منظمة الصحة العالمية : الوقاية من السكري ممكنة
كلمة الدكتور علاء الدين العلوان
قد يزداد عدد الذين يعانون من السكري في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أكثر من الضعف بحلول عام 2040، ولكن الوقاية من السكري ممكنة.
وجدير بالذكر أن المصابين بالسكري يفقدون القدرة على تنظيم السكر في الدم تنظيمًا صحيحًا، مما يؤدي إلى تلف الأعصاب، والنوبات القلبية، والسكتة، والعمى، والفشل الكلوي، وبتر الأطراف السفلية.
وعلى الصعيد العالمي، يعاني فرد من كل 10 أفراد بالغين من السكري. ويرتفع هذا العدد في بعض بلدان الشرق الأوسط ليصل إلى شخص من بين كل خمسة أشخاص بالغين، وهذا العدد آخذٌ في الارتفاع. ويتوقع أن يرتفع عدد المصابين بالسكري في إقليم الشرق الأوسط من حوالي 33 مليون مصاب حاليًا إلى حوالي 60 مليون مصاب بحلول عام 2030. ويمكن أن تصل تكلفة معالجة المرض إلى 2% من إجمالي الناتج المحلي للإقليم.
وتعتبر زيادة النشاط البدني للحفاظ على الوزن الصحي خطوةً من أهم خطوات الوقاية من السكري، كما توصي بهذا منظمة الصحة العالمية بشدة.
وتضيف منظمة الصحة العالمية أن إقليم الشرق الأوسط هو الأقل نشاطًا بدنيًا في العالم. فوفقًا لدراسات أجريت مؤخرًا، يمارس النشاط البدني في بلدان مجلس التعاون الخليجي أقل من نصف الرجال وحوالي ربع النساء فقط.
وهناك دليل واضح على إمكانية الوقاية من السكري بناء على الدراسات الحديثة.
ويعتمد خفض عدد الذين يصابون بالسكري على ثلاثة أشياء: الانخراط في النشاط البدني بانتظام، والوصول إلى وزن جيد والمحافظة عليه، وتناول الغذاء الصحي.
وتُعَدُّ ممارسة الرياضة حتى لو اقتصرت على المشي بخطى سريعة ممارسة كافية. وينبغي إشراك الأطفال في نشاط قوي لمدة 60 دقيقة على الأقل في الأسبوع.
وتتمثل إحدى التحديات الرئيسية أمام التصدي للسكري في عدم وجود أية أعراض في المراحل المبكرة من المرض. وفي العديد من بلدان الإقليم، لا يعرف سوى نصف عدد المصابين بالسكري أنهم مرضى بالسكري إلا عند ضعف قدرتهم البصرية، أو إصابتهم بأزمة قلبية، أو السكتة، أو أثناء زيارتهم لأحد المرافق الصحية لأسباب أخرى.
ونحن نوصي الحكومات بتنفيذ التدخلات الفعّالة من حيث التكلفة للحد من استهلاك الملح والسكر والدهون المشبعة، واستبعاد الدهون المتحوّلة من الأطعمة وهي دهون تُنْتَجُ صناعيًا. وهذه التوصية تمنع أيضًا إنتاج الأغذية التي تسهم في النظم الغذائية غير الصحية وتحبط تسويقها. وتنصبّ غالبية إعلانات الأغذية على الدعاية للمنتجات المحمّلة بالدهون أو السكر أو الملح والكثير منها تستهدف الأطفال. ويجب أن نصرّ على وقف هذه الممارسات الضارة. ويمكن لتوصية منظمة الصحة العالمية بشأن تسويق الأغذية والمشروبات غير الكحولية للأطفال أن يسترشد بها واضعو السياسات للتعرّف على ما هو مقبول.
ويمكن للمصابين بالمرض الوقاية من مضاعفاته بالتشخيص المبكر، والتحكم الأمثل لمستوى السكر في الدم، والحد من عوامل الخطر الأخرى.
نحن بحاجة أيضًا إلى أن تعزز النظم الصحية الوطنية جهود تشخيص السكري قبل أن يلحق خسائره الفادحة بالمرضى، الخسائر التي كان بالإمكان تفاديها. فالاختبارات غير مكلفة ويمكن أن توفر كمًا هائلاً من الأموال، ومن تكاليف الرعاية الصحية، ومن الأرواح. وينبغي إجراء اختبار السكري للمعرضين للإصابة بالسكري كالمصابين بفرط ضغط الدم، أو ارتفاع الدهون، أو زيادة الوزن، أو المدخنين وذلك عندما يذهبون إلى المرافق الصحية.
ونظرًا لأن قطاعات كبيرة من السكان لا تحصل على العلاج الأمثل للسكري، ومن ضمنها الأدوية المنقذة للحياة مثل الأنسولين، فمن الضروري على الحكومات أن تعزز الرعاية الصحية للمصابين بالسكري.
وتُعَدُّ سلطنة عمان مثالاً للبلد الذي أسس هذا النهج في عام 1997، عندما دمج معالجة فرط ضغط الدم والسكري في نظام الرعاية الصحية الأولية عبر البلاد. واليوم، تتبع بعض البلدان الأخرى في الشرق الأوسط هذا الاتجاه.
وتنظر الحكومات في جميع أنحاء العالم بقلق إلى الآثار المترتبة على السكري.
ففي أيلول/سبتمبر، اتخذ قادة العالم خطوة هامة أخرى للمضي قدمًا في هذا الصدد في الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما حددوا هدفًا عالميًا جديدًا متمثلاً في: خفض ثلث عدد الوفيات المنسوبة إلى الأمراض غير السارية، ومن بينها السكري، بحلول عام 2030، واعتباره جزءاً من أهداف التنمية المستدامة.
ونظرًا لأهمية التحرك السريع نحو التصدي للمرض في إقليم الشرق الأوسط والأقاليم الأخرى من العالم، فإن منظمة الصحة العالمية تركّز على السكري كموضوع ليوم الصحة العالمي في 7 نيسان/أبريل 2016.
وإذا كُتِبَ النجاح لجهودنا الرامية إلى تشجيع النشاط البدني، وتناول الطعام الصحي، والتشخيص المبكر بجانب الرعاية الصحية الفعّالة في كل بلد في هذا الإقليم، فسيكون بوسعنا حماية الملايين من الناس في البلدان النامية من الإصابة بالسكري ومساعدة العديد من المصابين به من العيش حياة طويلة وصحية ونشيطة.
نشرت في 18 نوفمبر 2016 في طبعة الشرق الأوسط لمجلة نيوزويك