الوضع في عام 2012
تمثل صحة الأمهات والأطفال واحدًا من هواجس الصحة العمومية في الإقليم، حيث تستأثر بعض البلدان بأعلى معدلات وفيات بين الأمهات والأطفال على مستوى العالم، بينما بلدان أخرى عديدة لديها أقل المعدلات. وفي عام 2012، أشارت التقديرات إلى أن عدد الأمهات والأطفال الذين يلقون حتفهم يوميًا لأسباب يمكن تجنبها يبلغ 80 و2400 حالة على التوالي. ومن بين هذه الوفيات بين الأمهات والأطفال في الإقليم، كان 95% منها في البلدان التسعة التي تنوء بعبءٍ ثقيلٍ من هذه الوفيات، وكان 45% من الوفيات دون سن الخامسة بين حديثي الولادة. وفي الفترة ما بين 1990 و2012، انخفض معدل وفيات الأمهات بنسبة 42%، كما انخفض معدل الوفيات دون سن الخامسة بنسبة 45%. إلا أن معدلات الانخفاض المشار إليها لم ترتقِ إلى المستوى المخطط له لتحقيق غايات الأهداف الإنمائية للألفية لعام 2015.
وترجع معدلات وفيات الأمهات والأطفال المرتفعة في الإقليم بشكل رئيسي إلى الثغرات الموجودة في النظم الصحية والتحديات الماثلة أمامها، خاصة عدم كفاية القوى العاملة الصحية، وعدم إمكانية الوصول إلى الأدوية الأساسية، ونظم الإحالة غير العاملة، وتدني جودة الرعاية بالإضافة إلى سوء التغذية. ولم يزل مستوى الإرادة والالتزام الحكوميين فيما يتعلق بصحة الأمهات والأطفال غير كافٍ، كما أن آليات التمويل غير كافية لضمان تغطية شاملة بخدمات صحة الأمهات والأطفال. ويزداد الوضع صعوبة في البلدان التي يسود فيها عدم الاستقرار والنزاعات والأزمات الممتدة. ويأتي التنسيق والملاءمة فيما بين الشركاء وأصحاب المصلحة والقطاعات الأخرى من ضمن أوجه التعزيز اللازمة التي جرى تحديدها في البلدان ذات معدلات الوفيات المرتفعة.
وإدراكًا منها لأهمية تعزيز جهود الحكومات والشركاء والجهات المانحة استجابة للاحتياجات الصحية للأمهات والأطفال، فإن منظمة الصحة العالمية واليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان قد شرعت، بالتعاون مع الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة الآخرين، في تنفيذ مبادرة إقليمية لإنقاذ حياة الأمهات والأطفال. وكان الهدف من ذلك أيضًا تسريع وتيرة التقدم نحو تحقيق الهدفين 4 و5 من الأهداف الإنمائية للألفية بشأن خفض معدَّل وفيات الأطفال والأمهات. وأقرت هذه المبادرة نُهُجًا استراتيجية تستهدف إعطاء الأولوية للبلدان التي تعاني من ارتفاع معدلات وفيات الأمهات والأطفال، والتركيز على تدخلات عالية المردود نٌفذت في مجال الرعاية الصحية الأولية وثبُتت فاعليتها، وكذلك تعزيز الشراكات.
التقدم الـمُحرز في الفترة 2012 - 2016
شاركت الدول الأعضاء منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف وأصحاب المصلحة في اجتماع عالي المستوى في كانون الثاني/يناير 2013 لإطلاق المبادرة. ولقد انتهى هذا الاجتماع إلى إصدار إعلان دبي تحت عنوان "إنقاذ حياة الأمهات والأطفال: معًا لمواجهة التحدي"، والذي وفَّر الزخم اللازم ورسم سبيل المضي قدماً أمام البلدان والشركاء.
وقد اعتمدت اللجنة الإقليمية إعلان دبي في تشرين الأول/أكتوبر 2013، الأمر الذي عكس التزام الدول الأعضاء بدعم صحة الأمهات والأطفال كإحدى أولوياتها على جدول الأعمال الوطني للصحة. وأجرت البلدان التسعة التي تنوء بعبءٍ ثقيلٍ من هذه الوفيات تحليلاً لأوضاع صحة الأمهات والأطفال، حيث حددت الثغرات والتدخلات عالية المردود الرامية إلى معالجة وفيات الأمهات والأطفال. وتم وضع خطط لتسريع وتيرة التوسع في التدخلات المسنَدَة بالبيِّنات والتي لها أثر كبير على الصحة الإنجابية وصحة الأمهات والولدان والأطفال. وأطلقت سبعة بلدان من التسعة خططها مع قيادات سياسيين بارزة باستخدام الاعتمادات المالية الأولية المخصصة من مصادر التمويل المحلية والجهات المانحة، علاوة على الاعتمادات المالية الأخرى من الإقليم ومن برنامج منظمة الصحة العالمية للتعاون القُطري. وأُجريت مسوحات إقليمية لتقييم المبادرة وتم البدء في بناء القدرات لمديري برنامج الصحة الإنجابية وصحة الأمهات والولدان والأطفال. وأُعِدت أدوات لتحسين تقييم العدوى ومكافحتها وقياس مدى جودة معايير خدمات صحة الأمهات والأطفال. كما أُجري تقييم للقوى العاملة في مجال صحة الأمهات والأطفال لكل البلدان التي تنوء بعبء مرتفع، مع تقديم توصيات مهمة لمعالجة الثغرات في إتاحة التدريب وتوزيعه وجودته.
ويستمر تعزيز نظم المعلومات الصحية بوصفه أحد العوامل المهمة في تحسين صحة الأمهات والأطفال. وترصد وفيات الأمهات حاليًا في مراحل مختلفة من التنفيذ على مستوى بلدان الإقليم. وقد أُطلقت مبادرات لتعزيز هذا الترصد، وتخضع أدوات ترصد وفيات الفترة المحيطة بالولادة للاختبار حالياً على المستوى القُطري. وعُقدت اجتماعات بين البلدان وبعثات قُطرية بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف لتحديد التدخلات ذات الأولوية التي تستهدف تحديد الأسباب الرئيسية للوفيات التي يمكن تجنبها، وذلك لتسريع وتيرة الخطط المتعلقة بصحة الأمهات والأطفال.
واستمرارًا للشراكة التي تهدف إلى تحسين نتائج صحة الأمهات والأطفال في الإقليم، وتماشيًا مع أهمية سلسلة الرعاية طوال فترة الحياة، فقد تم تعزيز الرعاية السابقة على الحمل ضمن برامج صحة الأمهات والأطفال. وتلتزم الدول الأعضاء بتعزيز تنفيذ حزمة الرعاية السابقة على الحمل، وذلك من خلال اعتماد وتنفيذ تدخلات مسنَدَة بالبيِّنات وعالية المردود ومراعية للثقافة السائدة ويكون لها كبير الأثر على صحة الأمهات والأطفال، وهي التدخلات التي تعرف بـ"أفضل الصفقات".
ومع نهاية عام 2015، أُحرز تقدم كبير نحو تحقيق الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية في الإقليم؛ ففي الفترة ما بين 1990 و2015، انخفض معدل وفيات الأمهات بنسبة 54% (الشكل 3)، كما انخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 48% (الشكل 4). وحققت ثمانية بلدان الهدف الرابع من الأهداف الإنمائية للألفية، بينما حققت ثلاثة بلدان الهدف الخامس. ومن ضمن البلدان التسعة التي تنوء بعبء ثقيل من وفيات الأمهات والأطفال، استطاع بلدان فقط تحقيق الهدف الرابع.
السبيل إلى المضي قدماً
يجب أن تظل صحة الأمهات والمواليد والأطفال من ضمن الأولويات في كل البلدان بصرف النظر عن مستوى الدخل أو وضع التنمية بها. ويجب أن يتم الحفاظ على التقدم الذي تم إحرازه في البرامج التي أُطلقت بالفعل، مع مراعاة الجداول الزمنية بالنسبة لعمليات التنفيذ في المستقبل. وسوف تستمر المنظمة في دعم البلدان التي تنوء بأعباء ثقيلة والبلدان التي تعاني من حالات طوارئ. ونظرًا لتأثيرهما على معدل المرض والوفيات وصحة المواليد والنمو في مرحلة الطفولة، تصاعدت أهمية صحة المراهقين والرعاية السابقة على الحمل ليصبحان ضمن أولويات الإقليم. كما أن المبادرات التي تستهدف الرعاية الصحية الشاملة وتحسين جودة الرعاية تحظى أيضًا بأهمية بالنسبة لصحة الأمهات والأطفال.
وينبغي على كل البلدان الالتزام بإعداد أو تحديث خططها الاستراتيجية للفترة ما بين 2016 إلى 2020 فيما يتعلق بالصحة الإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والمراهقين، وذلك وفقًا لما أقرته اللجنة الإقليمية في تشرين الأول/أكتوبر 2015 ووفقُا للاستراتيجية العالمية للأمم المتحدة لصحة المرأة والطفل والمراهق. ويجب أن يبدأ التصدي لأوجه الإجحاف الصحي من خلال معالجة المحددات الاجتماعية للصحة في مراحل تخطيط كافة المبادرات الخاصة بصحة الأمهات والأطفال.