إجراءين أساسيين تمثّلا في وضع خطة عمل إقليمية بشأن تعزيز النشاط البدني وإطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية. وقُدِّم الدعم المالي والتقني إلى العديد من البلدان في الإقليم لتعزيز النشاط البدني، منها مصر وجمهورية إيران الإسلامية والعراق والأردن ولبنان والمغرب وباكستان وتونس. وسيجري في عام 2019 تنفيذ حملة إقليمية على مواقع التواصل الاجتماعي حول النشاط البدني، وسوف يكتمل وضع خطة العمل الإقليمية بشأن تعزيز النشاط البدني.
وتشكِّل صحة الأسنان والفم عنصرين أساسيين من عناصر الصحة والعافية العامة. غير أن هذا المجال كثيراً ما يعاني الإهمال من بين الأولويات الصحية الأخرى المحددة على المستوى القُطري. وشرعت المنظمة في إجراء مسح إقليمي حول السياسات والنُّظُم والممارسات المتعلقة بصحة الفم في عام 2018. ولضمان المشاركة الفعّالة للعاملين في مجال صحة المجتمع في جهود تعزيز صحة الفم، استُحدِثت أدوات لبناء القدرات تمثلت في مجموعة من تدخلات صحة الفم لمواجهة احتياجات السكان النازحين في الإقليم.
المحددات الاجتماعية للصحة، ونوع الجنس، وإدماج الصحة في جميع السياسات
المحدِّدات الاجتماعية للصحة هي الظروف التي يولد فيها الأفراد، ويعيشون، وينمون، ويتقدمون في العمر، وهي المجموعة الأوسع من القوى والنُّظُم التي ترسم ملامح الحياة اليومية. ومع اعتماد أهداف التنمية المستدامة، باتت تلك المحددات تحظى باهتمام متجدد. غير أن التقدُّم الـمُحرَز في إقليم شرق المتوسط نحو التصدي للمحددات الاجتماعية للصحة ظلَّ محدوداً. وتدعو رؤية 2023 إلى المبادرة إلى العمل في القطاعات الأخرى غير القطاع الصحي من أجل التصدي للمحددات الاجتماعية للصحة باعتبارها إحدى الأولويات.
وفي عام 2018، أُخذت خطوات عديدة تستهدف تعزيز السياسات والإجراءات المتعلقة بالمحددات الاجتماعية للصحة. وصدر تكليف بإجراء استعراض لتوصيف البحوث والتدخلات حول المحددات الاجتماعية للصحة، وتقديم توصيات بشأن الإجراءات اللازمة. وأقرَّ الاستعراض بنقص في المؤلفات المنشورة حول المحددات الاجتماعية للصحة في الإقليم، غير أنه حدّد التعليم، والدخل، والتوظيف، وتوافر الغذاء، والنزاعات، ووضع المرأة بوصفها من المجالات الأساسية ذات الأولوية التي ينبغي أن يوليها القائمون على رسم السياسات اهتمامهم.
وكشف التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين الصادر في عام 2017 عن وجود فجوات كبيرة فيما يتعلق بالمشاركة الاقتصادية، والتعليم، والتمكين الصحي والاجتماعي والسياسي للمرأة في الإقليم. ولا يزال الاعتراف بقيمة تعميم منظور المساواة بين الجنسين في مجال الصحة العامة غير كافٍ، ويتوازى ذلك مع عدم كفاية القدرة الوطنية وضعف تخصيص الموارد البشرية والتمويل في هذا المجال. بل ويزداد هذا الأمر تعقيداً نتيجة الوضع الأمني وعدم الاستقرار في كثير من بلدان الإقليم. وعلى الرغم من ذلك، تتواصل الجهود من أجل تقوية استجابة النُّظُم الصحية للعنف القائم على نوع الجنس في كل من السياقات التنموية وحالات الطوارئ. وتشارك المنظمة بفعالية في المبادرات المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة المعنية بهذا الأمر، بما في ذلك الفريق المواضيعي المعني بالنوع الاجتماعي، بقصد تعزيز المبادرات المشتركة وتعميم منظور المساواة بين الجنسين على المستوى الإقليمي. وفي عام 2018، قُدِّم الدعم التقني في مجال المساواة بين الجنسين وصون حقوقهما إلى لبنان، كما قُدِّم في إطار الاستجابة الطارئة إلى سوريا برمتها.
ونظراً إلى الوضع السياسي والأمني المعقد الذي يسود الإقليم، والدور المحوري للسلام باعتباره أحد محددات الصحة والتنمية، فقد بدأ العمل على تحديد الفرص المواتية لأن تكون الصحة عنصراً معززاً للسلام في الإقليم. كما بدأ العمل على إعداد إطار إقليمي بشأن المشاركة المجتمعية في الصحة.
تعزيز الصحة في جميع السياسات في عام 2018
يهدف نهج "إدماج الصحة في جميع السياسات" إلى ضمان مراعاة المسائل الصحية في جميع القرارات الحكومية، وليس في سياسات وزارة الصحة فحسب.
ولا يزال هذا النهج هو النهج الرئيسي المتبع من أجل التصدي للمحددات المتعددة القطاعات للصحة في الإقليم، وتجري حالياً صياغة إطار وخطة عمل إقليميين بشأن إدماج الصحة في جميع السياسات.
ويجري بالفعل استخدام هذا النهج بنجاح في بعض البلدان، مثل السودان، وشرعت بلدان أخرى، منها باكستان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في الأخذ به.
وقد ازداد هذا الزخم في تشرين الأول/أكتوبر 2018 حينما اعتمدت اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط القرار ش م/ل إ/65/ق-4 الذي حثّت فيه جميع الدول الأعضاء في الإقليم على إضفاء الطابع المؤسسي على نهج إدماج الصحة في جميع السياسات.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، شرعت المنظمة في العمل على إعداد مجموعة إقليمية من السياسات والتدخلات المشتركة بين القطاعات استناداً إلى البيّنات الواردة في الإصدار الثالث من أولويات مكافحة الأمراض، وعُقدت في الشهر الذي يليه مشاورة للخبراء بشأن النهج الذي يشمل الحكومة بأسرها للتصدي لتحديات الصحة العامة ذات الأولوية التي يواجهها الإقليم.
الصحة والبيئة
تساهم عوامل الخطر البيئية، مثل تلوث الهواء والماء والتربة والتعرّض للمواد الكيميائية وتغيّر المناخ والإشعاع، في حدوث أكثر من 100 مرض وإصابة. وتوضح تقديرات حديثة صدرت عن المنظمة حول سلامة الأغذية، والتعرض للمواد الكيميائية، وتلوث الهواء، والمخاطر المهنية أن التدهور البيئي الممكن تجنُّبه قد تصاعدت حدّته، مسبباً خسائر في الأرواح تجاوزت 850000 وفاة مبكرة سنوياً، بحسب تقديرات عام 2016 (1 من 5 من جميع أنواع الوفيات في الإقليم). وتُسهم عوامل الخطر البيئية بنسبة تزيد على 23% من العبء الكلي للمرض، وهي بذلك تمثل عبئاً صحياً بيئياً ثلاثياً ينجم عن تأثير الأمراض غير السارية والأمراض السارية وحالات الطوارئ. بل ويزداد العبء في صفوف الأطفال: إذ تشير التقديرات إلى أن 26% من الوفيات في مرحلة الطفولة و25% من العبء الكلي للمرض في صفوف الأطفال دون سن الخامسة يمكن تجنبهما عن طريق الحد من عوامل الخطر البيئية، مثل تلوث الهواء، والمياه غير المأمونة، والمواد الكيميائية، ونقص خدمات الإصحاح، وعدم كفاية النظافة الشخصية. وتلوث الهواء وحده مسؤول عن حدوث نحو 100 وفاة مبكرة في صفوف الأطفال لكل 100000 نسمة. وفي ضوء هذه المعلومات الأساسية، أُجريَ استعراض للمركز الإقليمي لصحة البيئة التابع للمنظمة في عام 2018 بغية تعزيز قدرة المنظمة على التصدي لعوامل الخطر البيئية في الإقليم.
وأقرَّت الدورة الخامسة والستون للّجنة الإقليمية في قرارها ش م/ل إ65/ق-2 الإطار الإقليمي للعمل بشأن الصحة والبيئة (2019-2023)، بما يعزز الصحة والعافية من خلال التصدي لمحددات الصحة والحد من عوامل الخطر البيئية باتباع نهوج متعددة القطاعات ونهج إدماج الصحة في جميع السياسات. وتماشياً مع إطار العمل الإقليمي بشأن تغيُّر المناخ والصحة (2017-2021)، يعكف 11 بلداً على تحديث مرتسماته القُطرية الخاصة بالصحة والمناخ.
كما أن تطبيق خطة العمل الإقليمية الرامية إلى تنفيذ خريطة طريق لتعزيز الاستجابة العالمية لآثار تلوث الهواء الضارة بالصحة (2017-2022) قد أدّى إلى البدء في تحسين رصد نوعية الهواء والتبليغ بها؛ حيث ارتفع بنسبة 25% عددُ مدن الإقليم الـمُبلغة عن بيانات رصد نوعية الهواء المحيط لديها من خلال قاعدة البيانات العالمية للمنظمة بشأن تلوث الهواء المحيط في المناطق الحضرية. ونتيجة لذلك، نُقِّحت تقديرات عبء المرض الناجم عن تلوث الهواء في عام 2018 في جميع بلدان الإقليم.
وخلال عام 2018، أُجري تدريب إقليمي حول رصد الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة (ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة) بالإضافة إلى غاياته 6.1، و6.2، و6.3 بشأن المياه، والإصحاح، والنظافة الشخصية. وعلاوة على ذلك، قدَّمت المنظمة الدعم إلى المنتدى العربي للتنمية المستدامة 2018 لإعداد تقرير إقليمي، واستُكْملت تقارير الحالة حول المياه والإصحاح، بما في ذلك الرصد الشامل للغايات المنضوية في الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة بشأن الإدارة الآمنة لمياه الشرب وخدمات الإصحاح في بلديْن اثنين، بالإضافة إلى إجراء تحليل وتقييم عالميَيْن حول الإصحاح والمياه في 11 بلداً. وأُرسلت بعثات للصحة البيئية وتقييم سلامة الأغذية والدعم التقني إلى البحرين ومصر والعراق ولبنان وليبيا وعمان وباكستان والمملكة العربية السعودية، وجرت متابعة تنفيذ 16 خطة عمل وطنية بشأن سلامة الأغذية.
المخاطر البيئية التي يمكن تجنبها تتسبب حالياً في وفاة أكثر من 850 ألف شخص سنوياً في الإقليم
وفيما يخص السلامة الكيميائية، قُدِّم الدعم إلى الشبكة العالمية للمواد الكيميائية والصحة لمعالجة الجوانب الصحية للنهج الاستراتيجي للإطار الدولي المعني بإدارة المواد الكيميائية، والحملة الإقليمية للتخلص التدريجي من الرصاص في الدهانات. وفي إطار المبادرة الشاملة لبرامج عديدة حول مقاومة مضادات الميكروبات، أُدرجت خمسة بلدان (هي مصر وجمهورية إيران الإسلامية والأردن والمغرب وباكستان) في المشروع الثلاثي، وذلك لتنفيذ نظام ترصُّد متكامل متعدد القطاعات في مجال مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية في البشر، والبيئة، وسلسلة الغذاء. وقُدِّم دعم متخصص للبلدان التي شهدت إنذارات بوقوع أحداث من خلال نظام الشبكة الدولية للسلطات المعنية بسلامة الأغذية، كما تولت المنظمة التحقيق في حدث نفوق الأسماك في العراق، وحلّلته، وقدمت النتائج والاستنتاجات حول الأسباب الجوهرية التي أدت لهذا الحدث في التوقيت المناسب.