الوضع في عام 2012
الأمراض غير السارية هي أكبر مسببات الوفاة على مستوى العالم، بما في ذلك إقليم شرق المتوسط، حيث كانت كل أنواع الأمراض غير السارية مسؤولة في عام 2012 عن 57% من الوفيات - أي أكثر من 2.2 مليون شخص - في كافة ربوع الإقليم. وفي بلدان المجموعة الأولى وفي العديد من بلدان المجموعة الثانية، ترجع 75 % من حالات الوفيات إلى هذه الأمراض. ووفقًا للتقديرات، فإن ما يصل إلى نصف هذه الوفيات هي حالات وفاة مبكرة في بعض البلدان. ويمكن تجنب معظم الوفيات والإعاقات من خلال تدخلات مسنَدَة بالبيِّنات تعالج المجموعات الأربعة الأساسية من الأمراض - ألا وهي: أمراض القلب والمرض الرئوي المزمن والسرطان والسكري - وعوامل الخطر المتصلة بها مثل: تعاطي التبغ، والنظام الغذائي غير الصحي، والخمول البدني، وتعاطي الكحول على نحو ضار.
وإدراكًا منهم للآثار المدمرة للأمراض غير السارية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وعلى مستوى الصحة العمومية، اجتمع قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011 واتفقوا على خارطة طريق تتضمن التزامات حقيقية للتصدي لهذا العبء العالمي. وبالتالي، أصبحت الأولوية الأساسية لمنظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء في عام 2012 وما بعده، متمثلة في التركيز على تنفيذ خارطة الطريق المشار إليها. وتتمثَّل الأولويات في الدعوة إلى مستويات أرفع من الالتزام السياسي والمشاركة المتعدِّدة القطاعات، وتقديم الدعم التقني لوضع خطط متعدِّدة القطاعات وتنفيذ الإجراءات التي ورَدَت في توصيات الإعلان، ووضع أُطُر للرَصْد والمراقبة، بما يشمَل مجموعة من الأهداف والمؤشِّرات الوطنية.
التقدم الـمُحرز في الفترة 2012 - 2016
اعتمدت اللجنة الإقليمية، في تشرين الأول/أكتوبر 2012، إطار عمل لتنفيذ الإعلان السياسي للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها. ويضم إطار العمل مجموعة من الإجراءات الاستراتيجية التي ينبغي على البلدان تنفيذها في أربعة مجالات عمل، وهي: الحوكمة والوقاية من عوامل الخطر وتقليلها والرعاية الصحية والترصد. ويعتبر إطار العمل الإقليمي الذي أقرته اللجنة الإقليمية مَعْلَمًا هامًا حيث يُلزم البلدان بإجراءات مسنَدَة بالبيِّنات ومحددة للغاية لقياس التقدَّم في المجالات الأربعة. وجميع الإجراءات المتضمنة في إطار العمل ذات أثر كبير ومسنَدَة بالبيِّنات وعالية المردود وميسورة التكلفة (أفضل الصفقات) ويمكن لأي من البلدان تنفيذها بصرف النظر عن مستوى دخلها. وتتضمن مؤشرات التقدّم ما يلي:
-
إعداد وتنفيذ خطة عمل/استراتيجية وطنية عملية متعددة القطاعات؛
- تحديد أهداف ومؤشرات وطنية ذات إطار زمني محدد، استنادًا إلى إرشادات منظمة الصحة العالمية؛
- تنفيذ التدابير الأربعة للحد من الطلب التي نصت عليها اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، على أعلى مستوى من الإنجاز: الضرائب، وسياسات الأماكن الخالية من دخان التبغ، والتحذيرات الصحية، وحظر الإعلان؛
- تنفيذ أربعة تدابير للحد من الأنظمة الغذائية غير الصحية: سياسات الحد من استخدام الملح بين السكان، وسياسات الحد من استخدام الدهون المشبعة والقضاء على الدهون المهدرجة المنتَجَة صناعياً، والمبادئ التوجيهية بشأن التسويق للأطفال؛ وتوصيات المدونة الدولية بشأن تسويق بدائل لبن الأم؛
- تنفيذ برنامج وطني للتوعية العامة بشأن النظام الغذائي و/أو النشاط البدني؛
- تنفيذ، حسب الاقتضاء ووفقًا للظروف الوطنية، التدابير الثلاثة المسنَدَة بالبيِّنات للحد من تعاطي الكحول على نحو ضار: إعداد وتفعيل تشريعات، ووقف الإعلان عن التبغ والترويج له، والسياسات التسعيرية؛
- تعزيز رصد الأمراض غير السارية وعوامل الخطر ذات الصلة بها من خلال تنفيذ إطار عمل منظمة الصحة العالمية لترصد الأمراض غير السارية، بما في ذلك وجود نظام يؤدي الغرض منه للحصول بصفة دورية على بيانات دقيقة حول الوفيات الناجمة عن أسباب محددة؛
- دمج الإدارة والرعاية الصحية للأشخاص الذين يعانون من أمراض غير سارية ضمن الرعاية الصحية الأولية وتوفير العلاج بالأدوية (بما في ذلك السيطرة على نسبة السكر في الدم) وتقديم استشارات للأشخاص الذين يرتفع احتمال تعرضهم لخطر النوبات القلبية والسكتات.
وأدخل الإقليم لوحة لمتابعة التدخلات القانونية ذات الأولوية اللازمة للتصدي للأمراض غير السارية، ومنها زيادة الضرائب على التبغ، وحظر الإعلان عن التبغ والترويج له، والحد من الدهون المدرجة المنتجة صناعيًا من الإمدادات الغذائية، وخفض الملح في الأغذية المصنَّعة، وحماية سياسات الصحة العمومية من تدخل المصالح الخاصة. ويصدر الإقليم سنويًا موجزات مختصرة عن استجابة كل بلد على المستوى الوطني للأمراض غير السارية بناءً على مؤشرات قياس التقدَّم الواردة في إطار العمل الإقليمي.
تحتاج أمراض القلب وأمراض الرئة والسرطان والسكري إلى خدمات الرعاية التي تُقدم للحالات المزمنة للحصول على نتائج صحية إيجابية والحفاظ على صحة السكان. وهناك مجالان بالغا الأهمية، هما: دمج الرعاية الصحية اللازمة للاعتلالات الشائعة ضمن الرعاية الأولية واستمرار العلاج أثناء أوقات الأزمات وحالات الطوارئ. وقد تم وضع إطار عمل إقليمي، متضمناً خيارات متعلقة بالسياسات، فيما يتعلق بالتدبير العلاجي للأمراض غير السارية ودمجها ضمن الرعاية الأولية لمجموعات البلدان الثلاثة لدراسته. ويعدُّ الحفاظ على الرعاية الصحية أثناء حالات الطوارئ الوطنية عملية صعبة، خاصة بالنسبة للنازحين وفي المناطق التي طال فيها مرافق الرعاية الصحية الضرر والدمار، وهرب منها العاملون في مجال الرعاية الصحية. وفي هذا الصدد، يجري تحضير مجموعات الأدوات الصحية اللازمة للطوارئ، وتتضمن الأدوية والتكنولوجيات الأساسية الضرورية للحفاظ على استمرارية علاج عشرة آلاف شخص لمدة ثلاثة أشهر في المناطق التي تعطلت فيها الإمدادات بالأدوية والتكنولوجيات.
وتُعدُّ اضطرابات الصحة النفسية أيضاً سببًا رئيسيًا في عبء الأمراض في الإقليم، حيث إن غالبية الأشخاص الذين يعانون من درجات متوسطة إلى حادة من اضطرابات الصحة النفسية ليس لديهم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة. وتطرح الاستراتيجية العالمية للصحة النفسية قائمة شاملة بالتدخلات لتعزيز برامج الصحة النفسية الوطنية وتحسين الحصول على الرعاية. وقد أثمر العمل المكثَّف مع الخبراء الدوليين والإقليميين عن وضع إطار عمل إقليمي أكثر تركيزًا لتعزيز العمل المتصل بالصحة النفسية، وهو حاليًا متاح للبلدان. ويقدِّم إطار العمل مجموعة من التدخلات الـمُسنَدَة بالبيِّنات عالية المردود وميسور التكلفة، والتي إن نُفذت، سيكون لها أثر كبير على تحسين الصحة النفسية للسكان. ويشمل إطار العمل إجراءات في أربعة مجالات، هي: الحوكمة، والرعاية الصحية، وتعزيز الصحة والوقاية، والترصد والرصد. وتستطيع البلدان كافة تنفيذ هذه الإجراءات بصرف النظر عن مستوى دخل أي منها.
وتتزايد أهمية الصحة البيئية بالنسبة للإقليم؛ فتلوث الهواء ومياه الشرب غير المأمونة وسوء مستوى النظافة وتلوث الغذاء والتعرض للمواد الكيميائية جميعها من المسائل المثيرة للقلق بشكل خاص، علاوة على الآثار المتوقعة لتغير المناخ على الصحة. وقد اعتمدت اللجنة الإقليمية، في عام 2013، استراتيجية إقليمية بشأن الصحة والبيئة مع إطار عمل للفترة من 2014 إلى 2019. وبالتالي، وضع العديد من البلدان أطر عمل وطنية، بينما تعكف بلدان أخرى على تنفيذ الاستراتيجية الإقليمية. كما تم الانتهاء من بعثات تقييم سلامة الغذاء وإعداد الموجزات الوطنية في 15 بلدًا. وتتابع منظمة الصحة العالمية والبلدان تنفيذ النتائج والتوصيات، وجاري العمل على إعداد خطة عمل إقليمية لتعزيز نظم سلامة الغذاء.
السبيل إلى المضي قدمًا
سوف يقدِّم جميع الدول الأعضاء، في عام 2018، إلى الاجتماع الرفيع المستوى الثالث المعني بالأمراض غير السارية للجمعية العامة للأمم المتحدة، تقاريرها بشأن التقدم الـمُحرز في تنفيذ أهم الالتزامات التي نص عليها الإعلان السياسي لعام 2011، والواردة في إطار العمل الإقليمي. وقد وُضِع لذلك مؤشرات واضحة وسوف تستخدم في قياس التقدُّم المحرز في هذا المضمار. ويشير استعراض للمؤشرات أُجري مؤخرًا أن الأمر لم يزل يتطلب جهوداً كثيرة؛ فعلى سبيل المثال، لم يحقق التنفيذ الكامل سوى 9% من البلدان بالنسبة لفرض الضرائب على التبغ، و18% بالنسبة لفرض قيود على التسويق للأطفال، و27% بالنسبة لإجراء مسوحات على عوامل الخطر. وربما لا توجد مجالات تكون فيها الإجراءات المستهدفة والملتزمة بإطار زمني على هذه الدرجة من الوضوح مثلما هو الحال في مجال الاستجابة للأمراض غير السارية.
وقد بدأ التقدُّم يتحقق بالفعل وبات الأمر يكتسب زخماً لدى القيادات السياسية والصحية. والسبيل الوحيد للدول الأعضاء لمواجهة أكثر الأمراض فتكاً في العالم هو تسريع وتيرة التقدَّم الذي تحقق حتى الآن لتحقيق الأهداف من الآن وحتى 2025. وبالنسبة لعام 2018، فإنه ينبغي على البلدان أن تفي بالالتزامات الواردة في إطار العمل الإقليمي.